السبت, يوليو 19, 2025
spot_img
الرئيسيةالاخبار العاجلة«الجنائية الدولية»... سيف مسلّط على رقاب ميليشيات ليبية متهمة بـ«التعذيب»

«الجنائية الدولية»… سيف مسلّط على رقاب ميليشيات ليبية متهمة بـ«التعذيب»

ابتهج ليبيون لإعلان المحكمة الجنائية الدولية اعتقال خالد الهيشري، الملقب بـ«البوتي»، أحد المسؤولين الكبار عن سجن معيتيقة، لدى وجوده في ألمانيا، وذلك لاتهامه بالتورط في «تعذيب سجناء، وارتكاب جرائم حرب».

ومعيتيقة سجن كبير «سيئ السمعة» تديره بشكل كامل ميليشيا «جهاز الردع»، بقيادة عبد الرؤوف كارة، الذي دخل في صِدام خلال الشهرين الماضيين مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

أعلنت «الجنائية الدولية»، الجمعة، أن السلطات الألمانية اعتقلت الهيشري، الأربعاء، «بناء على أمر بالقبض أصدرته الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة في 10 يوليو (تموز) 2025»، بعد اتهامه باحتجاز آلاف الأشخاص و«ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، في سجن معيتيقة.

وزيرة العدل بحكومة الدبيبة حليمة إبراهيم (المكتب الإعلامي للوزارة)

وتفاعل سياسيون ونشطاء ومنظمات حقوقية في ليبيا بنبأ توقيف الهيشري في ألمانيا، وطالبوا بمحاسبة باقي «المتورطين»، مشيرين إلى أن «جرائم الميليشيات المرتكبة بحق سجناء ومواطنين ومهاجرين ستظل تطاردهم»، وأن المحكمة الجنائية «ستظل سيفاً على رقاب من لم تطله يد العدالة في ليبيا».

وقالت المحكمة، في بيان: «يشتبه أن الهيشري ارتكب بشكل مباشر، أو أَمر أو أشرف على جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بما في ذلك القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي، والتي يزعم أنه تم ارتكابها في ليبيا من فبراير (شباط) 2015 إلى أوائل عام 2020».

وتعتمد المحكمة على دول أخرى لتنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدرها. وسيبقى الهيشري في السجن بألمانيا حتى انتهاء الإجراءات القانونية، المنصوص عليها في المادة الـ59 من (نظام روما الأساسي) لنقله إلى لاهاي.

وعقّب خليل الحاسي، الإعلامي الليبي، على اعتقال الهيشري، بقوله إن جلادي السجون الليبية «يواجهون أسوأ كوابيسهم، حيث صاروا اليوم يُسحبون مثل الفئران المذعورة من بوابات المطارات الأوروبية دون أي حصانة، ولا أرتال ولا ميليشيات تحميهم».

وسبق أن أعلن كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، عن قائمة تضم العديد من المطلوبين للمحكمة، بتهم «التعذيب والقتل». فيما لا تزال ثمانية أوامر قبض سارية المفعول بانتظار تنفيذها ضد كلّ من نجيم، وسيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، وعبد الرحيم الشقاقي، ومخلوف ارحومة دومة، وناصر مفتاح ضو، ومحمد الصالحين سالمي، وعبد الباري عياد الشقاقي، وفتحي الزنكال.

سيف القذافي «متداولة»

وخلال الأشهر الماضية، طالب خان السلطات الليبية بضرورة تسليم أسامة نجيم، آمر جهاز الشرطة القضائية في ليبيا، للمحكمة بتهم «ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، مشيراً إلى أنه تم تجميد ممتلكاته، البالغ قيمتها نحو 12 مليون جنيه استرليني.

وسبق أن أقال الدبيبة نجيم من منصبه بعد المطاردة الدولية له، وهو الأمر الذي رحّب به المدعي العام للمحكمة في إحاطته أمام مجلس الأمن، منتصف مايو (أيار) الماضي، لكنه لا يزال يطالب بتسليمه.

