سادت حالة من الصمت الرسمي في القاهرة وأنقرة زادت من الغموض حول الوجهة التي رُحل إليها العنصر الإخواني، القيادي بحركة حسم «الإرهابية»، محمد عبد الحفيظ، من جانب السلطات التركية التي أوقفته قبل أيام في مطار إسطنبول لدى عودته من أفريقيا، وذلك بعد ساعات من إعلان القاهرة «تورطه في مخطط تخريبي» أحبطته أجهزة الأمن المصرية.
ومساء الخميس، كتبت زوجة عبد الحفيظ منشوراً عبر صفحته على «فيسبوك»، مؤكدة أنه «تم ترحيله من تركيا دون الإشارة إلى الوجهة التي تم ترحيله لها»، مشيرة إلى «ما يقوم به محامو الأسرة من محاولات لإعادته إلى تركيا مرة أخرى، حيث توجد أسرته وأطفاله».
وعبر موقع «إكس»، غردت المحامية التركية، غولدان سونماز، التي تتولى ملف عبد الحفيظ، مؤكدة قرار ترحيله خارج تركيا دون توضيح الوجهة أيضاً، وشددت على أن هناك منظمات حقوقية ونشطاء داخل تركيا تقدموا للسطات بمطالبات لمنع ترحيله دون جدوى.
ولم يصدر في أنقرة أي بيان رسمي عن هذه القضية حتى الآن. وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على تعليق من «الخارجية التركية» حول الوجهة التي تم ترحيل العنصر الإخواني إليها لكن لم يتسن ذلك، كما لم تستجب وزارتا «الخارجية» و«الداخلية» بمصر لطلب التعليق حول ما إذا كان تم ترحيله للقاهرة من عدمه.
فيما قال المحلل السياسي المختص في الشؤون التركية، فراس رضوان أوغلو لـ«الشرق الأوسط» إنه من «المتعارف عليه بتركيا، في حالة الاحتجاز والمنع من الدخول في المطار، أن يتم ترحيل الشخص إلى حيث أتى، أي إعادته للدولة القادم منها إلى تركيا وقت توقيفه».
ونوه رضوان أوغلو إلى أنه «لا توجد اتفاقية تسليم مطلوبين بين تركيا ومصر، وأيضاً ستكون هناك مشكلة لدى تركيا حين تسليم مطلوبين لدول بها عقوبة الإعدام؛ لأنها موقعة على اتفاقية مع دول الاتحاد الأوروبي تمنع عقوبة الإعدام، وبالتالي فالمرجح إما ترحيله لوجهة اختارها، وإما إعادته للدولة التي جاء منها»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «تركيا لا تتهاون مطلقاً مع أي قضايا أو أعمال إرهابية يثبت التخطيط لها من أراضيها، وهناك تعاون أمني كبير حالياً بين أنقرة والقاهرة».
وكانت تقارير تحدثت عن أن عبد الحفيظ كان عائداً من دولة كينيا في أفريقيا لدى توقيفه في مطار إسطنبول، «مما يرجح إعادته إليها»، بينما أشارت تقارير أخرى إلى «احتمال أن يكون تم ترحيله إلى بريطانيا بناء على اختياره».
لقطة من فيديو بثته وزارة الداخلية المصرية أكدت فيه «تورط عبد الحفيظ في عمليات إرهابية»
قد يهمك أيضًا: إعلام عبري: الكنيست يوافق على مشروع القانون المتعلق بفرض السيادة “الإسرائيلية” في الضفة الغربية
وبحسب مصدر مصري مطلع، فإن «إدارة التعاون الدولي وتنفيذ الأحكام بالنيابة العامة المصرية تضع لدى الإنتربول (الشرطة الدولية) ملف عبد الحفيظ ضمن المطلوبين لتنفيذ أحكام قضائية، وكذلك ضمن الصادر لهم أوامر ضبط وإحضار قضائية للتحقيق في جرائم إرهابية، ومن ثم فهناك تتبع له أينما وجد، وهذا الطريق القانوني الدولي بعيد عن المسار الدبلوماسي بين الدول». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى الآن لم يرد للسلطات القضائية رسمياً ما يفيد بإحضار العنصر المذكور لمصر لاتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية بحقه».
وكان مصدر مصري قد تحدث في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «(الخارجية المصرية) طالبت نظيرتها التركية بتسليم عبد الحفيظ في ضوء ما جمعه الأمن من أدلة تفيد بتورطه في التخطيط من داخل تركيا لمخطط تخريبي كانت ستنفذه حركة (حسم) الإخوانية بمصر».
والأحد الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، استهداف وكر لعناصر «إرهابية» بالجيزة، تابعين لحركة «حسم»، الجناح المسلح لجماعة «الإخوان» المحظورة، واتهمتهم بمحاولة تنفيذ عمليات تخريبية بالبلاد. ووفق «الداخلية المصرية»، فإن «قيادات المخطط التخريبي هاربون في دولة تركيا».
منشور على «فيسبوك» لأسرة العنصر «الإخواني» الهارب من مصر محمد عبد الحفيظ
وبعد 24 ساعة، احتجزت السلطات التركية، الاثنين، الناشط الإخواني المطلوب للسلطات المصرية محمد عبد الحفيظ في مطار إسطنبول خلال عودته من رحلة عمل. ووفقاً لما كتبته زوجته على «فيسبوك»، «تم توقيف زوجها وإبلاغه بعدم السماح له بالدخول وهُدِّد بترحيله»، بينما أعربت عن خشيتها من تسليمه إلى مصر.
وعبد الحفيظ مطلوب لدى القاهرة في قضايا تتعلق باستهداف الطائرة الرئاسية للرئيس عبد الفتاح السيسي، واغتيال ضباط وشخصيات عامة.
وبحسب وزارة الداخلية المصرية، الأحد الماضي، فإن قيادات حركة «حسم» الهاربة إلى تركيا، أعدَّت وخطَّطت لمعاودة إحياء نشاطها، وارتكاب عمليات عدائية تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية، ودفعت بأحد عناصر الحركة الهاربين بإحدى الدول الحدودية، والسابق تلقيه تدريبات عسكرية متطورة بها، إلى التسلل للبلاد بصورة غير شرعية؛ لتنفيذ المخطط المُشار إليه.
وذكرت الوزارة أن من بين القيادات المتهمة في هذه العمليات، محمد عبد الحفيظ عبد الله عبد الحفيظ، المحكوم عليه بكثير من القضايا، منها السجن المؤبد في القضية رقم 64 / 2016 جنايات عسكرية شمال القاهرة؛ لمحاولة استهداف عدد من الشخصيات المهمة، والسجن المؤبد في القضية رقم 120 / 2022 جنايات عسكرية شرق القاهرة لمحاولة استهداف الطائرة الرئاسية، واغتيال ضابط الشرطة المقدم ماجد عبد الرازق.