سجل الاقتصاد الألماني انكماشاً بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثاني مقارنة بالأشهر الثلاثة الأولى من العام، متأثراً بتباطؤ الطلب من الولايات المتحدة، الشريك التجاري الرئيسي، بعد فترة من الشراء المكثف تحسباً للرسوم الجمركية الأميركية.
وعدّل مكتب الإحصاء، الجمعة، القراءة الأولية للانكماش من 0.1 في المائة إلى 0.3 في المائة، مخيباً توقعات انتعاش مستدام لأكبر اقتصاد في أوروبا هذا العام. وقال كارستن برزيسكي، الرئيس العالمي للاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»: «يبدو من غير المرجح أن نشهد انتعاشاً ملموساً قبل عام 2026»، وفق «رويترز».
وتعدّ ألمانيا العضو الوحيد بين اقتصادات مجموعة السبع المتقدمة الذي فشل في تحقيق نمو خلال العامين الماضيين؛ ما يضعها على مسار الركود للعام الثالث على التوالي لأول مرة في تاريخها بعد الحرب، خصوصاً مع استمرار التوترات التجارية.
وتسعى الحكومة الألمانية الجديدة إلى إنعاش الاقتصاد عبر حزمة «مُعزز للاستثمار» التي تتيح للشركات خيارات محسّنة لتخفيض قيمة الأصول، وزيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، إلى جانب خفض ضريبة الشركات. وأكدت وزارة الاقتصاد الحاجة إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات، وقال متحدث باسم الوزارة: «ما تم اتخاذه حتى الآن غير كافٍ، هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات لاستعادة تنافسية ألمانيا وإعادتها إلى مسار النمو».
نوصي بقراءة: كاشكاري من «الفيدرالي»: تباطؤ الاقتصاد يستدعي خفض الفائدة مرتين هذا العام
وسجلت الصادرات انخفاضاً بنسبة 0.1 في المائة، بينما كان أداء الإنتاج الصناعي أسوأ من التقديرات الأولية. كما تم تعديل استهلاك الأسر في الربع الثاني إلى زيادة طفيفة بنسبة 0.1 في المائة بعد مراجعة بيانات قطاعات الخدمات، بما في ذلك خدمات الإقامة والطعام لشهر يونيو (حزيران).
وسجل الإنفاق الحكومي ارتفاعاً بنسبة 0.8 في المائة مقارنة بالربع السابق، بينما انخفض الاستثمار الخاص بنسبة 1.4 في المائة. ولم تسجل التجارة الخارجية أي مساهمة إيجابية، حيث تراجعت صادرات السلع والخدمات بنسبة 0.1 في المائة مقارنة بالربع السابق.
وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد توصلوا إلى اتفاق تجاري إطاري في أواخر يوليو (تموز)، لكن تم تطبيق التعريفة الجمركية الأساسية البالغة 15 في المائة فقط حتى الآن، مع انتظار إجراءات تنفيذية لتغطية استثناءات قطاعات حساسة، مثل صناعة السيارات. وكانت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لألمانيا في 2024، بقيمة تبادل تجاري بلغت 253 مليار يورو (293 مليار دولار).
على صعيد إيجابي، شهد القطاع الخاص نمواً طفيفاً في أغسطس (آب)، مدفوعاً بقطاع التصنيع الذي سجل ارتفاعاً في الطلبات، وفق مؤشر مديري المشتريات المركب الألماني يوم الخميس.
وقال رالف سولفين، كبير الاقتصاديين في «كومرتس بنك»: «من المتوقع أن يشهد الاقتصاد انتعاشاً في الأرباع المقبلة بفضل تخفيضات أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي والسياسة المالية الأكثر توسعاً». وأضاف: «مع ذلك، من المرجح أن يكون هذا التحسن محدوداً؛ نظراً للمشاكل الهيكلية في الاقتصاد الألماني وارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية».