كثّف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يتعرض لانتقادات بسبب تعامل إدارته مع ملفات جيفري إبستين، هجماته على الرئيس السابق باراك أوباما، مُتّهماً إياه بـ«الخيانة»، وداعياً إلى ملاحقته مع المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية وزيرة الخارجية سابقاً هيلاري كلينتون.
وكان ترمب يتحدث مع الصحافيين في البيت الأبيض، وغضب من أسئلة وُجّهت إليه في شأن علاقته بإبستين الذي أدانته المحكمة بالاتجار بالفتيات، عادَّاً أنها «حملة شعواء» من منافسيه ووسائل الإعلام. وقال إن «الحملة الشعواء التي يجب أن نتحدث عنها هي أنهم قبضوا على الرئيس أوباما».
وكان ترمب يُشير على ما يبدو إلى إرسال مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد إحالات جنائية إلى وزارة العدل، مرتبطة بتقرير نُشر الجمعة يؤكد أن مسؤولين في إدارة أوباما كانوا جزءاً من «مؤامرة خيانة». وقالت غابارد إن أوباما وفريقه «اختلقوا معلومات استخباراتية» بشأن تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية «لوضع الأساس لانقلاب استمر لسنوات ضد الرئيس ترمب».
رجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين في صورة التقطت لسجله في قسم خدمات العدالة الجنائية في نيويورك (رويترز)
وعندما سُئل الرئيس الجمهوري عن الشخص الذي يجب ملاحقته على خلفية تقرير غابارد خلال مؤتمر صحافي في المكتب البيضاوي مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الذي يزور الولايات المتحدة، قال ترمب: «بناءً على ما قرأته (…) سيكون الرئيس أوباما. هو من بدأ ذلك». كما أشار ترمب إلى أن الرئيس السابق جو بايدن الذي كان وقتها نائب أوباما، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي، ومدير الاستخبارات الوطنية السابق جيمس كلابر، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق جون برينان، كانوا جزءاً من مؤامرة. لكنه قال إن «زعيم العصابة» هو أوباما، مُتّهماً إياه بأنه مذنب «بالخيانة».
وتناقض تقرير غابارد، الذي تحدث عن «مؤامرة خيانة» من كبار المسؤولين في عهد أوباما، مع دراسة أجرتها لجنة الاستخبارات لدى مجلس الشيوخ، ووقَّع عليها جميع الأعضاء الجمهوريين آنذاك في اللجنة، وبينهم وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو.
وفي سياق الجدل المستمر بشأن «ملفّات إبستين»، ظهرت تقارير جديدة حول علاقة ترمب برجل الأعمال الأميركي المتّهم بالاتّجار بقاصرات، والذي قضى في زنزانته في 2019. ونشرت شبكة «سي إن إن» الأميركية للتلفزيون صوراً لإبستين في حفل زفاف ترمب وزوجته الثانية مارلا مابلز، عام 1993. ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» تصريحات ترمب ضد أوباما بأنها «مثال صارخ على حملته الانتقامية ضد قائمة متزايدة من الخصوم لا مثيل لها في التاريخ الأميركي».
الرئيس السابق باراك أوباما (د.ب.أ)
قد يهمك أيضًا: بعد انهيار جزء منه… خروج 31 عاملاً بسلام من نفق قيد الإنشاء في لوس أنجليس
واستدعت هذه التصريحات رداً نادراً من مكتب أوباما، الذي قال الناطق باسمه باتريك رودنبوش إن «هذه الادعاءات الغريبة سخيفة ومحاولة واهية لصرف الانتباه»، مضيفاً أن «لا شيء في الوثيقة الصادرة الأسبوع الماضي يقوض الاستنتاج المتعارف عليه بأن روسيا عملت على التأثير في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، لكنها لم تنجح في التلاعب بأي أصوات».
وبدأت إدارة إعادة النظر في المعلومات الاستخبارية المتعلقة بانتخابات عام 2016 بأمر من مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» جون راتكليف بمراجعة أساليب عمل الوكالة التي أدرجت في تقييم مجتمع الاستخبارات في ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام. ووجهت المراجعة انتقادات شديدة لإدارة أوباما والمدير السابق لـ«سي آي إيه» جون برينان. واعترض محللو الوكالة على سرعة التقييم واتهموا برينان بالسماح لملف غير موثق أعده ضابط الاستخبارات البريطاني السابق كريستوفر ستيل بالتأثير على التقييم.
وكتب راتكليف على منصات التواصل الاجتماعي، إن المراجعة أظهرت أن العملية فاسدة، ثم أحال القضية إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).
وفي الأسبوع الماضي، أصدرت غابارد تقريراً آخر انتقدت فيه نتائج تقييم الاستخبارات بشكل أكثر مباشرة. واستندت إلى وثائق رُفعت عنها السرية أخيراً، قائلة إنها تُظهر أن أوباما وفريقه للأمن القومي «فبركوا معلومات استخبارية واستخدموها سياسياً لتمهيد الطريق لانقلاب استمر لسنوات ضد الرئيس ترمب». وتتعلق الأدلة باستنتاج مجتمع الاستخبارات بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرّر التدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 لصالح ترمب.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال قمّة في هلسنكي 16 يوليو (أرشيفية – رويترز)
وأشار التقرير الجديد إلى أنه في شتاء 2016، غيّر مسؤولو الاستخبارات، تحت ضغط من البيت الأبيض، تقييمهم من أن روسيا فشلت في بذل جهد كبير لاختراق البنية التحتية للانتخابات إلى أن الكرملين كان يحاول تعزيز فرص ترمب وتشويه سمعة كلينتون.
غير أن تقرير غابارد خلط بين نتيجتين استخباراتيتين مختلفتين. إذ خلص مسؤولو الاستخبارات إلى أن روسيا لم تقم بأي جهد كبير لاختراق أنظمة الانتخابات وتغيير الأصوات. لكنهم يعتقدون أيضاً أن روسيا حاولت التأثير على الانتخابات بطرق مختلفة من خلال نشر وثائق لإلحاق الضرر بكلينتون.
كما دعت غابارد إلى إجراء تحقيق جنائي مع عدد من مسؤولي إدارة أوباما، من دون تسميتهم.