رداً على اعتداءات الشرطة الإسرائيلية، مساء الخميس، على مظاهرة منددة بالحرب على غزة في حيفا، واعتقال 25 شابةً وشاباً من المتظاهرين، خرج آلاف المواطنين العرب (فلسطينييّ 48)، الجمعة، في عدة مظاهرات ضد الحرب. وقد حرص المتظاهرون على حمل طناجر وأوانٍ أخرى فارغة رمزاً للجوع في غزة، وراحوا يطرقونها بالعصي.
ورفع المتظاهرون شعارات تندد بالحرب وما تحتوي عليه من تدمير وتجويع وتعطيش في غزة مثل: «نتنياهو – كم طفلاً قتلت اليوم؟»، و«غزة تموت جوعاً»، و«التجويع جريمة حرب»، و«أوقفوا هذه الحرب الإجرامية».
كانت الشرطة هاجمت مظاهرة حيفا بالاعتداء العنيف، وفي البداية أعلنت أنها غير قانونية، ثم بدأت بتمزيق الشعارات واعتقال من يحملها من الشباب والصبايا. واعتقلت 25 شخصاً منهم لعدة ساعات حتى الفجر ثم أطلقت سراحهم بكفالة.
وجاء في بيان لمركز «عدالة» القانوني أن الشرطة زعمت أن المظاهرة غير قانونية، لكنها في الوقت نفسه سمحت لمظاهرة مضادة نظمها نشطاء من اليمين المتطرف بأن تُقام في المكان نفسه دون أي إعاقة. هذا يشكل تطبيقاً انتقائياً للقانون ويؤكد مرة أخرى على الاستغلال السياسي من قبل الشرطة لحق التظاهر، وهو حق أساسي للجميع.
وأضاف البيان: «العنف الذي استخدمته قوات الشرطة، بما في ذلك الدفع والضرب واعتقالات بلا أساس، هو عنف مرفوض وخطير. (مركز عدالة) سيعمل على إجراء تحقيق مستقل في سلوك الشرطة خلال المظاهرة».
اقرأ ايضا: الصحة السورية: نتحرك لإرسال قافلة طبية مع فرقها إلى محافظة السويداء
وقد رد المواطنون العرب على هذا القمع بإطلاق مظاهرات في عدة بلدات عربية ضد الحرب والتجويع في غزة. وشهدت مدينة سخنين، بعد ظهر اليوم الجمعة، المظاهرة القُطرية الوحدوية ضد حرب التجويع والإبادة في غزة، فكانت أكبر مظاهرة ضد الحرب منذ اندلاعها. وكان لافتاً حضور ومشاركة القوى اليهودية المناهضة للحرب.
وانطلقت المظاهرة من ساحة الشهداء، وسارت حتى ساحة البلدية، يتقدمها قادة الأجسام المبادرة لها، وهي لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، واللجنة الشعبية في سخنين، ومختلف القوى الوطنية والسياسية في المجتمع العربي.
كما شاركت «شراكة السلام» اليهودية العربية، التي أصدرت بياناً أكّدت فيه التمسك بالرسائل الوحدوية للمظاهرة، والابتعاد عن المظاهر الفئوية أو الحزبية. وأكدت أن المظاهرة ترفع عنواناً مركزياً ضد الحرب والتجويع على غزة، وما يرافقها من تصاعد الفاشية والاعتداءات السياسية على المواطنين العرب والقوى الديمقراطية، ومن أجل السلام والمساواة والديمقراطية. ونهيب بالجميع الالتزام بهذه الرسائل، وتغليب المشترك على كل ما هو فئوي أو حزبي، والامتناع عن رفع الأعلام والرموز الحزبية.
وأكد رئيس لجنة المتابعة أن هذه المظاهرة هي جزءٌ من مسلسل نشاطات احتجاج على الحرب الإجرامية سيتوج بالإضراب عن الطعام الذي يبدأه قادة المجتمع العربي في إسرائيل لمدة ثلاثة أيام، ابتداءً من يوم الأحد المقبل، في قلب مدينة يافا، الذي سيختتم في اليوم الثالث بمظاهرة قبالة مقر السفارة الأميركية في تل أبيب، باعتبار الولايات المتحدة داعماً رئيسياً للحكومة الإسرائيلية وشريكة في ممارساتها.
وأشارت «هآرتس»، في تقرير لها، الجمعة، إلى أن الشرطة تنفذ اعتداءات عنصرية على العرب عندما يقيمون مظاهرات سلمية، بينما تترك اليمين العنيف يتظاهر ويشتم وينفذ الاعتداءات ولا تتدخل. وكشفت عشرات المقاطع المصورة، التي وثقت ما جرى في مركز تجاري بمدينة نِس تسيونا، السبت الماضي، مشاهد واضحة لاعتداءات عنيفة تعرّض لها النائب أيمن عودة. وتظهر في المقاطع مجموعات من الفاشيين وهم يحيطون بسيارة عودة، يضربونها ويبصقون عليها، ويرشقونه بزجاجات وأكياس قمامة أثناء إلقائه كلمة من على منصة، بل قام بعضهم بانتزاع الميكروفون منه، ومحاولة الاعتداء عليه بعصا تحمل علماً. كما أُطلقت تجاهه الشتائم بشكل متواصل، وهتافات عنصرية تحريضية من قبيل «الموت للعرب».
وقالت الصحيفة إن «هذه الاعتداءات، إلى جانب فشل الشرطة الواضح في ردع المتظاهرين الفاشيين والعنيفين، تم توثيقها من زوايا متعددة ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي تحليل لها بمساعدة باحثي شبكات من منظمتَي (بروييكت أليموت) و(فيك ريبورتر)، اللتين توثقان حالات العنف ضد المتظاهرين، اتضح أنه كان بإمكان الشرطة التعرّف على العديد من المعتدين، إلا أنها لم تعتقل سوى ثلاثة أشخاص فقط، أُطلق سراحهم بزعم عدم كفاية الأدلة.