أكد معارضون مصريون وقياديون في جماعة «الإخوان المسلمين» أن هناك ظروفاً مواتية لإجراء مصالحة بين الدولة المصرية والمعارضة بالخارج، بما في ذلك جماعة «الإخوان» المُصنّفة من جانب القاهرة «تنظيماً إرهابياً».
وأكد هؤلاء القياديون المقيمون في تركيا، في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط»، الاستعداد للمشاركة في أي حوار حقيقي يقود إلى حل لحالة الانسداد السياسي، والمشاركة في أي جهد يُبذَل من أجل تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد، في ظل التحديات التي تفرضها الظروف الإقليمية الراهنة.
وقال مؤسس ورئيس حزب «غد الثورة» المصري المعارض، أيمن نور، إن التطورات في المنطقة أشارت إلى أن هناك إمكانية لاستيعاب شخصيات وتيارات انخرطت في الإرهاب، ويتم التسامح معها، في حين تُسد الطرق أمام الحوار والتفاهم والانفتاح على تيارات معتدلة، مثل «الإخوان»، بسبب الانغلاق على فكرة معينة، فيما السياسة تقوم على الحوار والانفتاح.
ورأى أن الأمور تحتاج إلى تطبيع والقفز على حالة الانغلاق القائمة، عبر انفتاح سياسي يشمل الجميع، يقوم على حوار وطني حقيقي، يتضمّن معالجة قضايا مثل المعتقلين، من خلال برنامج زمني يمتد سنةً، يمكن من خلاله إنهاء الأزمة الحقوقية، عبر تصور قانوني يقوم على 3 مراحل، تتضمن وضع حلول للمشكلات وقواعد للتفاهم.
وأكد أن تحسين الوضع السياسي سيكفل القضاء على المشكلة الاقتصادية المتفاقمة، وبالتالي معالجة الآثار الاجتماعية لها، لافتاً إلى أن الأمر يتطلّب إرادة سياسية إصلاحية.
أيمن نور خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
وحذَّر نور من أن حالة الانسداد السياسي يمكن أن تقود على الجانب الآخر إلى التطرف، لافتاً إلى أن «هناك لغة شبه عامة في الشارع المصري الآن ترى أن الحل يمكن أن يكون على الطريقة السورية، ونحن ندرك أن مصر ليست سوريا، وأن الوضع مختلف والقياس خاطئ، لكن في النهاية، هناك مزاج عام يتجه إلى هذه الفكرة، وهذا ليس في صالح أحد».
بدوره، قال رئيس ما يُعرَف بـ«البرلمان المصري في الخارج»، القيادي بـ«الإخوان المسلمين» محمد عماد صابر، إن جماعة «الإخوان» مستعدة، بل تتمنى أن يكون هناك حوار مع الدولة، بشرط أن يكون حواراً حقيقياً، وأقول هذا بصفتي قيادياً أمضى 45 عاماً في صفوف الجماعة، وموجود في هياكلها القيادية حتى الآن؛ إن «الإخوان» تتمنى حواراً حقيقياً قائماً على الانفتاح.
وأكد أنه يجب البدء من خطوة الإفراج عن المعتقلين، لا سيما الفتيات والنساء وكبار السن، خطوةً أولى.
وعن التناقض بين الدعوة للحوار على مستوى قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» وبعض فصائلها مثل «حسم» و«ميدان»، التي تتبنّى خطاب العنف، وتدعو إلى التصعيد على مستوى الشارع، وتحرّض على عدم الاستقرار في مصر، قال صابر إن وجود مثل هذه الأصوات وضع طبيعي، لكن في النهاية هؤلاء لا يشكّلون إلا قلة قليلة، والغالبية العظمى، وأنا واحد منهم، نتمنى أن تعود الأمور إلى طبيعتها، وأن يكون هناك انفتاح حقيقي في مصر.
اقرأ ايضا: الحزب العربى الناصرى: العلاقة المصرية السعودية عصيّة على التشكيك
وعما إذا كان يقصد بالانفتاح الحقيقي السماح مجدداً لـ«الإخوان المسلمين» بالاندماج في الحياة السياسية، قال إن الأمر يتطلّب التخلي عن عدّ «الإخوان» جماعة محظورة ووضع شروط لتمثيلها بالبرلمان؛ فالعمل السياسي من حق الجميع وفق القانون.
وأضاف صابر أنني بصفتي واحداً من القيادات، أعترف بأن «الإخوان المسلمين» أخطأوا عندما حاولوا أن يكونوا «دولة موازية» داخل الدولة، فتنظيم «الإخوان» تنظيم عابر للحدود، ومن الطبيعي أن تنظر إليه المؤسسة العسكرية والأمنية على أنه تهديد لأمن البلاد القومي.
وتابع أن تنظيم «الإخوان» وقع أيضاً في خطأ بعدم تسجيل نفسه تنظيماً أو جماعةً تعمل في إطار القانون، كما أن فكرة الصدام المستمر مع المؤسسة العسكرية هي فكرة خاطئة، فالجيش المصري هو نقطة القوة الأساسية لمصر وضمانة لأمتها العربية، والجيوش التي تُهدم لا تعود.
القيادي الإخواني محمد عماد صابر (الشرق الأوسط)
وأكد صابر أن تنظيم «الإخوان» عليه القيام بمراجعات، والتخلي عن فكرة أن يكون تنظيماً موازياً داخل الدولة.
بدوره، تطرق أيمن نور إلى الأوضاع الراهنة في المنطقة، متسائلاً: «أليس مطلوباً جمع القوى السنية في مثل هذه اللحظة الفارقة، وأن تشكل محوراً للتعامل مع التحديات الكثيرة، وفي مقدمتها الممارسات الإسرائيلية؟».
ولفت إلى أن مصر والسعودية على وجه الخصوص تقع عليهما مسؤولية كبرى؛ كونهما دولتَيْن تتمتعان بالثقل الأكبر والقدرة على التصدي لمشكلات المنطقة وحلها. وعبَّر عن ترحيبه الكبير باللقاء الذي عُقد، يوم الخميس، بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، واصفاً إياه بالخطوة الإيجابية في ظل الظروف الراهنة.
وعدَّ نور أنه لا يمكن تجاهل جماعة «الإخوان المسلمين» في أي مشروع سني، قائلاً: «لست محسوباً على (الإخوان المسلمين)، وبطبيعة تكويني الليبرالي لا أصلح لأن أكون كذلك، لكن في النهاية من يستطيع إنكار أن هناك قوة سنية كبيرة لا نظير لها اسمها (الإخوان المسلمين)، هي جماعة يمكن الاستعانة بها في مثل هذا الوضع دون أن تكون نظيراً أو منافساً للدول».
ورأى أن فكرة وجود جماعات سياسية أو حزبية أو دينية أو إثنية أو عرقية ستنتهي تماماً هو مفهوم خاطئ، ومسألة أنك ستزيل هذا التيار أو ذلك لا يتحدث عنها إلا من يجهل التاريخ أو يفتقر إلى الثقافة العامة.
في السياق ذاته، قال صابر إن «الإخوان» بحكم نشأتهم التاريخية هم مشروع يمكن تطويره والاستفادة منه عن طريق الحوار الهادئ والتفاهم.