ما بين نقاشات سينمائية ومشاهدة لفيلم «هوبال» واستذكار لصناعة أفلام أخرى بجانب أنشطة وفعاليات متعددة منها معرض لتطور معدات التصوير السينمائي، عاش رواد «حي المفتاحة» في أبها (جنوب السعودية) افتتاح أولى محطات النسخة الثالثة من «ملتقى النقد السينمائي»، مساء الخميس.
المكان الذي تأسس قبل أكثر من 35 عاماً مقراً للقرية التشكيلية، شهد مراسم استقبال بالموسيقى، تبعه افتتاح معرض معدات التصوير ضمن الأنشطة المصاحبة لفعاليات الملتقى، ليقف مصمم الأزياء التراثية عارف عبد الله شارحاً للزوار المعدات الموجود منها نماذج مصغرة مع شاشات التلفزيون المختلفة وأجهزة الفيديو القديمة باعتبارها وسائل استخدمت لعرض الأفلام السينمائية.
يقول عبد الله لـ«الشرق الأوسط» إن المعرض يضم نماذج ترصد مراحل تطور آلات التصوير السينمائي، مع وجود وسائط عرض واختيار اثنين من البوسترات الدعائية لأفلام السينما المصرية التي أذيعت بالألوان الطبيعية في سبعينات القرن الماضي.
عارف عبد الله خلال وجوده في المعرض المصاحب للملتقى (الشرق الأوسط)
وأكد أنه حرص على تعريف المترددين بطبيعة آلات التصوير وتطورها بجانب وسائل العرض بما فيها أجهزة الفيديو التي لا يعرفها الشباب من الجيل الجديد.
لأكثر من 7 ساعات، اكتظت الساحة بالزوار، ما بين مناقشات جانبية مع صناع الأفلام والنقاد أو بتفقد الأروقة التي أعدت للملتقى، وشهدت الجلسات الحوارية حضوراً لافتاً من مختلف الأعمار، ما بين عائلات وشباب لديهم شغف بفن السينما وصناعتها.
وتركز النسخة الجديدة من الملتقى الذي تنظمه «هيئة الأفلام» على العلاقة بين السينما والعمارة، وكيفية إبراز العمارة ضمن السرد البصري المقدم في الأعمال الفنية، ومن بين الفعاليات المختلفة ضمن الملتقى جلسة حوارية مع مصمم المناظر المصري أنسي أبو سيف التي حاوره فيها الناقد السعودي أحمد العياد، واستعاد معه على مدار أكثر من ساعة ذكريات أعماله المختلفة في السينما المصرية.
شهد الملتقى إقبالاً لافتاً (هيئة الأفلام)
اقرأ ايضا: «العودة من الموت» يروي نجاح الفتح الملحمي في النجاة من دوامة الهبوط
وقال أبو سيف خلال الندوة إن ديكور الحارة الذي صممه في فيلم «الكيت كات» استغرق وقتاً طويلاً لإيجاد منتج يتحمس لتنفيذه، وعلى مدى 5 سنوات لم يستطع مع مخرج الفيلم داود عبد السيد إيجاد طريقة لتنفيذ المشروع مع استحالة التصوير في الحي الأصلي الذي تدور به الأحداث بوجود نجم مثل محمود عبد العزيز.
وأكد أنه أقنع المخرج يوسف شاهين بتفكيك ديكور فيلمه «الوداع يا بونابرت» الذي كان قد بناه قبل سنوات وإعادة استخدامه في مقابل دخول شاهين شريكاً في الإنتاج بالفيلم، مشيراً إلى أن هذا الأمر كان الطريق الوحيد لخروج الفيلم للنور.
كما تطرق إلى فلسفته في بناء الديكورات المختلفة والتعامل مع المخرج الراحل شادي عبد السلام في فيلم «المومياء» وطريقة عمله لخروج العمل للنور، مؤكداً أن «عبد السلام رفض تمويلاً فرنسياً لفيلمه وتمسك بأن يتم إنتاجه بدعم مصري فقط رغم استغراق الأمر وقتاً أطول».
وشاهد الحضور فيلم «هوبال» للمخرج عبد العزيز الشلاحي وأعقبته ندوة حوارية أدارها الدكتور علي زعلة تحدث فيها المخرج السعودي عن تحضيرات الفيلم وكواليس خروجه للنور، واهتمامه بوصفه ابناً للصحراء بتقديم موضوعات وأفكار من البيئة التي عاش فيها ونقاشه مع مؤلف الفيلم خلال التحضيرات الأولى.
تضمنت الجولة الأولى من الملتقى فعاليات عدة (هيئة الأفلام)
وأكد الشلاحي أنه كان حريصاً على وضع الممثلين بأجواء التصوير قبل بدء العمل بأسبوعين، ليعيشوا في الصحراء التي شهدت تصوير الأحداث، والتعايش مع النص والأدوار التي يقدمونها من دون أن يكون هناك تصوير وطلب منهم البقاء يومياً بالملابس الشخصية لعدة ساعات، الأمر الذي أقر بصعوبته في البداية عليهم لكن مع مرور الأيام تعايشوا مع الشخصيات بشكل كبير مما ساعد على خروج الفيلم بالصورة التي شاهدها الجمهور.
ويبدي الناقد السعودي فراس الماضي لـ«الشرق الأوسط» حماسه لما شهده من تفاعل الجمهور مع الملتقى وتنوع الموضوعات التي طرحت، وكذلك انخراط الشباب بالتفاعل، مؤكداً أن مثل هذه اللقاءات تعزز من انتشار ثقافة النقد.
وأضاف الماضي أن «الملتقى نجح بجولته الأولى في تحقيق أهم أهدافه بالوصول إلى جمهور مختلف وهو ما برز في الإقبال الكثيف على الفعاليات بما فيها النقاش مع صناع الأفلام، والتنقل بين محطات المملكة لنشر ثقافة النقد السينمائي».