السبت, أغسطس 23, 2025
الرئيسيةالاخبار العاجلةثلاث قضايا شائكة على مائدة محادثات قمة ترمب وزيلينسكي

ثلاث قضايا شائكة على مائدة محادثات قمة ترمب وزيلينسكي

بعد ساعات يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى جانب ائتلاف من القادة الأوروبيين، يضم ممثلين من المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد ان اعلن عنه ترمب في تغريدة عبر منصة تروث سوشيال قائلا بتفاؤل “تقدم كبير في الملف الروسي. ترقبوا!” مشبرا ان هذا التقديم يأتي بناء على محادثات الاسكا التي عقدها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة الماضي والتي لم تسفر عن وقف لإطلاق النار، لكنها مهدت الطريق لإمكانية تحقيق اختراقات في ملفي الضمانات الأمنية وتبادل الأراضي

وفي رحلة عودة ترمب بعد القمة قام باتصالات بزيلينسكي والقادة الأوروبيين، داعيا للانضمام إلى المحادثات – وهي خطوة تؤكد استراتيجيته القائمة على الضغط متعدد الأطراف، مع تنصيب نفسه كصانع صفقات. ويهدف إشراك القادة الأوروبيين – بدعوة من ترمب – إلى مواءمة المصالح عبر الأطلسي، مع إمكانية تناول دور حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومساعدات الاتحاد الأوروبي لإعادة الإعمار.

من جانبه، أصر المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف في تصريحاته يوم الاحد لشبكة سي ان ان على نجاح قمة الاسكا وتحقيق “تقدمًا ملموسًا”، بما في ذلك تنازلات روسية بشأن قضايا إقليمية واتفاقيات بشأن “ضمانات أمنية قوية” لأوكرانيا. وشدد ان هدف ترمب “التوصل إلى اتفاق سلام ينهي القتال”. وسلط ويتكوف الضوء على “الزخم نحو السلام”، مشيرًا إلى اتفاقيات ألاسكا باعتبارها أساسية، مع تبادل الأراضي والضمانات الأمنية كعناصر “أساسية” سيتم بلورتها مع زيلينسكي.

في الجانب الاخر خفف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في تصريحاته يوم الاحد لبرامج مثل “ميت ذا برس” و”فيس ذا نيشن”، من تفاؤله، مشيرًا إلى أن اتفاق السلام لا يزال “بعيد المنال” ويتطلب تنازلات متبادلة. وأعطت هذه التصريحات نبرة حذرة لمناقشات يوم الاثنين. وأكد روبيو أن “أفضل سبيل لإنهاء” الحرب هو من خلال “اتفاق سلام شامل”، وليس وقف إطلاق نار جزئي، قد يكون هشا وعرضة للانهيار.

ومن المرجح أن يركز جدول أعمال الاجتماع، كما يتضح من تصريحات المسؤولين، على ثلاث قضايا متشابكة: وضع إطار لوقف إطلاق النار، والتفاوض على تعديلات إقليمية، وإضفاء الطابع الرسمي على الترتيبات الأمنية طويلة الأجل.

ويعد ملف التنازلات الإقليمية وهو أكثر الملفات الشائكة على مائدة المحادثات، وقد اوضح روبيو على أن “على روسيا أن تحصل على شيء ما” من أي اتفاق، مثل السيطرة على أجزاء من منطقة دونيتسك، مُوضّحًا أن زيلينسكي، وليس ترمب، هو من يُقرر حدود أوكرانيا. في حين كشف ويتكوف أن بوتين قدّم بالفعل “بعض التنازلات” بشأن المناطق الخمس المحتلة – دونيتسك، ولوغانسك، وخيرسون، وزابوروجي، وشبه جزيرة القرم – مما فتح الباب أمام “تبادل الأراضي” كجزء من تسوية أوسع.

ويقول المحللون ان ترمب قد يضغط على زيلينسكي للحصول على تنازل أوكرانيا رسميًا عن الأراضي التي تسيطر عليها روسيا مقابل تعديلات متبادلة، مثل المناطق منزوعة السلاح، أو الاستفتاءات في المناطق المتنازع عليها، أو حوافز اقتصادية مثل حقوق الموارد المشتركة في البحر الأسود.

اقرأ ايضا: استطلاع: حزب ماسك الجديد قد يشكل ضربة قوية للجمهوريين

قد تعتمد الاتفاقيات الأوكرانية المحتملة على مقايضات براغماتية. ويقول المحللون ان زيلينسكي رفض مرارا التنازلات الصريحة، معتبرًا إياها انتهاكات للسيادة، ولكن في ظل إرهاق الحرب ونضوب الموارد، قد تتنازل كييف بحكم الأمر الواقع عن السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم وجيوب شرق دونباس مقابل الانسحاب من مناطق أخرى مثل خيرسون وزابوروجيا.

وقد وصف روبيو هذا الأمر بأنه “عطاء وخذ”، حيث تحصل أوكرانيا على مساعدات السلام وإعادة الإعمار بينما تضمن روسيا مناطق عازلة استراتيجية. ووصف ويتكوف هذه المبادلات بأنها “محورية”، مشيرًا إلى أن الوساطة الأمريكية قد تقترح تصحيحات حدودية وترسيم جديد للحدود – ربما مبادلة أراضٍ غير مأهولة أو هامشية اقتصاديًا – للحفاظ على ماء وجه أوكرانيا. ومع ذلك، فإن أي اتفاق سيتطلب موافقة البرلمان الأوكراني وتأييدًا شعبيًا، مما يحد من مرونة زيلينسكي.

يعدّ ملف الضمانات الأمنية “المُغيّر لقواعد اللعبة” حجر الزاوية في الإطار الناشئ، كما أوضح ويتكوف على شبكة سي ان ان. وشارات عدة تقارير أن بوتين وافق على السماح للولايات المتحدة وأوروبا بتزويد أوكرانيا بحمايةٍ على غرار المادة الخامسة من حلف الناتو – وهي التزامات دفاعية جماعية دون عضوية كاملة في الناتو. وقد يتجلى هذا في معاهدات ثنائية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، بدعمٍ من الحلفاء الأوروبيين، مما يضمن استجابةً عسكريةً سريعةً في حال عدم جدوى ذلك.

وكرّر روبيو هذا الرأي، مُشيرًا إلى ضرورة أن تكون الضمانات “قوية” لردع روسيا على المدى الطويل. وطرح الرئيس ترمب فكرة “نشر قوات برية أمريكية” إذا لزم الأمر، على الرغم من أن ويتكوف لم يستبعد ذلك، مما أثار احتمالات تشكيل قوات حفظ سلام بقيادة أمريكية. بالنسبة لأوكرانيا، يُمثل هذا بديلًا عمليًا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي تُعارضه روسيا، وقد يشمل ذلك إمدادات الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتعديلات التشريعية في روسيا لحظر الهجمات خلال فترة سريان الاتفاقية.

ورغم المؤشرات المتفائلة، تلوح في الأفق عقبات كبيرة، فقد أعرب زيلينسكي عن تشككه، مُصرّحًا في بروكسل بأنه “لا توجد أي إشارة” على موافقة روسيا على قمة ثلاثية، وسلّط روبيو الضوء على الفجوات في التصورات: إذ ترى أوكرانيا نفسها الضحية، بينما ترى روسيا زخمًا يُعقّد التنازلات. ويشير الخبراء الي مشاكل انعدام الثقة بين الجانبين – فتاريخ بوتين في انتهاك الاتفاقيات، مثل اتفاقيات مينسك، يجعل من الصعب إقناع كييف بضمانات.

من جانب اخر ، يخشى القادة الأوروبيون، الذين انضموا لدعم زيلينسكي، من أن يُعطي ترمب الأولوية لنصر سريع على حساب مصالح أوكرانيا، مما قد يُعجل باتفاق يُضعف حلف شمال الأطلسي (الناتو). وعلى الصعيد المحلي، قد تُعيق مقاومة الكونجرس الأمريكي للالتزامات المفتوحة التصديق على الاتفاق. وقد أقرّ ويتكوف بعدم وجود وقف لإطلاق النار حتى الآن، مُؤكدًا أن التفاصيل الإقليمية لا تزال دون حل.

ويُقدم المحللون الأمريكيون آراءً متباينة، إذ يعتبرون الاجتماع منعطفًا محوريًا ولكنه محفوف بالمخاطر. يحذر خبراء مجلس العلاقات الخارجية، من أنه بدون انسحابات روسية ملموسة، فإن المحادثات قد تُصبح مجرد خدعة “لتحديد موعد نهائي” ويشكك مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في نفوذ أوكرانيا، مشيرًا إلى أن خلافًا سابقًا بين ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي في فبراير 2025 ترك المساعدات موضع شك، مشيرًا إلى أن اجتماع يوم الاثنين قد يزيد من عزلة كييف إذا تحالف ترمب مع بوتين. ويسلط الخبراء في مركز اتلانتيك الضوء على مكالمات ترمب السابقة للقمة مع الأوروبيين باعتبارها دفعةً لقوة أوكرانيا التفاوضية، لكنهم يحذرون من أن نبرته “الودية” تجاه ألاسكا تشير إلى انتكاسة للحلفاء، مما يُخاطر بانعكاس المواقف الأمريكية بشأن العقوبات. ويتوقع باحثون في مؤسسة بروكينغز نجاحًا جزئيًا – إطار عمل للضمانات والمبادلات – لكن الاتفاق الكامل لا يزال بعيدًا، حيث تتوقف النتائج على مقاومة زيلينسكي للاستسلام. في حين يتفاءل خبراء بان قمة ترمب – زيلينسكي والقادة الاوربيين ستمهد الطريق نحو السلام، مستفيدةً من زخم ألاسكا في مجال الضمانات والمبادلات. لكن نجاح القمة يعتمد على سد الفجوة بين الخطوط الحمراء لأوكرانيا ومطالب روسيا، وسط تحذيرات من أن أي اتفاق متسرع قد يصب في مصلحة موسكو، مما يُطيل أمد عدم الاستقرار بدلًا من حلّها. ومع وجود أوروبا على الطاولة، تُمثل المحادثات اختبارًا جديدا لنهج ترمب في عقد الصفقات، و الحفاظ على وحدة الغرب.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات