في الوقت الذي أطلق فيه الجيش الإسرائيلي هجومه الحربي على دير البلح، المنطقة التي يعتقد أن «حماس» تحتجز رهائن فيها، وجَّه «منتدى عائلات المخطوفين» نداء استغاثة يعبّر عن مدى القلق على حياتهم.
وعبّرت العائلات أيضاً عن إحباطها من الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو «التي لم تعد تخفي استخفافها بحياة أولادنا»، في إشارة إلى تصريحات وزيرة الاستيطان، أوريت ستروك، التي قالت فيها إنه «يجب الحذر بعدم المساس بالمخطوفين، ولكن لا بد من التصعيد، ومن الواضح أن التصعيد قد يؤدي إلى مقتل مخطوفين».
وقال المنتدى إن هذا الهجوم لا يعبّر عن خطة استراتيجية تخدم أمن إسرائيل، ولا ينطوي على خطوات تبيّن أن هناك حرصاً على عدم المساس بالمحتجزين في وقت يجري فيه الحديث عن احتمال التوقيع على صفقة وشيكة.
فلسطينيون يحملون يوم الاثنين جثثاً عند مستشفى ناصر في خان يونس بعد مقتل أصحابها في هجوم على خيمة تؤوي نازحين (رويترز)
وقالت راحيلي فيرمان، مديرة إحدى خيام الاحتجاج في تل أبيب: «منذ أعلنوا عن الهجوم على دير البلح ونحن نعيش في رعب مخيف. لقد سبق وقُتل مخطوفون جراء عمليات جيشنا. فلماذا يُقتل المزيد؟».
وأضافت: «قُتل جنود كثيرون في الحرب التي يُفترض أن تنقذ أرواح المخطوفين. فلماذا؟ لماذا تطول هذه الحرب 654 يوماً؟ ما الفائدة؟ ماذا يمكنهم أن يفعلوا؟».
كان رئيس أركان الجيش إيال زامير قد زار قطاع غزة، الأحد، وقال إن التصعيد الحربي يساهم في الضغط على «حماس»، وإن قواته لن تتوغل في دير البلح، لكنها ستطوقها، وتقصفها من بعيد.
غير أنه في اليوم التالي، باشرت قواته التقدم باتجاه المدينة، ودفعت سكان الجنوب الغربي منها إلى الرحيل نحو المواصي بدعوى أنها «منطقة آمنة»، رغم أنها باتت مختنقة، ولم تعد تتسع لمئات الآلاف من النازحين القادمين إليها من كل المناطق.
نحيب أم على ابنها بمستشفى الشفاء بمدينة غزة يوم الأحد بعد مقتله بالرصاص عند نقطة توزيع للمساعدات (إ.ب.أ)
اقرأ ايضا: مقتل 12 فلسطينياً من «منتظري المساعدات» بنيران إسرائيلية في غزة
وأثار الهجوم التصعيدي، في وقت تبث فيه الحكومة والوسطاء أنباء متفائلة عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف النار، غضباً عارماً في إسرائيل، وليس فقط لدى عائلات المحتجزين.
فقد حذر عشرات المحللين والخبراء العسكريين والسياسيين منه، مؤكدين أن الجيش «يغرق في وحل غزة» بلا أي هدف أمني حقيقي. وأشاروا إلى أن الجيش نفسه غير مقتنع بهذه الحرب، لكنه ينفذ قرارات القيادة السياسية.
وقبل بضعة أيام، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقالاً افتتاحياً بقلم خبيرها الاستراتيجي رون بن يشاي، قال فيه: «نتنياهو جن جنونه، والحكومة التي يقودها ليست سوية».
وأضاف أنه ولأول مرة في حياته الصحافية التي دامت 50 سنة يدعو الحكومة المنتخبة إلى الاستقالة «فهي موتورة، ولا تصلح للحكم».
ورد عليه الكاتب السياسي في الصحيفة، ناحوم برنياع، في مقال افتتاحي، قائلاً: «بن يشاي كتب بدم قلبه. إنه في نظري محلل عسكري متفوق، ذو شجاعة استثنائية، مهنية لا تعرف الهوادة، ومعرفة وتجربة لا تقدر بالذهب».
ثم أضاف: «ولكن ماذا إذا كان رون مخطئاً؟ ماذا إذا كانت القرارات الرهيبة التي يشير إليها ليست ثمرة روح حكم جن جنونه، بل نتاج مسيرة مخطط لها، منهجية ومرتبة».
ومضى قائلاً: «نتنياهو مُصر على استمرار الحرب، وبالتوازي يضغط لإقرار قانون يسوغ تملص الجماعة الحريدية من الخدمة العسكرية».
صلاة الجنازة على قتلى قصف إسرائيلي في دير البلح يوم الاثنين (أ.ب)
وتابع: «استمرار الحرب يستهدف إعفاء نتنياهو من ضغط الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير؛ واستمرار التملص من الخدمة يستهدف إعفاءه من ضغط الحاخاميين. الهدف واحد: ضمان استمرار ولايته رئيساً للوزراء».
ثم استطرد: «لم يتولَّ في إسرائيل رئيس وزراء تمسك بكرسيه مثل رئيس الوزراء الحالي. لم يتولَّ رئيس وزراء كان منشغلاً بهذا القدر بنفسه، بمصالحه، وبنفعه الشخصي».