في خطوة تعكس تزايد المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية في اليمن، ترأس رئيس مجلس الوزراء، سالم بن بريك، اجتماعاً حكومياً موسعاً في العاصمة المؤقتة عدن، لمناقشة التداعيات الإنسانية والمادية التي خلفتها موجة السيول الأخيرة، والإجراءات العاجلة التي تعتزم السلطات تنفيذها للتقليل من آثارها.
الاجتماع الذي ضم وزراء ومسؤولين معنيين، ركز على تقييم حجم الأضرار الناجمة عن المنخفض الجوي الذي ضرب عدداً من المحافظات، بما في ذلك انهيار البنية التحتية، وإغراق الأراضي الزراعية، وتعطل شبكات الخدمات العامة.
وأكد رئيس الوزراء اليمني أن الحكومة بصدد اعتماد مقاربة مزدوجة، تقوم على خطط عاجلة للاستجابة الإنسانية، بالتوازي مع رؤى استراتيجية طويلة المدى، تراعي حجم التحديات البيئية والمناخية التي تواجه البلاد.
من أبرز القرارات التي خرج بها الاجتماع، البدء بتنفيذ مشروع الممر المائي في منطقة الوادي الكبير بعدن، بطول 13 كيلومتراً وعرض 300 متر، بهدف تصريف السيول وتجنب الكوارث المتكررة.
رئيس مجلس الوزراء اليمني سالم بن بريك (سبأ)
وسيشمل المشروع إقامة جدران حماية ورصف المجرى بالأحجار، مع إزالة جميع التعديات العمرانية الواقعة ضمن مساره، حفاظاً على المخطط التوجيهي لمحافظة عدن. كما أُعلن في الاجتماع عن إنشاء مركز طوارئ وطني لتوحيد جهود مواجهة الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية، بما يضمن تنسيقاً فعالاً بين المستويات المحلية والمركزية.
في هذا السياق، شدد بن بريك على ضرورة الوقف الفوري للبناء العشوائي في مجاري السيول والأودية، واعتبار هذه الممارسات جريمة تهدد السلامة العامة. وأكد أن البناء غير المنظم يعد أحد أبرز أسباب تفاقم الخسائر البشرية والمادية خلال موجة السيول الأخيرة، متعهداً بمحاسبة الجهات والأفراد المتورطين في منح تراخيص مخالفة أو تنفيذ مشاريع دون مراعاة المعايير الفنية.
اقرأ ايضا: «حماس» جاهزة للانخراط «فوراً» في محادثات وقف النار في غزة
الاجتماع شدد كذلك على أهمية سرعة إصلاح الطرقات المتضررة، وإعادة تشغيل شبكات الكهرباء والمياه، وتنفيذ حملات لتصريف مياه الأمطار من الأحياء السكنية، تفادياً لانتشار الأوبئة.
كما وجّه رئيس الوزراء اليمني بتسريع عملية حصر الأضرار عبر تقارير دقيقة، لرفعها إلى الشركاء الدوليين والمنظمات الأممية بهدف حشد الدعم الإغاثي وإعادة التأهيل.
أطفال يمنيون يلعبون في المياه المتجمعة نتيجة الأمطار الغزيرة في مخيم للنازحين جنوبي الحديدة (أ.ف.ب)
وتعكس هذه التحركات الحكومية – وفق مراقبين – إدراكاً متنامياً لخطورة التغيرات المناخية على الأمن الإنساني والاقتصادي، لا سيما مع تكرار الكوارث الطبيعية التي تضرب البلاد سنوياً.
وتؤكد تقارير أممية أن اليمن، بما يعانيه من هشاشة البنية التحتية وضعف القدرة المؤسسية، يعد من أكثر الدول عرضة لتداعيات الظواهر المناخية، وهو ما يستدعي تعزيز الشراكة مع المانحين الدوليين لتمويل مشاريع الحماية البيئية وبناء القدرة المجتمعية على التكيف.
وذكر الإعلام الرسمي اليمني أن بن بريك شدد خلال الاجتماع على أن حماية أرواح المواطنين تظل أولوية قصوى، مشيراً إلى أن مواجهة هذه التحديات لا يمكن أن تتحقق بجهود الحكومة وحدها، بل تتطلب مشاركة تكاملية تشمل السلطات المحلية، والمجتمع المدني، والشركاء الدوليين.
ويأتي هذا الاجتماع في ظل ظروف إنسانية معقدة يعيشها اليمن خلال سنوات الانقلاب الحوثي، حيث تضاعفت هشاشة البنية التحتية مع ضعف أنظمة الاستجابة، فيما تتفاقم المخاطر البيئية بفعل التغير المناخي.