عادت القوات الإسرائيلية مجدداً لاستهداف مجمع ناصر الطبي الواقع في غرب خان يونس جنوب قطاع غزة، وهو الأمر الذي تكرر لأكثر من مرة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع قبل عامين تقريباً، لكنها قتلت هذه المرة 20 شخصاً بينهم 5 صحافيين.
وقتل الجيش الإسرائيلي، في غارته على مجمع ناصر الطبي، صباح الاثنين، 5 صحافيين منهم مصورة الشقيقة «إندبندنت عربية» الزميلة مريم أبو دقة، فضلاً عن زملاء آخرين متعاونين مع وكالتي «رويترز» و«أسوشييتد برس»، وقناة «الجزيرة».
ويعد مجمع ناصر الطبي المنشأة الطبية الوحيدة التي يعمل جميع أقسامها في منطقة جنوب القطاع منذ عدة أشهر، وذلك بعد أن أخرجت الغارات الإسرائيلية مستشفى غزة الأوروبي الواقع شرق خان يونس عن العمل من جديد في أعقاب عملية عسكرية استهدفته.
وتسعى إسرائيل إلى دفع معظم سكان غزة إلى النزوح نحو أقصى الجنوب قرب رفح المتاخمة للحدود المصرية لإحكام سيطرتها على غالبية مناطق القطاع وتهجير الفلسطينيين.
وتتواجد فعلياً القوات الإسرائيلية على بعد نحو 2 إلى 3 كيلومترات على أبعد تقدير من مجمع ناصر الطبي، الأمر الذي يطرح العديد من الأسئلة حول مزاعمها المتكررة بأنها تقصف أهدافاً مشبوهة، وهو أمر أكدته وسائل إعلام عبرية نقلاً عن مصادر عسكرية بزعم أن «هجوم الاثنين» نُفذ بسبب «رصد حركة مشبوهة».
منذ بدء الحرب، تعرض المجمع الطبي الأكبر في جنوب قطاع غزة لقذائف مدفعية وإطلاق نار من قبل الدبابات والطائرات المسيّرة الإسرائيلية خلال العمليات البرية التي كانت تنفذها في المدينة خلال هذه الحرب؛ ما أدى لمقتل العديد من الفلسطينيين بينهم سيدة حامل بعد استهداف قسم الولادة فيه نهاية عام 2023.
فلسطينيون أصيبوا خلال تلقي مساعدات غذائية من منظمة مدعومة أميركياً وإسرائيلياً يتلقون العلاج على أرض مجمع ناصر الطبي في خان يونس 19 يوليو الماضي (أ.ب)
كما اقتحمت القوات الإسرائيلية مجمع ناصر الطبي في شهر فبراير (شباط) 2024، وحولته إلى ثكنة عسكرية، حققت فيها مع الأطباء والممرضين والمرضى من الجرحى وغيرهم ممن تبقوا داخله بعد حصاره لأكثر من شهر في تلك الفترة.
وتسببت تلك العملية بإخراج المشفى عن الخدمة، ثم انسحبت القوات الإسرائيلية بعد تخريبه في نهاية شهر مارس (آذار) 2024، قبل أن يعاد تأهيله تدريجياً من قبل وزارة الصحة بغزة، ومنظمة الصحة العالمية وجهات دولية، واستأنف عمله بشكل شبه كامل بداية عام 2025.
اقرأ ايضا: ترمب: نحن قريبون جدا من صفقة بشأن غزة
لكن في شهر مارس الماضي، وجهت إسرائيل طائرة انتحارية نحو غرفة طبية داخل مجمع ناصر الطبي، استهدفت إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» والذي كان يعاني من جروح خطيرة بعد استهدافه قبل أيام من ذلك الهجوم في خيمة شمال خان يونس، ما أدى لمقتله حينها واثنين من مرافقيه أحدهما كان مصاباً في المحاولة الأولى ذاتها.
ومع تجدد العمليات الإسرائيلية في خان يونس، منذ شهر مايو (أيار) الماضي، وتعمق العمليات إلى وسط وأطراف غرب المدينة، أجبرت قوات الاحتلال السكان المقيمين قرب مجمع ناصر الطبي على النزوح، وصنفته منطقةً حمراء (أي منطقة عمليات) يمنع الوصول إليها، فيما طلبت من المجمع البقاء للعمل بشكل اعتيادي، ومع ذلك فقد طالته عدة قذائف وإطلاق نيران من الطائرات المسيّرة.
خلال فترات خروج مجمع ناصر الطبي عن العمل، كان مستشفى غزة الأوروبي يعمل بديلاً له، لكنه هو الآخر خرج عن الخدمة مرتين بفعل العمليات الإسرائيلية، آخرها قبل 3 أشهر، وما زال في منطقة توصف بأنها «عسكرية مغلقة».
فلسطينيون يتفقدون موقع غارة جوية للجيش الإسرائيلي على المستشفى الأوروبي في خان يونس مايو الماضي (أ.ب)
ويبدو أن قوات الاحتلال لا تنوي الانسحاب من نطاق مستشفى غزة الأوروبي كما أشارت تقارير في وسائل إعلام عبرية بذلك؛ بهدف إعادة تأهيله بالتعاون مع منظمات أممية لخدمة سكان مدينة غزة الذين سيتم إجبارهم على النزوح لاحقاً، كما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، يوم السبت الماضي.
ومنذ شهر مايو الماضي، بعد خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة، بات مجمع ناصر المشفى الوحيد المتكامل الذي يخدم بكل أقسامه سكان جنوب قطاع غزة، الذين يقدر عددهم بأكثر من 730 ألف نسمة، غالبيتهم نازحون من شرق المدينة، وجزء آخر من مناطق أخرى فيها، وسكان آخرون من رفح.
وتتواجد بعض المستشفيات الميدانية في منطقة مواصي خان يونس ومحيطها، إلا أن الخدمات فيها تعتبر أقل بكثير مما يقدمه مجمع ناصر الطبي.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تعمدت القوات الإسرائيلية استهداف مستشفيات قطاع غزة، منها مجمع الشفاء الطبي الأكبر في القطاع (شمال القطاع)، وغيره، بحجة أنها تستخدم من قبل «حماس» وأسفلها أنفاق.
مرضى الفشل الكلوي أمام مجمع الشفاء الطبي الذي تعرض لضربات إسرائيلية مدمرة في مدينة غزة يوم الأول من يوليو الماضي (أ.ب)
ولم تثبت إسرائيل مزاعمها سواء في مجمع ناصر الطبي أو مجمع الشفاء، ومستشفيات أخرى، فيما تبين أن هناك أنفاقاً تجاور مستشفى غزة الأوروبي شرق خان يونس واغتيل فيها خلال شهر مايو الماضي، القائد البارز في «كتائب القسام»، محمد السنوار، الشقيق الأصغر لقائد «حماس» الراحل يحيى السنوار.