الثلاثاء, أغسطس 26, 2025
الرئيسيةالوطن العربيالسعوديةتطلعات سعودية لتحويل مواقع التراث الصناعي إلى وجهات ثقافية

تطلعات سعودية لتحويل مواقع التراث الصناعي إلى وجهات ثقافية

تتطلع السعودية لتحقيق ريادة عربية في تسجيل مواقع التراث الصناعي لديها، والالتحاق بالقائمة الدولية التي سبقت إلى توثيق مواقع ونقاط انطلاق الحركة الصناعية في بواكيرها، والاحتفاء بتأثيرها الثقافي والاجتماعي، ومساهمتها في تحقيق التنمية والنهضة الشاملة ببلدان العالم.

ويشمل التراث الصناعي، الإنجازات الاجتماعية والهندسية التي صنعها الإنسان بعد الثورة الصناعية، ويشمل بقايا الثقافة الصناعية التاريخية القيّمة، والأبعاد التكنولوجية أو الاجتماعية أو المعمارية أو العلمية، ويتكون من المنشآت، والآلات، والورش، والمصانع، والطواحن، والمناجم، ومواقع التنقيب وعمليات التنقية، والمستودعات، وأماكن توليد واستخدام الطاقة، والبنى التحتية، إضافة إلى مناطق الأنشطة الاجتماعية المرتبطة بالصناعة؛ مثل الإسكان، ودور العبادة، والتعليم.

وقال خالد الحميدي، المختص في التراث الوطني السعودي، إن إدراك الهيئات المعنية بالسعودية لأهمية توثيق وحصر مواقع التراث في تعزيز وزيادة معدلات التنمية والتطور في البلاد، انعكس على ما يشهده هذا القطاع من تطور كبير، وذلك من خلال المشاريع والبرامج التي تقوم عليها نخبة من الباحثين في حصر التراث والمباني والمواقع التاريخية بتصنيفاتها المختلفة، الأمر الذي يسّر لها الطريق لانضمامها في قوائم التراث العالمي التابعة للمنظمات الدولية، وعلى رأسها «اليونيسكو».

وأشار الحميدي إلى أن الاتجاه للاهتمام بهذه المواقع الثمينة، وتضمينها القوائم العالمية، لفت انتباه الأجيال الجديدة إلى مكانة هذا التراث وأهميته لبلدانهم وإرثها الوطني، وتعزيز ارتباط الأجيال بهذه المواقع.

وحثّ المختص في التراث على تبني مجموعة من التوصيات التي يقترحها لزيادة الاستثمار في هذه النوافذ التاريخية والوطنية، ومن ذلك ترميمها بشكل جيد، يحاكي ما كانت عليه في صورتها الأصلية لزيادة مستوى الدقة في تفاصيلها، وتعزيز حضورها في منصات الإعلام المختلفة، للتعريف بها و⁠لفت الأنظار إليها.

ونصح الحميدي بتمكين الزوار من الدخول إلى مواقع التراث الوطني، والوقوف على تفاصيلها من كثب، وليس الاكتفاء بالاطلاع عليها من الخارج، وذلك ضمن آليات معينة تحفظها من التلف أو العبث، وأخيراً تطوير تذكارات خاصة وتصاميم مصغرة، لبيعها في متاجر الزوار، لتعميق الارتباط بها.

في عام 2019، أطلقت وزارة الثقافة السعودية برنامج «التراث الصناعي» لبناء شبكة تعنى بحفظ التراث الصناعي السعودي، من خلال تخليد أثر المنشآت الصناعية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإظهارها للمجتمع بوصفها معالم أثرية لإبراز دور النهضة السعودية في الصناعة العالمية.

تصفح أيضًا: هل بدأت السعودية في رسم خريطة المستقبل في طب الذكاء الاصطناعي؟

ويسعى البرنامج إلى إعادة تأهيل المنشآت، وتسويقها بوصفها وجهات ثقافية وسياحية، انطلاقاً من الاهتمام بدعم جميع جوانب التعبير الثقافي في السعودية، المادية منها وغير المادية، ويشمل ذلك التراث بكل أنواعه، الذي يعد أحد قطاعاتها الستة عشر.

وضمن البرنامج، نظمت مسابقة وطنية لرعاية التراث الصناعي، تتضمن إطلاق تحديات تهدف إلى إشراك وتحفيز كل فئات المجتمع لإبراز التاريخ الصناعي في السعودية، وذلك من خلال اكتشاف المعالم الصناعية، وتوثيق تاريخها المادي والاجتماعي.

وأثمرت المسابقة عن تسليط الضوء على مواقع تاريخية ذات علاقة بالنهضة الصناعية السعودية، كما زادت الوعي بهذا النوع من التراث الذي يشمل كل ما يتعلق بالإنجازات الاجتماعية والهندسية التي صنعها الإنسان بعد الثورة الصناعية.

في نهاية عام 2020، سجلت هيئة التراث خط أنابيب النفط القديم «التابلاين» في سجل التراث الصناعي الوطني، ليكون أول موقع تراث صناعي يتم تسجيله رسمياً في المملكة، تقديراً لأهميته التاريخية ولدلالاته التنموية والاقتصادية المرتبطة بمرحلة بدايات صناعة النفط.

جاء ذلك بعد مبادرة الأمير بدر بن فرحان، وزير الثقافة، واستجابة الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة في السعودية، بإيقاف أعمال إزالة خط أنابيب «التابلاين»، لتمكين هيئة التراث من دراسته وتوثيقه، حيث تولت الهيئة مسؤولية دراسة الموقع وتسجيله.

وأعدت هيئة التراث بطاقة التسجيل المبدئي لـ«التابلاين» بوصفه أول موقع تراث صناعي من بين المواقع الصناعية التي تم حصرها في مختلف مناطق المملكة، تمهيداً لصيانتها والمحافظة عليها لأهميتها الثقافية، ولاستثمارها ضمن المعالم الحضارية، لتحكي قصة الصناعة والنمو والتطور الاقتصادي في المملكة.

ويعد خط أنابيب النفط «التابلاين» من أهم معالم التراث الصناعي في المملكة، ويمتد من شرق المملكة إلى شمالها، وقد بدأ إنشاؤه عام 1948 بأمر من الملك عبد العزيز، ولا تزال بقايا الخط شاهدة على بدايات الصناعة النفطية في المملكة.

وانضم حي جاكس بمحافظة الدرعية، شمال غربي الرياض، إلى قائمة مواقع التراث الصناعي السعودي، الذي تحول من حيّ يغصّ بالمستودعات الصناعية، إلى واحد من أهم المواقع الإبداعية المُلهمة، ومساحة حيوية لدعم الفن والفنانين، وتحوّل أحد أكبر أحياء منطقة الدرعية غرب العاصمة السعودية، إلى مجتمع فني متنوع، بأثر مباشر من مساعي السعودية لتحويل مواقع التراث الصناعي إلى وجهات ثقافية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات