في وقت تزيد الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على كبار شركائها التجاريين حول العالم، يستهدف الرئيس الأميركي أي استراتيجيات يمكن أن تستخدمها شركات صينية أو غيرها للالتفاف عليها.
وبناء على حزمة جديدة تدخل الخميس حيز التطبيق، ستُفرض رسوم إضافية نسبتها 40 في المائة على المنتجات المخصصة لـ«إعادة الشحن» المتمثّل بإرسالها عبر بلدان ثالثة وسيطة خاضعة لرسوم أقل.
وتستهدف آخر حزمة لزيادة الرسوم الجمركية ما تعتبرها واشنطن ممارسات تجارية غير منصفة وتؤثر على عشرات الاقتصادات، من تايوان وصولاً إلى الهند. ولا تحدد القاعدة المرتبطة بإعادة الشحن بلداناً معيّنة لكن يتوقع أن تؤثر على الصين بشكل كبير، نظراً إلى موقعها كونها قوة صناعية.
ويرى محللون أن واشنطن تسعى على الأرجح لتطوير سلاسل الإمداد الأقل اعتماداً على الصين، في ظل التوتر بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، وبينما تحذّر الولايات المتحدة من الطاقة الإنتاجية الفائضة لبكين.
وقال رئيس قسم الاقتصاد الدولي لدى المجلس الأطلسي جوش ليبسكي، إن القرار «يتعلّق بالتأثير قصير الأمد لتعزيز نظام الرسوم الجمركية أكثر من علاقته باستراتيجية فك ارتباط»، وأضاف أن «الهدف هو تخويف البلدان من الأمر (أي التهرب من الرسوم) ودفعها لتجنّب القيام بالأمر من باب الاحتياط نظراً لمعرفتها بأن ترمب سيرد بزيادة الرسوم الجمركية أكثر».
وأفاد خبير الضرائب والموازنة لدى «مؤسسة هيريتاج» المحافظة ريتشارد ستيرن بأن احتمال فرض رسوم مرتفعة أكثر هو «التهديد الدائم في المفاوضات» مع باقي البلدان.
وأوضح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بأن توسيع الرسوم المفروضة على مختلف دول العالم يصرف الانتباه عن الوضع مع بكين.
إمدادات بديلة
ولفت خبراء إلى أن فيتنام الفائز الأكبر من تحويل سلاسل الإمداد عن الصين منذ رسوم ترمب الجمركية الأولى عام 2018، عندما انخرطت واشنطن وبكين في حرب تجارية، وأشار روبن بروكس من معهد «بروكينغز» إلى وجود مؤشرات هذا العام على عمليات إعادة شحن كبيرة لمنتجات صينية. وذكر في تقرير يعود إلى يونيو (حزيران) الماضي بأن الصادرات الصينية إلى بلدان معيّنة في جنوب شرقي آسيا بدأت تزداد «بشكل لافت» مطلع عام 2025 مع تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية واسعة النطاق.
اقرأ ايضا: صناديق الأسهم الأميركية تسجل أكبر تدفق أسبوعي في ثمانية أشهر
وبينما ما زال غير واضح إن كانت كل هذه المنتجات تنتهي في الولايات المتحدة، شكك بروكس في إمكانية أن يكون الطلب المحلي في بلدان مثل تايلاند وفيتنام ازداد بشكل كبير بالتزامن مع فرض ترمب للرسوم.
وقال المستشار الرفيع لدى «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» ويليام رينش إن من بين «أهداف الضوابط المرتبطة بإعادة الشحن الضغط لتطوير سلاسل إمداد تستثني المدخلات الصينية». وأضاف أن «الغرض الآخر يتمثّل في مقاومة الفائض الصيني وإجبارهم على استهلاك فائضهم بأنفسهم».
لكن نجاح واشنطن في تحقيق الهدف الثاني سيعتمد على قدرتها في إقناع باقي البلدان. وأكد رينش أن «عقوبات إعادة الشحن مصممة للتشجيع على ذلك».
من جانبه، لفت ليبسكي إلى أن تطبيق «استراتيجية محاولة نقل التصنيع الصيني إلى بلدان أخرى مثل فيتنام والمكسيك التي نجحت في ولاية ترمب الأولى، سيكون أصعب بكثير هذه المرة».
الرد الصيني
ولفت ليبسكي إلى أن بكين قد ترى أن بند إعادة الشحن يستهدف التجارة الصينية، «لأن الأمر كذلك فعلاً». وأضاف: «السؤال هو كيف تفسّر الصين ذلك ضمن السياق الأوسع المتمثّل في تراجع حدة التوتر بين الولايات المتحدة والصين خلال الشهرين الماضيين».
وبينما خفض البلدان مؤقتاً الرسوم الجمركية التي تجاوزت نسبتها المائة في المائة على صادرات بعضهما بعضاً، غير أن مهلة الهدنة تنقضي يوم 12 أغسطس (آب).
ويجري البلدان مفاوضات تهدف في نهاية المطاف إلى خفض التصعيد، رغم أن القرار النهائي في أيدي ترمب. ولكن محللين يقولون إنه من الصعب تحديد منشأ السلع. ورغم أن الاحتيال الجمركي غير قانوني فإنه لم يتضح بعد كيف ستتعامل واشنطن مع المواد المصنعة في الصين وغيرها التي تم إدخال تعديلات كبيرة عليها.
ويعود الأمر بالتالي إلى سلطات الجمارك في تحديد حالات إعادة الشحن وتقييم مسألة فرض رسوم إضافية. ويرى رينس أن «ذلك سيكون صعباً، خصوصاً في بلدان تقيم علاقات وثيقة مع الصين ولا حافز لديها لمساعدة هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية».