بدأت الحكومة السعودية تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء بتحديثاته الجديدة، يوم الأحد، وذلك ضمن توجيهات ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لدفع الملّاك إلى استخدام هذه الأراضي أو التخلص منها لصالح مطوّرين يقومون ببنائها وضخ المزيد من المعروض ما يسهم في انخفاض أسعار العقارات.
ومن أبرز ملامح التعديلات الجديدة، اتساع نظام الرسوم ليشمل الأراضي والعقارات الشاغرة، وتوحيد مراحل التطبيق من خلال فرض رسم سنوي على الأرض أو مجموع الأراضي التي تبلغ 5 آلاف متر فأكثر ضمن النطاق العمراني، بنسبة لا تزيد على 10 في المائة من قيمة الأرض، وفق ضوابط تحددها اللوائح.
ويُفرض رسم سنوي على العقارات الشاغرة بنسبة من أجرة المثل وبما لا يزيد على 5 في المائة من قيمة العقار، وفق أحكام هذا النظام وما تحدده اللوائح، ولا يشمل ذلك عقارات الدولة، ولمجلس الوزراء زيادة هذه النسبة إلى 10 في المائة بناءً على اقتراح من اللجنة الوزارية.
تنشيط المعروض
ويرى عضو لجنة العقار في غرفة الشرقية الرئيس التنفيذي لشركة «تمكين» الاستثمارية، المهندس حامد الحمري، أن تطبيق الرسوم سيؤثر على الملّاك من أجل تحفيز استخدام العقارات الشاغرة وتنشيط المعروض في السوق أو البيع لتجنب الرسوم ورفع حركة التطوير.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الاحتفاظ بالأراضي دون تطويرها سوف يزيد التكلفة على الملاك ما يلزمهم بدفع رسوم سنوية مرتبطة بالقيمة السوقية، وهو أمر يقلل من جدوى اكتناز هذه الأراضي.
ووجّه دعوة إلى جميع الملّاك للاستفادة من هذه الفرصة للبناء أو إشراك مطورين لإحياء هذه الأراضي، مشدداً على أهمية عمل برامج لتحفيز التطوير وتقديم التسهيلات البنكية ودعم الملاك بدراسة جدوى وخطط تطويرية لهذه العقارات.
ركود السوق
تصفح أيضًا: السعودية تجدد رفضها القاطع لمواصلة إسرائيل منهجيتها غير الإنسانية
من ناحيته، أكد المختص في الشأن العقاري رئيس مجموعة أماكن الدولية خالد الجاسر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «التخوف» سيكون حال العقاريين من التغيرات المتوقعة على السوق، وسيقود إلى الركود المتبوع بحذر شديد، موضحاً أن العرض سيزيد مقابل الطلب ما يمنح فرصة للراغبين في الشراء خلال تلك الفترة ممن يملكون السيولة الكافية.
وتوقع الجاسر أن يستمر هذا التخوف لمدة ستة أشهر مقبلة حتى تسترجع السوق قوتها ليصبح العرض مناسباً للطلب، مشيراً إلى حرص الحكومة على هذه الخطوة «الجبارة» التي ستعود بأسعار الأراضي إلى ما كانت عليه سابقاً.
تحفيز المطورين
من جهته، ذكر المستشار المالي والاقتصادي الدكتور حسين العطاس، لـ«الشرق الأوسط»، أن التعديلات الواردة على نظام رسوم الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة تمثل خطوة تنظيمية مهمة لتعزيز كفاءة السوق العقارية وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030» في رفع المعروض وتوازن الأسعار.
ومن أبرز الملاحظات المهنية، توسيع النطاق ليشمل العقارات الشاغرة بجانب الأراضي البيضاء، وهو تطور مهم لمعالجة أحد أبرز أسباب الجمود العقاري؛ حيث كانت بعض المباني تُترك دون استغلال رغم جاهزيتها، بحسب العطاس.
وأبان أن توحيد مراحل التطبيق ووضع حد أدنى للمساحات الخاضعة للرسوم 5 آلاف متر مربع سيحدان من التجزئة غير الفعّالة ويسهّلان مراقبة الامتثال، مبيناً أن ربط الرسوم بقيمة العقار أو الأرض بنسبة لا تتجاوز 10 في المائة يعزز العدالة ويجعل الرسوم متناسبة مع حجم الأصول، ما يقلل من التهرب ويحفز التطوير الفعلي.
ديناميكيات السوق
ووفق العطاس، إدخال مفهوم العقارات الشاغرة كالمباني غير المستغلة لفترة طويلة يعالج مشكلة نقص المعروض القابل للسكن أو الاستثمار رغم وجود مخزون عقاري قائم. وأضاف أن المرونة في إصدار اللوائح التنفيذية تمكّن وزارة الشؤون البلدية والإسكان من التكيف مع ديناميكيات السوق، ما يمنح النظام قدرة أكبر على مواكبة التغيرات الاقتصادية والعمرانية. وتابع أن هذه التعديلات قد تُسرّع من وتيرة التطوير والاستثمار الفعّال، وتقلل من ظاهرة الاحتفاظ بالأراضي والمباني دون استغلال، ما يدعم التوازن السعري ويعزز الكفاءة الاقتصادية في القطاع العقاري.