أعلنت الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات في مصر، مساء الثلاثاء، نتائج انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة البرلمانية الثانية)، التي جرت يومي 1و2 أغسطس (آب) الحالي خارج البلاد، و4 و5 من الشهر في الداخل، بنسبة إقبال بلغت 17.1في المائة، وصفها رئيس الهيئة المستشار حازم بدوي بـ«الأعلى في تاريخ المجلس».
وأشاد بدوي خلال مؤتمر صحافي، بما اعتبره «وعي الناخبين»، و«اصطفافهم أمام اللجان»، مشيراً إلى أن «نسبة مشاركة الشباب هي الأكبر بين مختلف الفئات المشاركة».
مئات الناخبين أمام إحدى اللجان للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشيوخ (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
ويحق لأكثر من 69 مليون مصري التصويت في الانتخابات، شارك منهم 11 مليوناً و837 ألفاً و882 ناخباً، بلغت نسبة الأصوات الصحيحة بينهم 95 في المائة.
ورغم أن نسبة المشاركة هي الأكبر في تاريخ المجلس، الذي عاد للحياة وفق تعديل دستوري في عام 2019، فإن أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، يرى أن «النسبة تظل منخفضة، خصوصاً بالنظر إلى حملات الدعاية الكبيرة التي سبقت الانتخابات».
وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات المجلس السابق عام 2020، 14.2 في المائة فقط.
طابور الناخبين أمام لجنة الخديو إسماعيل الثانوية في السيدة زينب (الشرق الأوسط)
وأرجع صادق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، هذا التراجع، إلى «ضعف وعي المصريين بالدور الذي يلعبه هذا المجلس، وعدم الشعور بتأثيره في حياتهم بشكل مباشر على خلاف مجلس النواب الذي يسن القوانين»، وكذلك «غياب المنافسة فيه، وتعيين الرئيس 100 من أعضائه، فيراه الناخب امتداداً للأجهزة التنفيذية».
تصفح أيضًا: استشهاد 11 فلسطينيا فى قصف الاحتلال الإسرائيلى لخيام نازحين غربى مدينة غزة
ويتكون مجلس الشيوخ، وهو مجلس استشاري، من 300 عضو، يجري انتخاب 200 منهم بالمناصفة بين نظامي «القائمة» و«الفردي»، والـ100 الآخرون يختارهم الرئيس بنظام التعيين. وتعد هذه الانتخابات هي الأولى منذ انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي لولاية ثالثة في عام 2023، بينما من المنتظر أن يجري استحقاق دستوري جديد قبل نهاية العام بانتخاب مجلس النواب (البرلمان) والمخول له سن التشريعات والموافقة على المعاهدات.
الأهالي يجلسون أمام اللجان الانتخابية (الشرق الأوسط)
وأعلنت الهيئة الوطنية فوز «القائمة الوطنية الموحدة» في الدوائر الأربع جميعاً، لحصولها على نسبة تجاوزت 5 في المائة من إجمالي الأصوات الصحيحة وفقاً للقانون.
ويؤهل نظام القائمة 100 مرشح للوصول للمجلس. ولم يكن فوز القائمة الوطنية بالصعب في ظل غياب المنافسة، إذ لم تتقدم لخوض الانتخابات سواها، وتضم 13 حزباً، بين أحزاب مؤيدة للحكومة مثل «مستقبل وطن» و«الجبهة الوطنية» و«حماة وطن»، وأخرى معارضة مثل «المصري الديمقراطي» و«الإصلاح والتنمية» و«العدل». واحتاجت القائمة إلى 5 في المائة من مجمل الأصوات حتى يُعلن عن فوزها.
وحسمت غالبية المقاعد الفردية من أول جولة، فيما تخاض جولة الإعادة على عدة مقاعد في محافظات الوادي الجديد والإسماعيلية والغربية وبني سويف والأقصر.
وحافظ حزب «مستقبل وطن» على تصدره للمشهد السياسي في مصر، سواء على نظام القائمة التي وصل منها 45 نائباً، أو على المقاعد الفردية التي حصد العديد من مقاعدها من الجولة الأولى.
وتبدأ مساء الثلاثاء فترة الدعاية الانتخابية للمرشحين في جولة الإعادة، وتجري الانتخابات في هذه الجولة يومي 25 و26 أغسطس بالخارج، تعقبها مباشرة في الداخل جولة الإعادة يومي 27 و28. وتُنشر النتيجة النهائية للانتخابات في الجريدة الرسمية 4 سبتمبر (أيلول) المقبل، وفق الجدول الانتخابي الذي سبق وأعلنته الهيئة الوطنية.
وجرت انتخابات مجلس الشيوخ تحت إشراف بعثات دبلوماسية لـ20 سفارة، و9 منظمات دولية، و59 منظمة مجتمع مدني محلية. وفيما أشاد مراقبون كثيرون بالعملية الانتخابية، خصوصاً الإقبال اللافت لـ«النساء وكبار السن»، والالتزام بفتح غالبية اللجان في مواعدها، رصد آخرون «بعض الخروقات» تمثلت في «توزيع هدايا على الناخبين»، وظهور «دعاية لأحد المرشحين أو الأحزاب».
وقال مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار أحمد بنداري، خلال مؤتمر إعلان النتائج، إن الانتخابات «تمت وسط أجواء من الانضباط والشفافية مكنت المواطنين من ممارسة حقهم بحرية وشفافية»، مؤكداً أن هذه الانتخابات «تزداد أهميتها إذا وضعناها في سياقها الإقليمي، وسط منطقة تفتقد في أجزاء منها الاستقرار والأمن، ما يعزز رصيد الدولة المصرية في استكمال مؤسساتها الدستورية».