الثلاثاء, يوليو 29, 2025
الرئيسيةالاخبار العاجلةالجزائر: سجن وغرامات لمن لا يُبلِّغ عن أجانب «معادين»

الجزائر: سجن وغرامات لمن لا يُبلِّغ عن أجانب «معادين»

​بات المواطن الجزائري، منذ يوم الأحد، عرضة للسجن في حال تعمد عدم التبليغ عن وجود رعية على التراب الوطني، تنتمي إلى دولة مصنفة «معادية»، وكان على علم بذلك، بموجب قانون ينظم الانتقال من حالة السلم إلى حالة الحرب.

واعتمدت الجزائر قانوناً جديداً حول «التعبئة العامة»، دخل حيز التنفيذ عقب نشره في الجريدة الرسمية يوم الأحد 27 يوليو (تموز) 2025. ويُعرّف هذا القانون التعبئة العامة بأنها «تحوُّل من وضع السلم إلى وضع الحرب».

وينص القانون على أن التعبئة العامة هي «مجموعة من الإجراءات الواجب اتخاذها لضمان أعلى درجات الفاعلية في انتقال القوات المسلحة، وهياكل الدولة، والمؤسسات الوطنية، والاقتصاد الوطني، من حالة السلم إلى حالة الحرب، وتسخير القدرات الوطنية لخدمة المجهود الحربي».

ويعرَّف المجهود الحربي بأنه «تعبئة كل -أو جزء- من القدرات والموارد البشرية والوسائل المادية والاقتصادية والمالية للدولة، وتكييف الإنتاج الصناعي مع احتياجات القوات المسلحة».

قانون التعبئة العامة يمنح صلاحيات كبيرة للجيش (وزارة الدفاع)

كذلك ينص القانون على أن الحكومة التي بادرت به وصادق عليه البرلمان «ليس إعلاناً بتنفيذ التعبئة؛ بل هو خطوة تنظيمية تهدف إلى التحصين القانوني والجاهزية الوطنية». بصياغة أخرى: وضعت الدولة قاعدة قانونية ومدروسة لتفعيل التعبئة، إذا لزم الأمر.

وحسب النص القانوني نفسه، تُعلَن التعبئة العامة بمرسوم من رئيس الجمهورية، بعد اجتماع لمجلس الوزراء، في حال: تهديد وشيك للمؤسسات الدستورية، وخطر على استقلال البلاد أو سلامة أراضيها، وفي حال تعرضها لعدوان فعلي أو وشيك.

ويعتمد تنظيم التعبئة العامة على مجموعة من الإجراءات المعدَّة في زمن السلم، والتي تُنفَّذ بشكل دائم عند تفعيل التعبئة. وترتكز على 8 محاور أساسية: تفعيل الإطار التشريعي والتنظيمي المنظّم للتعبئة العامة، وإنشاء آليات مكلّفة بأنشطة التعبئة العامة، وإعداد خطط التعبئة العامة، واختبار فاعلية هذه الخطط وتحديثها بانتظام، وتشكيل احتياطات تعبئة عامة، وتسخير الأشخاص والممتلكات والخدمات لخدمة المجهود الحربي، والتنسيق بين جميع الجهات المعنية، وتوعية المجتمع المدني والمواطنين.

كما يوضح القانون أن وزارة الشؤون الخارجية مكلفة بـ«توعية الجزائريين المقيمين في الخارج بدورهم في التعبئة العامة، في إطار التزامهم بالدفاع عن الوطن».

نواب من الأغلبية الرئاسية خلال مناقشة قانون التعبئة العامة (البرلمان)

تصفح أيضًا: كاتس يتوعد الحوثيين بـ«ثمن باهظ»… وموجة جديدة من الغارات

توضح «المادة 33» من القانون، تفاصيل التنفيذ العملي للتعبئة العامة، وتشمل: تحويل الجيش من وضعية السلم إلى حالة الحرب، وتعليق تسريح العسكريين من الخدمة، واستدعاء أفراد الاحتياط، واتخاذ وزارات الدولة الإجراءات المناسبة، وتنفيذ أحكام الدفاع الشعبي، وتسخير الأشخاص والوسائل والممتلكات، وتعليق تقاعد الموظفين في المناصب الحساسة، ومتابعة وزارة الدفاع، بالتنسيق مع الوزارات الأخرى، لتسيير وسائل الإنتاج المساهمة في المجهود الحربي.