نوصي بقراءة: رئيس حزب العدل يعقد اجتماعا تنظيميا لمرشحيه لمجلس الشيوخ بعد غلق باب الترشح

كانت السلطات الإيطالية قبضت على نجيم في يناير (كانون الثاني) الماضي، بناءً على مذكرة اعتقال صادرة عن «الجنائية الدولية» لاتهامه بارتكاب «جرائم قتل وتعذيب، واغتصاب معتقلين في ليبيا»، لكنها أطلقت سراحه، وأعادته إلى طرابلس على متن طائرة حكومية. وأثار إطلاق سراحه غضباً بين أحزاب المعارضة الإيطالية، وأدى إلى تحقيق قانوني مع رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، وعدد من مسؤولي الحكومة.

ووصفت الباحثة الليبية، ريم الباركي اعتقال الهيشري، في ألمانيا بأنه خطوة «بالغة الأهمية»؛ بغض النظر عمّا ستؤول إليه الأمور لاحقاً، سواء تم تسليمه إلى المحكمة الجنائية أم إلى ليبيا، كما حدث مع نجيم».

وفد من المحكمة الجنائية الدولية يلتقي النائب العام في ليبيا نوفمبر 2024 (مكتب النائب العام)

وقالت الباركي: «كون هؤلاء الأشخاص مطلوبين دولياً وتتم ملاحقتهم فكرة مُطمئنة للغاية. وتعميمها وترسيخها يعني أننا تدريجياً سنتخلّص من السفّاحين، عندما يبدأ كل منهم بالتفكير ملياً قبل أن يُقدِم على جرائمه بحقّ الليبيين».

وانتقدت الباركي عمليات «الإفلات من العقاب» في ليبيا، نتيجة ما أسمته حالة «التواطؤ الواسعة»، التي تحدث مع المتورطين في جرائم، وقالت إن ذلك «يمنحهم شعوراً بالراحة، ويُفسح لهم المجال للاستمرار في جرائمهم داخلياً؛ أما التضييق عليهم خارجياً، وزعزعة استقرارهم واستغلالهم وتسهيل استثماراتهم في عواصم أوروبا، ثم مصادرتها باسم العدالة، فهذه فكرة عظيمة بالفعل».

وتتهم كثيراً من الميليشيات الليبية بنقل أموال راكمتها من أنشطة تهريب الوقود، والاتجار بالبشر إلى خارج البلاد، واستثمارها في شركات وعقارات.

أسامة نجيم الرئيس المقال لجهاز الشرطة القضائية في ليبيا (حسابات موثوقة على وسائل التواصل)

ويؤكد ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية أن سجن معيتيقة كان أكبر مركز احتجاز في غرب ليبيا، حيث احتُجز بداخله آلاف المعتقلين في زنازين ضيقة تفتقر إلى أدنى معايير النظافة، وتعرضوا على نحو ممنهج للاستجواب باستخدام العنف وللتعذيب، وأيضا للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب.

وتُجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات في جرائم خطيرة، تردد أنها ارتُكبت في ليبيا منذ الحرب الأهلية هناك عام 2011.

وكانت وزارة العدل التابعة لـ«الوحدة» قالت إنها «رفعت القيد الإجرائي عن نجيم، امتثالاً للقانون وللقواعد الولائية لولاية القضاء الوطني، بناءً على طلب النائب العام الليبي من الوزارة»، بما يؤشر على قرب تسليم نجيم للمحكمة الدولية، لكنها تراجعت في اليوم التالي.

يشدد مجلس الأمن الدولي على ضرورة عدم الإفلات من العقاب «على الجرائم الخطيرة»، المرتكبة على «نطاق واسع» في ليبيا، لكن عدداً من السياسيين يرى أن العلاقة الحاكمة بين سلطات طرابلس وكثير من الميليشيات هي التي تحكم عملية تسلميهم إلى «الجنائية» من عدمه.

كما تلفت «منظمة العفو الدولية» إلى أن الإفلات من العقاب في ليبيا يشجع ميليشيا على ارتكاب عمليات قتل غير مشروع، واحتجاز الأفراد تعسفياً، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.

وباتت ليبيا تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، التي تحقّق في جرائم ضد الإنسانية يُشتبه بأنها ارتُكبت على أراضيها منذ عام 2011.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات