الجمعة, أغسطس 29, 2025
الرئيسيةسياسة"بلومبرغ": التقارب الصيني الهندي يتسارع في ظل الحرب التجارية الأميركية

“بلومبرغ”: التقارب الصيني الهندي يتسارع في ظل الحرب التجارية الأميركية

كشفت وكالة “بلومبرغ” الأميركية أن الصين بدأت تواصلاً هادئاً وثابتاً مع الهند في آذار/مارس الماضي، عندما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يصعّد حربه التجارية مع بكين.

وأشارت الوكالة إلى أنَّ الرئيس شي جين بينغ أرسل “رسالة إلى نظيرته الهندية دروبادي مورمو، التي تعدّ في الأساس شخصية رمزية، لاختبار إمكانية تحسين العلاقات”، وفقاً لمسؤول هندي مطّلع على الأمر.

وقد أعربت الرسالة عن القلق من أي اتفاقيات أميركية قد تضر بمصالح الصين، وسمّت مسؤولاً إقليمياً ليتولى قيادة جهود بكين. وقد أُحيلت إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

ووفقاً للوكالة، لم تبدأ حكومة مودي بمحاولة جدية لتحسين العلاقات مع الصين إلا في حزيران/يونيو، بحسب المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته لمناقشة أمور داخلية.

في ذلك الوقت، كانت محادثات التجارة مع الولايات المتحدة تتّجه نحو التوتر، فيما كان المسؤولون في نيودلهي ينزعجون من ادعاءات ترامب بوساطته لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بعد أربعة أيام من القتال في أيار/مايو.

وبحلول آب/أغسطس، بدا أنّ التقارب بين الهند والصين يتسارع. وسيقوم مودي هذا الأسبوع بأول زيارة له إلى الصين منذ سبع سنوات.

ونقلت “بلومبرغ” عن أشلي تيليس، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والدبلوماسي الأميركي السابق في نيودلهي، قوله بسخرية: “إنّ ترامب بالفعل هو صانع السلام العظيم، فهو يستحق كل الفضل في تحفيز التقارب الناشئ بين دلهي وبكين. لقد أنجز ذلك بمفرده من خلال معاملة الهند كعدو”.

وأضافت: “منذ (كانون الثاني) يناير العام الماضي، كان مودي يبحث بهدوء عن سبل لتخفيف التوتر مع الصين. وأثناء مواجهة الانتخابات آنذاك، جادل مسؤولوه بأنّ تحسين العلاقات مع بكين سيعود بالنفع على اقتصاد مترنح، مع تزايد المخاوف بشأن تكلفة إبقاء القوات متمركزة على طول الحدود غير المحدّدة البالغ طولها 3488 كيلومتراً (2167 ميلاً)، وفقاً لمطلعين على تفكير إدارته”.

ومنذ منتصف عام 2023، ضيّق الطرفان خلافاتهما بشأن سحب القوات على الحدود، وفقاً للمطلعين، رغم أنّ الاتفاق انهار بسبب قضايا ثانوية. كما أُلغيت لاحقاً قمة مقترحة بين شي ومودي على هامش اجتماع بريكس في جوهانسبرغ عام 2023.

وبُعيد رسالة شي إلى رئيسة الهند في آذار/مارس من هذا العام، نشرت بكين بياناً من الزعيم الصيني يحتفي بالعلاقة، واصفاً إياها بأنّها “رقصة التنين والفيل”. وسرعان ما بدأ كبار مسؤوليه، مثل نائب الرئيس هان تشنغ، باستخدام العبارة نفسها لوصف تحسن العلاقات بين البلدين.

قد يهمك أيضًا: الولايات المتحدة تعتزم طلاء السياج الحدودي مع المكسيك بالأسود.. ما السبب؟

وبحسب الوكالة، يقود مستشار الأمن القومي أجيت دوفال مسار الانخراط، باعتباره واحداً من قلة من المسؤولين الهنود الذين يملكون قنوات مباشرة وموثوقة مع القيادة الصينية العليا، وفقاً لأحد المطلعين. ويشغل دوفال منصب الممثل الخاص للهند في محادثات الحدود. وقد سافر إلى الصين في كانون الأول/ديسمبر 2024 وحزيران/يونيو 2025.

في تموز/يوليو، التقى وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار نظيره الصيني وانغ يي في بكين، في أول زيارة من نوعها منذ خمس سنوات. وقد حث الدبلوماسي الهندي الصين على تجنّب “إجراءات تجارية تقييدية وعقبات” — في إشارة مبطّنة إلى قيود بكين الأخيرة على المعادن النادرة التي عطلت سلاسل التوريد. وأكّدت الصين للهند خلال الاجتماع تزويدها بالأسمدة والمعادن النادرة، وفقاً لمسؤولين في نيودلهي.

وفي الأسابيع التالية، جرى اتخاذ سلسلة خطوات تدريجية لتحسين العلاقات. من المقرّر، وفقاً لـ”بلومبرغ”، استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين في أقرب وقت الشهر المقبل. وخففت بكين قيودها على شحنات اليوريا إلى الهند. كما سمحت حكومة مودي بمنح تأشيرات سياحية للمواطنين الصينيين بعد سنوات من القيود.

وسيلتقي مودي وشي في الأول من أيلول/سبتمبر خلال حضورهما قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين؛ المدينة القريبة من بكين.

ورغم أن احتمالات التوصل إلى اتفاق كبير ضمن التجمع الإقليمي ضئيلة نظراً إلى عضوية باكستان، فمن الممكن أن تتحقق خطوات ملموسة على الهامش. ففي عام 2017، على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ في ألمانيا، بادر مودي إلى التوجّه مباشرة نحو شي لحل المواجهة بين الجنود الهنود والصينيين في دوكلام قرب الحدود بين البلدين وبوتان.

وقال مطلعون على تفاصيل ذلك التحرك النادر وغير المبرمج إنّ مودي أبلغ شي بأنّ التوترات الحدودية لا تصب في مصلحة أي من البلدين، فوافق شي، واتفق الزعيمان على تكليف دبلوماسييهما بالعمل على إيجاد حل. وقد انتهى التوتر الذي استمر 74 يوماً بعد أيام قليلة، بحسب “بلومبرغ”.

وتابعت الوكالة: “لقد جعل ذلك التبادل الصريح، وهو واحد من نحو عشرين لقاء بينهما عبر السنوات، مودي أحد أكثر محاوري شي تكراراً بعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.

وقال تسوي هونغجيان، الدبلوماسي الصيني السابق الذي عمل في القنصلية الصينية بمومباي بين عامي 2004 و2007، إنه يتوقع أن يتحرك شي بحذر، وألا يؤدي دوراً علنياً أكبر إلا عندما تتحسن العلاقات بوضوح، مفضلاً بدلاً من ذلك إنشاء آليات أكثر رسمية لتوجيه العلاقات الثنائية.

وأضاف تسوي: “في البداية حاول شي تطوير علاقات شخصية مع مودي، لكن يبدو أنّ ذلك لم ينجح. وما دامت المشكلات مستمرة، لا أعتقد أنه يرغب في علاقة أوثق”.

في الوقت الحالي، لا تزال خطوات تطبيع العلاقات بين نيودلهي وبكين تدريجية.

وقال جيريمي تشان، المحلّل البارز في فريق الصين وشرق آسيا الشمالية في مجموعة أوراسيا، الذي عمل سابقاً دبلوماسياً في الصين واليابان: “إنّ العلاقات بين الصين والهند تسير في مسار إيجابي لا جدال فيه، لكنها لا تزال في معظمها تعوّض الخسائر في علاقتهما. إنّ المضي قدماً بشكل كبير من هنا سيكون أكثر صعوبة”.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات