- اعلان -
الرئيسية الثقافة والتاريخ «البث المباشر» يعزز المنافسة بين «يوتيوب» والقنوات التلفزيونية

«البث المباشر» يعزز المنافسة بين «يوتيوب» والقنوات التلفزيونية

0

تقدّمت منصة «يوتيوب» بعرض للحصول على حقوق بث حفل توزيع جوائز الأوسكار، الحدث الأهم في صناعة السينما العالمية، في تحرك قد يُعيد تشكيل ملامح المنافسة بين المنصات الرقمية والقنوات التلفزيونية.

تمثل هذه الخطوة «نقلة نوعية» في استراتيجية «يوتيوب»، التي تملكها شركة «غوغل»، نحو تعزيز حضورها في مجال البث المباشر للأحداث الكبرى، لا سيما بعد استحواذها في وقت سابق على حقوق بث فعاليات رياضية بارزة مثل «إن إف إل صنداي تيكيت» (لنقل مباريات كرة القدم الأميركية). ويبدو أن المنصة تسعى الآن للتوسع في محافل الترفيه العالمية، واستقطاب جمهور جديد عبر تقديم محتوى حيّ يتجاوز النطاق المعتاد للفيديوهات المسجلة.

جدير بالذكر أنه لأكثر من خمسة عقود، بثّت قناة «إيه بي سي» التابعة لشركة «والت ديزني» حفل الأوسكار في موعد سنوي ثابت، كما واصل المنظمون تجديد العقد مع القناة حتى عام 2028، لكن من الواضح أن «أكاديمية السينما والعلم» الأميركية -مانحة جوائز الأوسكار- بدأت استكشاف إمكانات جديدة تتمثل في البث المباشر عبر منصة رقمية قد تكون صفقة اقتصادية أفضل.

في المقابل، تَبيَّن أن «يوتيوب» تعزّز مكانتها في عالم البث المباشر، فقد حصلت أخيراً على حقوق نقل مباريات الدوري الأميركي مجاناً على منصته، كذلك ذكر موقع «بلومبرغ» أن «يوتيوب» حصلت على حقوق بث 20 مباراة مباشرة للدوري الألماني موسم 2025–2026 ضمن استراتيجية تستهدف الجيل الجديد من الجمهور.

شعار «يوتيوب» (د.ب.أ.)

من جهة ثانية، صحيح أن المؤسسة مالكة الأوسكار لم تحسم المنافسة المحتدمة بين المنصات الرقمية مثل «يوتيوب» وشبكة قنوات التلفزيون التقليدية، غير أن مراقبين توقعوا أن يكون للخطوة تأثير على التلفزيون التقليدي، وإحداث تغيرات متسارعة في نمط استهلاك المحتوى، لا سيما أن لدى «يوتيوب» القدرة على اجتذاب جمهور هائل عالمياً، مما قد يُعيد للأوسكار بريقها.

الدكتور السر علي سعد، الأستاذ المشارك في تخصّص الإعلام الجديد بجامعة أم القيوين في دولة الإمارات العربية المتحدة، عدَّ دخول «يوتيوب» هذا المجال «تحولاً استراتيجياً كبيراً». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القنوات التلفزيونية التقليدية كانت تعتمد تاريخياً على الحصرية في جذب الجمهور؛ أي امتلاك حقوق بث مباريات كرة القدم، أو الجوائز العالمية مثل الأوسكار… لكن الآن عندما تنقل (يوتيوب) هذه الأحداث إلى فضاء رقمي مفتوح، فإنها لا تغيِّر فقط مكان المشاهدة، بل تغير طبيعتها أيضاً».

اقرأ ايضا: «مركز أبوظبي» يحوّل مئات الكتب إلى صيغ رقمية وصوتية

وأردف سعد: «المشاهد لم يعد مجرد متلقٍّ كما كان في السابق، بل أصبح جزءاً من الحدث، يعلق، ويشارك، بل ينشئ محتوى، والنتيجة المتوقعة هي تراجع تدريجي في نسب مشاهدة التلفزيون، خصوصاً بين الفئات العمرية الشابة التي لا ترى في شاشة التلفزيون التقليدي أهمية توازي ما تحصل عليه من تفاعل وسهولة الوصول عبر المنصات الرقمية». واستشهد، من ثم، بـ«تجربة نتفليكس»، قائلاً: «بمجرد أنها وفَّرت مرونة المشاهدة عند الطلب انخفضت نسب متابعة المسلسلات عبر القنوات التقليدية بشكل لافت». ويبدو أن «يوتيوب» تكرر السيناريو، لكن في عالم البث المباشر.

سعد أشار أيضاً إلى أن تعزيز خدمات البث المباشر على المنصات الرقمية بعرض محافل دولية بارزة يعزّز المنافسة بين «يوتيوب» والتلفزيون التقليدي بسبب تغيير النمط الاقتصادي. وشرح أن «الشركات والعلامات التجارية الآن تبحث عن العائد الملموس والقابل للقياس، وهو ما توفره المنصات الرقمية عبر الاستهداف الدقيق والتحليلات المتقدمة. وبينما يُقدم التلفزيون نسب مشاهدة تقديرية، فإن خدمات (يوتيوب) و(فيسبوك)، وحتى (نتفليكس)، تقدم بيانات تفصيلية: مَن شاهد الإعلان؟ وكم دقيقة استغرق؟ وهل تفاعل مع المنتج أحد؟ وهذا يعني أن ميزانيات الإعلانات تتحرك تدريجياً من التلفزيون نحو المنصات الرقمية».

ولفت إلى أن «انعكاس ذلك على التلفزيون التقليدي خطير، إذ يؤدي إلى انكماش الإيرادات وصعوبة تمويل إنتاج ضخم أو شراء حقوق بث باهظة الثمن».

من جانب آخر، حسب تقرير «بلومبرغ» فإن «يوتيوب» تمكّنت من تحقيق مشاهدات مليونية لإعلان ألبوم المغنية الشهيرة تايلور سويفت، الذي عُرض خلال البث المباشر لمباريات الدوري الأميركي. ووصف موقع «أوردس ديلي» دخول «يوتيوب» منافساً في هذا المجال بأنه كان «مفاجأة غير متوقعة» رغم ظهور منصات «نتفليكس» أو «هولو» في السابق؛ ثم إن التغيير يكمن في أن هذه المنصات تقتصر على المشتركين فقط، لكن «يوتيوب» قادرة على الوصول إلى العالم بأسره، مما يجعل الخدمة الخيار المثالي لمزيد من الوصول والتأثير والمشاهدة.

تعليقاً على ما سبق، قال أحمد عبد الله، المتخصص ومدير الديجيتال في «مايكروسوفت» سابقاً، لـ«الشرق الأوسط»، إن «يوتيوب» تعتمد لمنافسة التلفزيون التقليدي على قدرتها على جذب الأجيال الشابة، ولقد «نجحت (يوتيوب) بالفعل من خلال تجربة بث الدوري الإيطالي على مدى سنتين في الوصول إلى جمهور أوسع، في حين فقدت القنوات ميزة احتكار الجمهور، لا سيما أن (يوتيوب) تضيف قيمة التفاعل».

ويتوقع عبد الله أن تحسم «يوتيوب» هذه المنافسة لصالحها، ما دامت القنوات لا تزال متمسكة بالنمط التقليدي للمشاهدة فقط. وتابع: «سر نجاح (يوتيوب) هو التفاعل لا المشاهدة فقط. وفي حين يتمتع التلفزيون بجودة الإنتاج العالي، تتفوق (يوتيوب) عليه في خلق مساحة تفاعلية حقيقية. وفي تجربة بث الدوري الإيطالي على (يوتيوب) لم يكتفِ الجمهور بالمشاهدة، بل شارك في التعليق والنقاش عبر المحادثات المباشرة، كأنهم في المدرجات لا خلف الشاشات».

عبد الله رأى أيضاً الإعلانات الرقمية عاملاً بارزاً آخَر في هذا التنافس المحتدم، فقال إن «الشركات باتت تفضل الإعلانات الرقمية. على سبيل المثال، حفل الكرة الذهبية (Ballon d’Or)، الذي اعتادت القنوات الفضائية نقله لسنوات، بات يُبث حالياً عبر الإنترنت، مستقطباً رعاة كباراً يستهدفون جمهوراً محدداً بإعلانات مُخصصة وذات قياس واضح للأداء». وأضاف: «هذا المسار يتوجّب واقعاً على القنوات التقليدية احتواؤه مبكراً من خلال فهمها أن بقاءها في الساحة مرهون بالقدرة على التفاعل مع جمهور رقمي يفضل المحتوى المخصص والتفاعلي».

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version