في اختراق طبي، وُلد 8 أطفال في المملكة المتحدة بحمض نووي من ثلاثة أشخاص، بعد إجراء جراحي للقضاء على مرض وراثي عضال.
ووفق تقرير لشبكة «سكاي نيوز»، يُمثل هذا الاختراق تقدماً كبيراً في التقنية، المعروفة باسم «علاج التبرع بالميتوكوندريا»، والمُصممة للوقاية من مرض يُهدد الحياة، وغالباً ما يكون مميتاً، ناتجاً عن طفرات جينية في الهياكل التي تُولد الطاقة في جميع خلايانا.
كما يُمثل اختباراً لموقف المملكة المتحدة المتساهل، وإن كان شديد التنظيم، تجاه أبحاث الأجنة البشرية، والذي سمح باستمرار تقنية انتُقدت سابقاً لولادة «أطفال بثلاثة آباء»، وفق الشبكة.
وأمراض الميتوكوندريا هي مجموعة من الحالات الوراثية التي تؤثر على كيفية إنتاج الميتوكوندريا في خلاياك للطاقة. وتُنتج الميتوكوندريا معظم الطاقة التي يحتاج إليها الجسم. والذين يعانون من مرض في الميتوكوندريا، لن تتمكن خلاياهم من إنتاج طاقة كافية. ولا يوجد علاج شافٍ لهذه الحالة، ولكن العلاج يُمكن أن يمنع المضاعفات المُهددة للحياة.
وبناءً على عدد ونوع الطفرات في الميتوكوندريا، قد تختلف شدة المرض ونوعه، ولكنه يشمل اضطراباتٍ عصبية واستقلابية ونمائية.
وُلد الأطفال، وهم 4 فتيات و4 أولاد – 2 منهم توأم متطابق – جميعهم في السنوات الخمس الماضية، وهم بصحة جيدة، وفقاً لبحث نُشر في مجلة نيو إنغلاند الطبية.
وقال السير دوغ تورنبول، الأستاذ الفخري في جامعة نيوكاسل، الذي أسهم في تطوير هذا العلاج: «إنه نجاح باهر لهذه العائلات».
وأضاف: «هذا مرضٌ مُدمّرٌ لا علاج له، ولولا هذه التقنية، لما شعروا بخلوّ عائلاتهم من مرض الميتوكوندريا. وهذا يمنحهم تلك الفرصة».
فقط النساء المُعرّضات لخطرٍ كبيرٍ لنقل المرض الشديد هنّ من مؤهلاتٍ لهذا الإجراء، والذي يُقدّم من خلال منشأةٍ متخصصةٍ في مستشفيات نيوكاسل أبون تاين التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية.
لم تُكشف هويات العائلات السبع وأطفالها، لكن والدة أحد الأطفال الذكور، التي تحدثت من دون الكشف عن هويتها، قالت: «لقد رُفع العبء العاطفي لمرض الميتوكوندريا، وحل محله الأمل والفرح والامتنان العميق».
صورة تظهر الأحماض النووية من الأشخاص الثلاثة في الأجنة (سكاي نيوز)
قد يهمك أيضًا: علاج غير تقليدي للذهان يحقق نتائج واعدة
تتضمن هذه العملية إزالة المعلومات الجينية من جنين الأم المصابة المُلقّح قبل إدخاله في جنين متبرعة سليمة، والذي أُزيلت منه هذه المعلومات.
والأهم من ذلك، تُترك مئات الآلاف من الميتوكوندريا المريضة، تاركةً الجنين الجديد مع وجود ميتوكوندريا سليمة في جنين المتبرعة.
تحتوي الميتوكوندريا على كمية ضئيلة من شفرتها الجينية الفريدة، لذلك فإن الأجنة الناتجة تحمل الحمض النووي من ثلاثة أشخاص مختلفين.
وهذا التدخل لا يمثل سوى 0.02 في المائة من إجمالي الحمض النووي للجنين، ولا علاقة له بالصفات الجينية التي يرثها الجنين من أبويه.
ومع ذلك، فإن هذه التقنية ليست مثالية، وفق التقرير، إذ خضعت 22 امرأة لهذه العملية، لكن 7 فقط حملن، ما أدى إلى 8 ولادات – بنسبة نجاح 36 في المائة.
ووُلد 5 من الأطفال الثمانية دون أي أثر للمرض، لكن الاختبارات التي أُجريت على الثلاثة الآخرين كشفت عن نقل نسبة ضئيلة من الميتوكوندريا المتحولة أثناء العملية.
ورغم أن مستوياتها منخفضة جداً بحيث لا تسبب أمراض الميتوكوندريا، فإن الأطفال سيحتاجون إلى متابعة دقيقة لضمان استمرار نموهم بشكل طبيعي.
وقال البروفسور بوبي ماكفارلاند، الذي يقود الخدمة في نيوكاسل: «لقد صممنا دراسة خصيصاً لهذا الغرض».
وأضاف: «هذا ما يميزنا في تقديم هذه الخدمة في نيوكاسل، إذ لا يوجد أي مكان آخر في العالم يُجريها بطريقة منظمة».
ومع وجود أسباب وجيهة لتوقع نمو الأطفال بشكل طبيعي، تدخل هذه العملية الطب إلى آفاق جديدة.
ولأن الميتوكوندريا تحتوي على شفرتها الجينية الخاصة، فإن الفتيات المولودات بهذه التقنية – حاملات شفرتها من متبرعة سليمة – سينقلنها إلى أي أطفال قد ينجبنهم في المستقبل.