وفي حال إعلان التعبئة العامة من طرف رئيس الجمهورية، يُلزَم كل مواطن جزائري بما يلي: الاستجابة الفورية لأوامر الاستدعاء أو الاسترجاع للخدمة، والامتثال الفوري لتدابير الدفاع الشعبي، والامتثال لأوامر التسخير (الأشخاص، والممتلكات، والخدمات)، والالتزام بتعليمات السلطات المعنية المرتبطة بحالة التعبئة العامة، والامتناع عن نشر أو تبادل أي معلومات قد تمس بالتعبئة العامة أو تؤثر سلباً في تنفيذها؛ خصوصاً عبر وسائل الاتصال الحديثة.

ومن أكثر مواد القانون إثارة للجدل: «المادة 57» التي تقول: «يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين وبغرامة من 60 ألف دينار (نحو 460 دولاراً) إلى 200 ألف دينار (840 دولاراً)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يمتنع عمداً عن تبليغ مصالح الأمن المختصة، بوجود كل رعية من الدولة أو الدول المعادية، في الإقليم الجزائري، ومع علمه بذلك».

قرار إصدار قانون للتعبئة العامة اتُّخذ في مجلس الوزراء يوم 20 أبريل 2025 (الرئاسة)

وفي غياب تحديد المقصود بـ«الدولة المعادية» في النص القانوني، يُترك المجال مفتوحاً للتأويل.

وجاء إقرار قانون التعبئة العامة في سياق إقليمي يتسم بتصاعد التوترات الأمنية والدبلوماسية على جبهات عدة. فقد شهدت الحدود الجنوبية حادثة إسقاط طائرة مُسيَّرة تابعة لدولة مالي داخل المجال الجوي الجزائري مطلع أبريل الماضي، وهو ما تسبب في أزمة دبلوماسية حادة مع دول الساحل؛ خصوصاً مالي والنيجر. وقالت الرئاسة الانتقالية في باماكو، إن إسقاط سلاح الجو الجزائري المُسيَّرة: «هو بمثابة إعلان حرب من طرف واحد».

وفي الجهة الغربية، لا تزال العلاقات مع المغرب مجمدة منذ قرار الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية في عام 2021، بسبب الخلافات العميقة حول نزاع الصحراء الغربية، إضافة إلى اتهامات جزائرية للمغرب بـ«التحريض وزعزعة الاستقرار الداخلي من خلال دعم حركات انفصالية». هذا التوتر المزمن يزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة المغاربية.

أما على المستوى الدولي، فإن العلاقة مع فرنسا تشهد بدورها توتراً مستمراً، بسبب الدعم الذي قدمته باريس لخطة الحكم المغربية للصحراء في يوليو 2024، وهو ما فجَّر خلافاً حاداً مع مستعمرتها السابقة، إلى جانب الملفات العالقة المرتبطة بالذاكرة التاريخية والاستعمار الفرنسي في الجزائر.

وزير العدل خلال عرض مشروع قانون التعبئة العامة أمام النواب (البرلمان)

وفي الوقت الذي عبَّرت فيه الأحزاب الموالية لسياسات الرئيس عبد المجيد تبون عن دعمها لإعلان التحضير لقانون التعبئة العامة، خرج حزب «الاتحاد من أجل التغيير» المعارض، بموقف مغاير. ففي بيان أصدره نهاية أبريل الماضي، دعا الحزب إلى «فتح نقاش وطني واسع حول المشروع، يجمع السلطات مع مختلف القوى الحية في البلاد، من أحزاب سياسية وشخصيات وطنية، إلى جانب المجتمع المدني وممثلي الجالية الجزائرية في الخارج»، مؤكداً أن الأمر «يتعلق بمصير الوطن ومستقبل أجياله».

ورأى الحزب أن مشروع التعبئة العامة يُعد «إجراءً استثنائياً ونادراً، يتجاوز طبيعته القانونية، بوصفه قراراً سيادياً وسياسياً بامتياز»، وهو ما يستدعي، حسب البيان: «إطلاق مبادرة سياسية موازية تتماشى مع حجم القرار وخطورته».

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات