- اعلان -
الرئيسية الاخبار العاجلة التحالف الحاكم في العراق يتراجع عن تشريع «الحشد الشعبي»

التحالف الحاكم في العراق يتراجع عن تشريع «الحشد الشعبي»

0

قرر التحالف الحاكم في العراق وقف التصعيد مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتعطيل التصويت على قانون «الحشد الشعبي»، وتأجيل البتّ في مصير هذه القوات التي يتجاوز عددها 200 ألف مقاتل، بانتظار حسم الصراع في لبنان على نزع سلاح «حزب الله».

ويُعتقد على نطاق واسع أن قانون «الحشد» الذي عارضته واشنطن بقوة، يمنح جماعات موالية لإيران إطاراً مؤسساتياً يوازي وزارة الدفاع، ويحظى باستقلالية من حيث التمويل والتدريب في أكاديمية عسكرية خاصة.

وكشفت مسودة القانون المنشورة في موقع البرلمان، أن عناصر «الحشد» سيتلقون تعليمات قد تكون ذات طابع مذهبي، بسبب السعي لإقرار «مديرية التوجيه العقائدي».

وكان المرشد الإيراني علي خامنئي، وأمين مجلس الأمن القومي علي لاريجاني، قد دافعا، في مناسبات عديدة، لا سيما بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، عن وجود «الحشد» في العراق، وحذَّرا من حله وتقويض أدواره.

لكن، وخلافاً للمسار الشائع عن قبضة إيران، يعكف التحالف الشيعي الذي يواجه انقسامات في قضايا استراتيجية على معالجة مسألة قانون «الحشد الشعبي» ببدائل قد تبدو شكلية. وقال قيادي في «الإطار التنسيقي» إن «الظهير المسلح الذي يُفترض به حماية الفاعلين الأساسيين، يتحول إلى جمرة لا يمكن حملها طويلاً».

مع ذلك، قد يكون هذا التحول الذي يصيب خطاب «الإطار التنسيقي» أحد «تكتيكات إيرانية متبعة لتفادي الضغوط»، كما يعتقد مسؤول حكومي سابق.

مقاتلون يرفعون شعار «الحشد» خلال تدريبات عسكرية (الحشد الشعبي)

تحدث قيادي بارز في «الإطار التنسيقي»، لـ«الشرق الأوسط»، عن تطورات لافتة داخل مطبخ القرار. قال إن «التحالف حسم أمره في اجتماع عقده أخيراً في العاصمة بغداد، بشأن إيقاف إجراءات كانت محل خلاف حاد مع واشنطن، من بينها قانون (الحشد)».

ونقل القيادي عن الاجتماع أن «قادة التحالف توصلوا إلى قناعة نهائية بأن تمرير القانون لن يحقق مصالح البلاد العليا». رغم ذلك، فإن «هادي العامري (زعيم منظمة بدر) وهمام حمودي (زعيم المجلس الأعلى الإسلامي) كانا أكثر مَن دفعا للتصويت على القانون»، وفق مصادر مطلعة.

ودافع ناشطون مقربون من التحالف الحاكم عن وجهة نظر العامري وحمودي التي كانت تفيد بأن القانون نفسه قد يكون «فرصة لفرض سيطرة الدولة»، لكن شكوكاً دوليةً ومحلية تغلبت، بسبب «شبح إيراني يطل برأسه على مؤسسة تثير الانقسام في البلاد».

خلال اجتماع «الإطار التنسيقي»، أبلغ زعيم حزب شيعي مخضرم زملاءه بأن «المؤشرات التي ترد من واشنطن مقلقة، وتستدعي التريث».

كان المجال العام مزدحماً بسرديات مختلفة عن طبيعة التهديد الأميركي للعراق في حال شرع القانون. وصل الأمر من لسان رئيس البرلمان محمود المشهداني الذي لمح إلى «غزو بري قد يجتاح البلاد». وتحدث سياسيون عن عقوبات اقتصادية على خلفية اعتبار العراق «دولة حاضنة للإرهاب».

ويلخص مسؤول عراقي لـ«الشرق الأوسط»، وجهة النظر الأميركية التي نقلها موظفون دبلوماسيون زاروا بغداد، الأسابيع الماضية، بأن القانون يمنح «الحشد» بُعداً استراتيجياً، إذ «يساهم في حماية النظام الدستوري والديمقراطي في العراق»، وهذه مهمة إشكالية بسبب نفوذ إيران المتجذر في جماعات أساسية داخل الهيئة.

في النهاية، قرر «الإطار التنسيقي» بدلاً من تمرير القانون البحث عن صيغة بديلة تشمل إقرار هيكلية مناصب أمنية داخل هيئة الحشد ضمن صلاحيات الحكومة، ولا تحتاج إلى العودة للبرلمان.

ووصف القيادي الصيغة البديلة بأنها «شكلية لإرضاء قوى متشددة كانت تصر، ولا تزال، على تمرير القانون»، لكن مصادر مطلعة رجحت أن «الحكومة لن تبادر بصياغة الإجراءات البديلة بسبب حسابات دقيقة تتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، والضغط الانتخابي الهائل على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني».

وقال مستشار حزبي بارز شارك أخيراً في نقاشات عن مصير القانون، إن «الحكومة لن تقوم بإجراءات بديلة. لن تقترب من القانون، ولن تتحمل الارتدادات المتوقَّعة».

لذلك، شبه القيادي الشيعي هذه العملية المعقَّدة بـ«الوقوف على لغم تحت الأرض، سينفجر مع أقل حركة».

اقرأ ايضا: نيوم ينافس إيبسويتش على لاعب نابولي

أرشيفية لعناصر من «الحشد» خلال دورية في موقع شمال بغداد (إعلام الهيئة)

تسود حالة من عدم اليقين داخل «الإطار التنسيقي». وقالت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن قادة في التحالف يرون أن إدارة الرئيس الأميركي تريد ما هو أكثر من تعطيل قانون الحشد، والمضي إلى حله أو دمجه. «فلم لا نجرب التهدئة ونرى ما سيحدث».

لكن قرار «الإطار التنسيقي»، في تأجيل المواجهة مع ترمب، يعود إلى كسب الوقت وانتظار ما ستؤول إليه الأمور في لبنان، وفق القيادي الشيعي.

ويرهن التحالف الحاكم خطوته المقبلة لحسم مصير «الحشد» بنتائج الصراع حول مصير سلاح «حزب الله». وحسب القيادي الشيعي، فإن «كل شيء سيتوقف على ما إذا كان (حزب الله) قادراً على التموضع مجدداً، بالسلاح أو من دونه، بينما يواجه ضغوطاً خارجية وداخلية هائلة».

وقال القيادي: «ننظر إليهم (حزب الله) بحذر. نعتقد أنهم لن يسلموا بسهولة، ولا بد من صفقة. سنرى ما سيحدث، وسترون انعكاسه في بغداد»، وتساءل: «كيف سيكون التوازن الجديد بعد نزع سلاح أكبر طرف يمثل المقاومة في المنطقة؟».

بدا «الإطار التنسيقي» قد أعاد إحدى قدميه إلى الخلف من أجل التهدئة مع الولايات المتحدة التي تضغط بشكل متزايد، للتأكد من أن إيران لا يمكنها الوصول إلى موارد عسكرية ومالية في العراق.

والأسبوع الماضي، اجتمع سياسيون مع زعيم شيعي لمناقشة التهديدات الأميركية. كانوا يسألون عما إذا كانت جدية ووشيكة. قال إن «بغداد تلقت إشارات أوحت لنا بأن النظام السياسي. أشدد على عبارة (النظام السياسي)، مهدَّد بالخطر». وتابع: «من الواضح أن علينا تقديم أجوبة مختلفة عما ستكون عليه علاقتنا بإيران. ما زلنا نبحث في الأفكار والعبارات المناسبة».

في اجتماع منفصل، خلال الفترة نفسها، علمت «الشرق الأوسط» أن زعيم فصيل مسلح، كان قد التزم بالتهدئة طيلة العامين الماضيين، أبلغ مقربين منه بأن «(الإطار التنسيقي) قرر تجنب المغامرات».

وإذا تم تشريع القانون، فسيواجه العراق وضعاً صعباً مع الأميركيين، كما تفيد رسائل التهديد المزعومة، لكن عدم تشريعه أيضاً سيرتد على قادة الفصائل المسلحة. قال القيادي الشيعي: «كيفما تسقط العملة الحديدة، ستخسر في كلا الوجهين».

خلال الأسبوعين الماضيين، تحوَّل قانون «الحشد» إلى لغم ينفجر على التحالف الحاكم في جميع الأحوال، سواء شرعه البرلمان أو مضى في تأجيله، مع أن مشرعين ما زالوا يحاولون تحقيق نصاب جلسة التصويت؛ إذ يضغطون بارتداء بدلات عسكرية.

وقال القيادي الشيعي إن «القوى المنخرطة في التحالف الحاكم لديها حسابات انتخابية، وتريد نهاية مقبولة لجمهورها، بينما يركن قانون الحشد على الرف».

وتجنباً لانفجار اللغم، تبحث هذه القوى عن مخرج من المأزق الذي يتفاقم في الأمتار الأخيرة قبيل الانتخابات التشريعية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وأفاد مستشار سياسي بأن أحزاباً متنفذة داخل «الإطار التنسيقي» تبحث عن «سيناريو لإخراج جلسة التصويت على القانون دون تصويت»، في حين تحدثت مصادر عن رسائل أبلغت أحزاباً كردية وسنية بأنه «لا داعي لحضور نوابها الجلسة».

إلا أن السيناريو الأكثر قبولاً داخل «الإطار التنسيقي» أن يحضر عدد لا يضمن النصاب، لكنه يقدم صورة حاشدة عن النواب الشيعة وهم يرتدون الزي العسكري.

لكن المعضلة الكبرى، وفق القيادي الشيعي، تتعلق بكيفية التصرف بقانون الحشد الشعبي؛ إذ يعول عليه قادة فصائل للحصول على غطاء حكومي وقانوني يؤمن نفوذهم المسلح، الذي يبقى محل شك إقليمي ودولي.

أحد المشرعين العراقيين، الذي ادعى أنه شارك في كتابة فقرات في قانون «الحشد الشعبي»، قدم تصوراً عن ارتدادات عدم تشريعه. وقال إن «غياب الغطاء القانوني للجماعات المسلحة لا يفقد قادتها النفوذ المنتظر وحسب، بل سيرتد على تماسك الكيان».

وأوضح المشرع، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن «فقدان القدرة على مأسسة الحشد إلى مستوى جهاز يوازي وزارة الدفاع، كما كان يطمح قادة فصائل، سيسرب الشك والإحباط إلى صفوف المقاتلين الذين يبحثون عن صيغة مستقرة قابلة للصمود، كما هو الوضع في بقية الوكالات الأمنية الحكومية مثل قوات الرد السريع والأمن الوطني وجهاز مكافحة الإرهاب.

والحال أن «الإطار التنسيقي» قرر إيقاف العجلة، محاولاً «إعادة تعريف نفسه كشريك موثوق في المنطقة»، لكن هذا يتطلب صفقة صعبة مع إيران لن يتحدد شكلها قبل حسم التسويات الأمنية والسياسية في لبنان، وفق المصادر.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version