قفز قطاع التعدين السعودي من المركز الـ104 إلى الـ23 عالمياً في مؤشر جاذبية الاستثمار التعديني، إذ حقّق إنجازاً عالمياً غير مسبوق خلال العقد الأخير، متقدّماً على قطاعات التعدين في وجهات بارزة بآسيا وأميركا اللاتينية؛ لترسخ المملكة مكانتها بوصفها أبرز القوى الصاعدة عالمياً في قطاع التعدين.
وحسب تقرير المسح السنوي لشركات التعدين، الصادر عن معهد «فريزر» الكندي لعام 2024، سجّلت المملكة تقدماً لافتاً على مؤشر تصور السياسات في التقرير، حيث ارتفعت من المرتبة الـ82 عالمياً في عام 2013 إلى المرتبة الـ20 في عام 2024، مما يعكس الثقة العالمية المتزايدة في البيئة التشريعية والتنظيمية المستقرة بالسعودية.
كما شهد مؤشر الإمكانات الجيولوجية قفزة غير مسبوقة لقطاع التعدين السعودي، منتقلاً من المرتبة 58 عالمياً في عام 2013 إلى المرتبة الـ24 في عام 2024، ما يبرز حجم الثروات المعدنية الهائلة وغير المستغلة التي تزخر بها المملكة، والتي تدعمها أعمال المسح الجيولوجي المستمرة والاكتشافات الحديثة، وجولات التراخيص التعدينية التي تشهد إقبالاً واسعاً من كبرى الشركات الدولية.
وقال نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، المهندس خالد المديفر، إن هذا الأداء اللافت يعكس التحول الهيكلي والجهود المتكاملة التي يشهدها قطاع التعدين والمعادن في المملكة ضمن مستهدفات «رؤية 2030». وأوضح المديفر أن السعودية تمكنت خلال السنوات القليلة الماضية من بناء بيئة استثمارية تعدينية ذات تنافسية عالمية، مدعومة بتشريعات واضحة، وبيانات جيولوجية متاحة -بما في ذلك أحد أكثر برامج الخرائط الجيولوجية شمولاً لمنطقة الدرع العربية- إلى جانب حوافز تنافسية وبنية تحتية بمعايير عالمية.
وأضاف أن التركيز لا يزال منصباً على تعظيم القيمة الاقتصادية للموارد المعدنية، وتوفير فرص عمل نوعية، وتوطين سلاسل الإمداد الصناعية، خصوصاً أن قطاع التعدين أصبح محركاً رئيسياً للنمو الصناعي والاقتصادي، وسنواصل البناء على هذا الزخم لضمان نجاح مستدام لهذا القطاع الاستراتيجي.
وأكد المديفر أن تقرير «فريزر» لعام 2024 يعكس دور الإصلاحات الشاملة والجهود التي تبذلها المملكة لتطوير قطاع التعدين، وتظهر نتائجه مدى فاعلية السياسات التمكينية التي اعتمدتها السعودية لتعزيز جاذبية بيئة الاستثمار التعديني، والاستجابة السريعة من المستثمرين لتلك التحسينات، وفي الوقت ذاته تسلط الضوء على أهمية معالجة تحديات القطاع لزيادة مستوى تنافسيته.
تصفح أيضًا: الاتفاق ينتظر الاستدامة المالية لإتمام صفقة «كوكا المصري»
وتابع: «نركّز حالياً على بناء قدرات الكفاءات الوطنية، وتوسيع الشراكات الدولية، والارتقاء بجودة البيانات الجيولوجية وسهولة الوصول إليها، سعياً لترسيخ مكانة المملكة بوصفها مركزاً عالمياً موثوقاً لتأمين المعادن الحيوية التي يعتمد عليها مستقبل العالم في مجالات الصناعة والطاقة».
استخراج الموارد من أحد مواقع التعدين بالسعودية (الشرق الأوسط)
وفي السياق ذاته، أشار تقرير «فريزر» إلى أن نجاح المملكة في قطاع التعدين تحقّق بفضل التحولات التنظيمية الواسعة التي شملت أمن الحيازة، والنظام الضريبي، والتشريعات البيئية، وتطوير البنية التحتية، والمشاركة المجتمعية، ما أسهم في دخول المملكة للمرة الأولى ضمن الربع الأعلى من المؤشر. كما أكد أن المستثمرين لم يبدوا أي مخاوف بشأن الاستقرار السياسي، الذي يُعد من أبرز عناصر قوة بيئة الاستثمار بالمملكة، مشيدين ببرنامج «تمكين الاستكشاف التعديني»، بوصفه أداة فعّالة لتقليل المخاطر الاستثمارية وزيادة الثقة بالاستثمارات المبكرة.
ووفق بيانات التقرير، فقد حققت المملكة تحسّناً استثنائياً في عدة مؤشرات رئيسية بين عامَي 2013 و2024، من أبرزها تحسّن بنسبة 305.8 في المائة في وضوح النظام التعديني، وفاعلية العمل به من 17 في المائة خلال عام 2013 إلى 69 في المائة خلال عام 2024؛ مما جعلها في المرتبة الـ11 عالمياً، وتحسّن بنسبة 82.2 في المائة في تقييم الوضوح في الحفاظ على أراضي الأنشطة التعدينية من 45 في المائة في عام 2013 إلى 82 في المائة في عام 2024؛ مما جعلها في المرتبة الـ7 عالمياً، بالإضافة إلى ارتفاع بنسبة 102.2 في المائة في تقييم لوائح العمل من 45 في المائة في عام 2013 إلى 91 في المائة في عام 2024، وتحسّن بنسبة 81.8 في المائة في جودة قاعدة البيانات الجيولوجية من 33 في المائة في عام 2013 إلى 60 في المائة في عام 2024.
وأشاد التقرير بالأنظمة التنظيمية المستقرة والإصلاحات الطموحة التي عززت ثقة المستثمرين الدوليين، مؤكداً ترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة استثمارية تعدينية عالمية المستوى، ويعكس ذلك أثر السياسات الممنهجة التي قلّلت من المخاطر، ورفعت مستويات الشفافية، وحسّنت كفاءة الأنظمة، وسهّلت وصول المستثمرين إلى البيانات والمعلومات، بما ينسجم مع مستهدفات «رؤية 2030» في تنويع الاقتصاد وتطوير القطاعات الاستراتيجية.
يُذكر أن تقرير معهد «فريزر» يُعد من أكثر التقارير موثوقية على مستوى العالم في تقييم بيئات الاستثمار التعديني، ويُستند إليه من قِبل المستثمرين والحكومات والمؤسسات المالية حول العالم.