الرئيسية الاقتصاد والأعمال ترمب يريد خفض أسعار الفائدة وإقالة باول قد تدفعها للارتفاع

ترمب يريد خفض أسعار الفائدة وإقالة باول قد تدفعها للارتفاع

0

تصاعدت المخاوف من احتمال أن يقدم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على تنفيذ تهديده بإقالة رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول، مستغلا زعمه بأن عملية تجديد مبنى البنك، تتجاوز الميزانية المخصصة له، ما قد يعد سبباً قانونياً لإقالته.

وكثّف ترمب في الأيام الأخيرة هجماته المستمرة على باول، منتقداً إياه على إبقائه أسعار الفائدة عند مستوى مرتفع نسبياً، حتى مع انخفاض التضخم، وتباطؤ النمو الاقتصادي. ويوم الثلاثاء، سأل الرئيس مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب عما إذا كان ينبغي عليه إقالة السيد باول، وعرض مسودة رسالة تتضمن ذلك.

وعندما سُئل يوم الأربعاء عما إذا كان ينوي إقالة باول، قال ترمب إنه لا يملك خططاً فورية لإقالته، رغم أنه رفض استبعاد ذلك. وإذا اتخذ مثل هذه الخطوة، فمن غير الواضح ما إذا كان سينجح، خصوصاً وأن باول أكد نيته إكمال فترة ولايته التي تنتهي في مايو (أيار) 2026، ويقول كثير من الخبراء القانونيين إن القانون في صفه.

وفيما يريد ترمب من الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، غير أن إقالة باول، ستؤدي إلى تأثير معاكس تماماً، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التكاليف على مشتري المنازل والشركات والمقترضين الآخرين. ويرى كثير من الخبراء والمحللين الماليين، أنه إذا أقال ترمب باول، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى فترة من التقلبات قصيرة الأجل في السوق، إلى جانب ارتفاع تكاليف الاقتراض طويلة الأجل، حيث سيُنظر إلى الاحتياطي الفيدرالي على أنه أكثر خضوعاً لأهواء الرئيس.

وحتى لو نجح ترمب في إقالة باول، وتمكن من إقناع عدد كافٍ من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الآخرين بخفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل التي يسيطر عليها البنك المركزي مباشرة، فقد تكون هذه الخطوة عكسية. فالأسعار التي تهم معظم المقترضين هي أسعار الفائدة طويلة الأجل، خصوصاً تلك الخاصة بسندات الحكومة الفيدرالية لأجل 10 و30 عاماً، التي تُشكل الأساس لما يدفعه المقترضون مقابل الرهن العقاري وقروض السيارات وخطوط الائتمان لمعظم الشركات.

وتؤثر قرارات الاحتياطي الفيدرالي على هذه الأسعار، لكن المستثمرين، من خلال شرائهم وبيعهم للسندات الحكومية، هم من يحددونها مباشرةً.

ويحذر الاقتصاديون من أن إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي – وبالتالي تقويض استقلالية البنك المركزي الراسخة – قد تؤدي إلى ارتفاعها بشكل كبير. وبالفعل، ارتفعت عوائد السندات الفيدرالية – التي تعكس أسعار الفائدة التي يطلبها المستثمرون لإقراض الحكومة – ارتفاعاً حاداً يوم الأربعاء بعد تهديدات ترمب الجديدة، لتتراجع بعد أن أشار إلى أن القرار ليس وشيكاً.

قد يهمك أيضًا: التضخم البريطاني يرتفع إلى أعلى مستوى في أكثر من عام

وقد تؤدي إقالة باول إلى رفع أسعار الفائدة طويلة الأجل لسببين. الأول هو التضخم، إذ إن تحرك ترمب للسيطرة بشكل مباشر على قرارات سياسة الاحتياطي الفيدرالي، قد يجعل مستثمري السندات يتوقعون مزيداً من التضخم في السنوات المقبلة، ونتيجة لذلك يطالبون بأسعار فائدة أعلى. وإذا اعتقد المستثمرون أن أي رئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي لا يُرضي الرئيس سيُطرد، فقد يفقدون ثقتهم في أن التضخم سيظل عند هذا المستوى المنخفض، مما سيدفع أسعار السندات طويلة الأجل إلى الارتفاع.

شعار الاحتياطي الفيدرالي (أ.ف.ب)

والسبب الثاني وراء إمكانية أن تأتي إقالة باول بنتائج عكسية يتعلق بديون الحكومة الأميركية، التي يعتقد أنها السبب الرئيس وراء إصرار ترمب على إقالة باول. فقد صرّح في الأسابيع الأخيرة بأن إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة، تكلف دافعي الضرائب «تريليونات الدولارات من تكاليف الفائدة». ومع ديون حالية تبلغ نحو 30 تريليون دولار، تدفع الحكومة الأميركية ما يقرب من تريليون دولار فائدة سنوية.

ويتوقع أن يزداد الرقم إلى 3 تريليونات خلال السنوات العشر المقبلة، بعد إقرار مشروع قانون الضرائب والإنفاق الضخم الذي وقّعه ترمب هذا الشهر. وهو ما لا يتوافق مع ادعاءاته بخفض الدين العام، لا بل قد يشجع ذلك على مزيد من الاقتراض في وقت يعتقد فيه معظم الاقتصاديين بالفعل أن الولايات المتحدة تسير على مسار مالي غير مستدام.

وأضافوا: «إضافة أسعار فائدة أولية منخفضة للغاية بالنسبة للاقتصاد قد تؤدي إلى زيادة ثبات معدلات التضخم المرتفعة. والنتيجة هي منحنى أكثر حدة، مع انخفاض العوائد الأولية وارتفاع العوائد طويلة الأجل». ويجادلون بأن ذلك سيؤدي إلى هروب من الدولار الأميركي نحو اليورو والين الياباني والفرنك السويسري، وهو ما حصل الأربعاء بالفعل بعدما تراجعت قيمة الدولار إثر تصريحات ترمب الجديدة عن باول، وبقيت كذلك رغم تراجعه عنها.

ورغم أن ترمب هو من عيّن باول في ولايته الأولى لكنه انتقده مرات عدة وأعرب عن نيته إقالته. لكن تهديداته لم تشكل خطراً كبيراً على استقلالية بنك الاحتياط الفيدرالي في ذلك الوقت، حين كان السياق مختلفاً، بعدما ظل التضخم منخفضاً ومستقراً لسنوات، وكان يُنظر إلى عبء الدين الأميركي، على الرغم من ارتفاعه وفقاً للمعايير التاريخية الحديثة، على أنه قابل للإدارة بشكل عام.

لكن اليوم، أصبحت المخاطر أكبر، حيث لا يزال ارتفاع الأسعار الذي أعقب الجائحة حاضراً في أذهان الناس، ولا يزال التضخم، على الرغم من انخفاضه الكبير عن ذروته في عام 2022، أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة. وفي الوقت نفسه، أدّت الزيادة السريعة في الدين الفيدرالي، بسبب استجابة الحكومة للجائحة، ومؤخراً بسبب حزمة الضرائب التي أقرّها ترمب، إلى تفاقم المخاوف بشأن الوضع المالي على المدى الطويل.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version