عادت المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع» إلى مدينة الفاشر (عاصمة ولاية شمال دارفور)، بعد هدوء نسبي استمر عدة أسابيع، لا تتخلله سوى عمليات القصف والقصف المضاد، إذ شهدت المدينة، الثلاثاء، هجوماً عنيفاً شنته «قوات الدعم السريع» التي تحاول الاستيلاء على المدينة، والقاعدة العسكرية التابعة للجيش، (آخر معاقل الجيش في كل ولايات دارفور)، فيما ذكرت مصادر عسكرية أن القوات المدافعة عن المدينة صدت الهجوم وألحقت خسائر كبيرة بالقوة المهاجمة.
ولم يشر الطرفان رسمياً إلى معارك في المدينة، لكن مصادر عسكرية وشهود عيان أوضحوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الجيش والقوات المشتركة الحليفة له، صدوا هجوماً عنيفاً استهدف الاستيلاء على الفرقة 16 مشاة التابعة للجيش، استمر لثلاث ساعات، وأن القوة المهاجمة اضطرت للتراجع بعد إلحاق خسائر كبيرة بها.
وشددت «قوات الدعم السريع» الحصار على المدينة، وقالت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، (جماعة محلية/مستقلة)، الثلاثاء، إن «قوات الدعم السريع» حفرت الخنادق حول المدينة المحاصرة منذ مايو (أيار) 2025، وأغلقت كل الطرق والمسارات وحالت دون وصول المساعدات الإنسانية، ما أدى لموت مئات المدنيين جوعاً وبسبب النقص في الدواء.
سودانيون يلجأون لمخيم «أبو شوك» على مشارف الفاشر شمال إقليم دارفور هرباً من الحرب (أ.ب)
تصفح أيضًا: حزن واسع على مواقع التواصل في الأردن بعد وفاة الشاب نبال إسماعيل بحادث سير في الرويشد
ومنذ بداية الحرب 15 أبريل (نيسان) 2023، شنت «قوات الدعم السريع» أكثر من مائتي هجوم على المدينة، بيد أنها لم تفلح في الاستيلاء عليها كليّاً، بيد أنها تسيطر على معظم أحياء المدينة، باستثناء بعض الأحياء الجنوبية والغربية، وقيادة الفرقة 16 مشاة التابعة للجيش. وقال الناطق باسم القوات المشتركة في الفاشر العميد أحمد حسين، إن قواته ما تزال صامدة، وإن المدينة لن تسقط في يد «قوات الدعم السريع»، وتوعد بفك الحصار، وحسم المعركة قريباً. وأوضح أن قواته صدت خلال اليومين الماضيين، هجوماً لـ«قوات الدعم السريع» على الفاشر، وألحقت بالقوة المهاجمة خسائر فادحة، قتلت خلالها المئات، وتابع: «المدينة تشهد هدوءاً حذراً، لم تهاجم فيه «الدعم السريع» المدينة، ونحن مستعدون للتصدي لأي هجوم».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة دعا لهدنة إنسانية لمدة أسبوع في الفاشر، قبلت بها الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، لكن «قوات الدعم السريع» لم تعلق رسمياً على تلك الهدنة، بيد أن قائد حركة تحرير السودان بقيادة الهادي إدريس، الحليفة لـ«قوات الدعم السريع»، ذكرت وفقاً لتقارير صحافية، أنها أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رفضهم للهدنة في الفاشر، «لأن المدينة أصبحت منطقة عسكرية، وأن المدنيين غادروها إلى مناطق أخرى».
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا إلى هدنة إنسانية في الفاشر (أ.ف.ب)
وقال العميد حسين لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش والقوات المشتركة صدوا 216 هجوماً نفذته «الميليشيات الإرهابية» – «قوات الدعم السريع» – بهدف الاستيلاء على الفاشر»، وتابع: «قول قوات الدعم السريع والمناصرين لهم إنهم اقتربوا من قيادة الفرقة العسكرية التابعة للجيش مجرد حلم»، وأضاف متوعداً: «لن يقتربوا من الفاشر حتى بعد نهاية الحرب». وأبدى دهشته مما سماه دفع «قوات الدعم السريع» لعناصر «غير مسلحة» إلى داخل المدينة، وقال: «فروا منذ بداية المعركة، بعد أن قطعوا مسافات بعيدة سيراً على الأقدام». وأضاف: «هناك أعداد كبيرة من الذين يشاركون في القتال مع الدعم السريع أطفال».
وقال إن «قوات الدعم السريع» حفرت خنادق حول الفاشر لمنع دخول المساعدات الإنسانية، وعرقلت مسيرة بعض التجار الذين اعتزموا جلب السلع الاستهلاكية للمدينة التي تضم آلاف المواطنين، وتحيط بها معسكرات النازحين، الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية حرجة.