أثارت التوقعات المختلطة لشركة «إنفيديا»، عملاق صناعة شرائح الذكاء الاصطناعي، انقساماً بين المستثمرين في «وول ستريت». ورغم أن الشركة تجاوزت توقعات الإيرادات والأرباح، فإن قرارها استثناء بعض مبيعاتها في الصين من توجيهاتها للربع الحالي أثار قلقاً كبيراً، مما أدى إلى تراجع أسهمها بنحو 2 في المائة في التداول قبل الافتتاح.
وقدّم الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ تطمينات بأن ازدهار الإنفاق على الذكاء الاصطناعي لن يتلاشى، إلا أن المحللين بدأوا في التساؤل عما إذا كانت نتائج الشركة الرئيسية في قطاع مراكز البيانات تُشير إلى ضعف محتمل في الطلب من قبل مزودي الخدمات السحابية. وقال أحدهم إن استبعاد إيرادات رقائق الذكاء الاصطناعي من الصين من التوجيهات المالية لشركة «إنفيديا»، يعني أن التوقعات خيبت آمال بعض المستثمرين، موضحاً أن مبلغ الـ54 مليار دولار لا يشمل مبيعات رقائق «إتش 20»، وهو ما أثار صدمته. وأضاف أن العديد من تقديرات إيرادات «وول ستريت» قد أخذت في الاعتبار نحو ملياري دولار كإيرادات إضافية للربع الحالي بعد رفع قيود التصدير.
الرئيس التنفيذي لـ«إنفيديا» يتحدث في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيغاس بنيفادا (رويترز)
وكانت «إنفيديا» قالت إنها توقعت مبيعات بقيمة 54 مليار دولار للربع الحالي، مقارنةً بتوقعات بلغت 53.8 مليار دولار. ويشكل هذا الرقم تباطؤاً عن النمو الهائل الذي شهدته السنوات الأخيرة، ولا يشمل إيرادات الصين. كما كشفت عن إيرادات بلغت 46.7 مليار دولار في الربع المنتهي في 28 يوليو (تموز)، بزيادة قدرها 56 في المائة على أساس سنوي، متجاوزةً بذلك توقعات المحللين التي كانت تشير إلى 46.5 مليار دولار.
وصرحت المديرة المالية لشركة «إنفيديا»، كوليت كريس، للمحللين بأن الشركة تنتظر من الحكومة الأميركية نشر «لائحة» تُقنن الصفقة التي أُبرمت هذا الشهر. وأضافت أنه في حال حُلّت هذه المشكلات، يُمكن للشركة شحن ما بين ملياري دولار و5 مليارات دولار من رقائق «إتش 20» إلى الصين خلال الربع الحالي، مع حصول «عدد مُحدد» من العملاء الصينيين على تراخيص في الأسابيع الأخيرة.
وحذرت «إنفيديا» في بيان أرباحها من أن اتفاقيتها مع إدارة ترمب قد «تُعرّضنا للتقاضي، وتزيد من تكاليفنا، وتضرّ بمكانتنا التنافسية». وقد أبرمت شركة «إي إم دي» المنافسة اتفاقاً مماثلاً.
وأعلنت «إنفيديا» أنه على الرغم من عدم تحقيق إيرادات من «إتش 20» في الصين خلال الربع بسبب ضوابط التصدير الأميركية الجديدة، فقد تمكنت من بيع 650 مليون دولار من الرقائق لعميل خارج البلاد.
وقد تلقت «إنفيديا» ضربة الأسبوع الماضي خلال موجة بيع مكثفة في الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بعد تقرير سلبي عن التطبيقات العملية لهذه التقنية، وتعليقات الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، سام ألتمان، حول المبالغة في تقدير المستثمرين لها.
وقد جاء تقرير الأرباح في ظل سلسلة من التطورات بين الشركة وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. فبعد أن ألغى ترمب حظره السابق على بيع شرائح «إنفيديا» إلى الصين، فرض على الشركة دفع رسوم للحكومة الأميركية بنسبة 15 في المائة من مبيعاتها في البلاد. كما أعلن أنه سيفرض تعريفة بنسبة 100 في المائة على شحنات أشباه الموصلات المستوردة ما لم تلتزم الشركات بالتصنيع داخل الولايات المتحدة. وفي المقابل، حذرت الحكومة الصينية شركاتها المحلية من استخدام شرائح «إنفيديا» بدعوى أنها قد تحتوي على مخاطر أمنية. ونفت «إنفيديا» هذه الاتهامات وتعمل على حل هذه المسألة مع الحكومة الصينية.
نوصي بقراءة: ترمب يعلن عن مشروع أميركي ياباني مشترك للغاز المسال
وقالت الشركة إن توقعاتها للربع الثالث لا تشمل مبيعات شرائح «إتش 20» في الصين. كما أنها تستعد لإطلاق شريحة جديدة للسوق الصيني تعتمد على معمارية «بلاك ويل»، لكنها ستحتاج إلى موافقة إدارة ترمب لبيعها في المنطقة.
شعار «إنفيديا» أمام مقرها الأساسي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
تباينت آراء المحللين حول أداء الشركة وتوجهاتها المستقبلية:
– بول ميكس، المدير العام في «فريدوم كابيتال ماركتس»، أعرب عن رضاه عن النتائج، خاصةً توقعات الإيرادات البالغة 54 مليار دولار في الربع المقبل. وتوقع أن يتم السماح للشركة بشحن نسخة «مبسطة» من شرائحها إلى الصين كجزء من اتفاق تجاري محتمل مع إدارة ترمب.
– جاي غولدبرغ، كبير المحللين في «سي بورت ريسيرش بارتنرز»، أشار إلى أن نمو إيرادات مراكز البيانات كان الأضعف منذ فترة طويلة، مع نمو منخفض في خانة الآحاد على أساس ربع سنوي. واعتبر أن النتائج «جيدة لشركة عادية في أوقات عادية، لكن (إنفيديا) ليست كذلك».
– جيل لوريا، المحلل في «دي إيه دافيدسون»، يرى أن توجيهات «إنفيديا» المخيبة للآمال ترجع بالكامل إلى استبعاد المبيعات المحتملة في الصين، مضيفاً أنه «من غير الواضح متى سيتم رفع القيود واستئناف المبيعات».
– بوب أودونيل، رئيس وكبير المحللين في «تكنالايسيس ريسيرش»، قال إن الأرقام القوية في الإيرادات لم تكن مفاجئة، ولكن الأداء في قطاع مراكز البيانات قد «يشير إلى تباطؤ في بناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي».
– ريتشارد كلود، مدير المحافظ في «جانوس هندرسون إنفستورز»، أكد أن الجدل حول استدامة نمو «إنفيديا» سيظل قائماً، مشيراً إلى أن النمو لن يستمر في اتجاه واحد صاعد.
– دان كوتسوورث، المحلل الاستثماري في «إيه جيه بيل»، لخّص الوضع بالقول إن «الطلب على الذكاء الاصطناعي ليس هو المشكلة بالنسبة لـ(إنفيديا)، بل المشكلة تكمن في كيفية عرقلة السياسة لطموحاتها الكبرى للسيطرة العالمية».
– بن بارينغر، المحلل في «كويلتر تشيفوت»، وصف الأرقام بأنها «صلبة» وليست «تجاوزاً ضخماً»، مضيفاً أنها توفر «القليل من الطمأنينة، ولكنها لا تضمن النمو بشكل كامل».