تبرز الحرب ثيمة مهيمنة على المجموعة القصصية «تنويعات إيقاعية على الطبل» لزهير كريم، الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن في 133 صفحة. يقول المؤلف في تقديمه لمجموعته:
«تشبِهُ الحكاياتُ في هذا الكتابِ قرْعَ الطبول. وهي حركاتٌ مستقلةٌ، لكنها في اجتماعها تُشَكِّلُ لحناً لا ينقطع، بينما ضاربُ الطبلِ يُواصلُ مهنتهُ، بالحماسةِ نفسها، بالوهمِ نفسه، ومن دونِ أدنى شعورٍ بالملل»، مشيراً في الوقت نفسه عبر إهداء الكتاب إلى تجربته الشخصية مع الحرب، والتي انبثقت منها هذه القصص، قائلاً إنه يهدي الكتاب «إلى زهير كريم، الجنديِّ القديمِ الذي يَقرَعُ في رأسِهِ ضاربُ طبلٍ لم تأخُذْهُ على الرغم من كلِّ هذه السنوات سِنةٌ من نوم». هذه العتبات الافتتاحية أسهمت في إدخال القارئ إلى جو الكتاب الذي تنقل الكاتب خلاله عبر مفاصل شكلت تاريخ الحرب منذ الأزمان القديمة إلى العراق الحديث الذي شهد حرباً مع إيران امتدت عبر سنواتٍ ثمانٍ، وشهد الكاتب نفسه كثيراً من أهوالها: «هل تتزوج في هذه الإجازة؟» سألت العريف قاسم. لكنه لم يجبني: «آخ من العشق منه يويلي… عمه عل الولف سهران ليلي… عمه انخطف لوني ونزل حيلي»… ثم انفجرت قذيفة قريبة، لم أطمئن لانحناءة وحسب، سقطتُ، ربما بسبب الهلع، ولم أشعر أن الأغنية انقطعت فعلاً، فتحت عيني وكان العريف قاسم قد سقط بالفعل. لم أفهم بالبداية الرطوبة واللزوجة التي اخترقت قميصي وسالت على بطني! كان الدم ينزف من رأسه، لم يقل آه، لم يصدر عنه أيّ رد فعل.
اقرأ ايضا: دراسات وأوراق عن فنِّ القَصِّ السَّرديِّ عند الطَّيِّب صالح
كما عاش المؤلف كغيره من العراقيين الغزو الأميركي، الذي تعكس بعض تجلياته القصة الثالثة في المجموعة عبر حوار بين جندي عراقي وآخر أميركي: قال جلال: «هذه نهايتنا». لم أردّ عليه، وجهت خطابي إلى الأسيرين وقلت بصوت مضطرب لا يخلو من الغضب: «سوف تقتلنا قواتكم، تقتلنا كلنا، كلنا». ثم خُيّل إليَّ أنني أسمع صوت بكاء خافت يصدر عن أحد الأسيرين. فتحتُ البوابة الخلفية للناقلة وهبطت. ألقيت نظرة خاطفة باتجاه بناء خرساني منفرد، قلت لجلال: «هناك موضع يمكننا الاختباء فيه، علينا أن نسرع، سيعاجلوننا بصاروخ آخر».
وزهير كريم قاص وروائي عراقي من مواليد بغداد عام 1965، وصدر له قبل هذه المجموعة: «قلب اللقلق»، رواية، و«صالة الجثث»، رواية، و«ماكنة كبيرة تدهس المارة»، قصص، و«فرقة العازفين الحزانى»، قصص، و«رومانتيكا»، قصص، و«غيوم شمالية شرقية»، رواية، و«خيوط الزعفران»، رواية.