- اعلان -
الرئيسية الاخبار العاجلة حزام أمني بالمسيرات… وقائع احتلال إسرائيلي غير معلن لجنوب لبنان

حزام أمني بالمسيرات… وقائع احتلال إسرائيلي غير معلن لجنوب لبنان

0

لم تمضِ نصف ساعة على وصول حسن (34 عاماً) إلى مرج الخيام في جنوب لبنان للقاء أصدقائه في كشك يقدم القهوة على قارعة الطريق، حتى انخفضت طائرة مسيّرة إسرائيلية صغيرة باتجاههم، وبدأت بالتقاط صور لوجوههم. حمل الشاب الثلاثيني وصديقاه قهوتهم، وتفرق كل منهم باتجاه منزله، خوفاً من استهدافهم.

وهذه الحادثة مع المسيّرات الإسرائيلية، ليست الوحيدة التي يتحدث عنها سكان المنطقة الحدودية، فمسيّرات جمع المعلومات الإسرائيلية، لا تتوقف عن التحليق في المنطقة، وتتقصّى الزائرين ممن يتفقدون منازلهم، أو يخططون لقضاء عطلة الصيف فيها. يسمع الزائر إلى منطقة جنوب لبنان قصص السكان مع المسيرات منذ ما قبل الحرب الموسعة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وحتى هذا الوقت، مما يفضي إلى واقع أن المنطقة محتلة بالمسيّرات والتكنولوجيا.

جنود إسرائيليون خلال عملية بجنوب لبنان في 6 أكتوبر 2024 (أرشيفية – رويترز)

بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عادت فاطمة (اسم مستعار) وعائلتها إلى بلدة كونين (قضاء بنت جبيل) في الجنوب لتفقد منزلها. جَمَعَت الزجاج المكسور جراء الضربات، ونظّفت منزلها، وباتت ليلتها هناك، لتتفاجأ مساءً بأن مسيّرة صغيرة تتنقل من نافذة إلى أخرى، في محاولة لرصد المنزل من الداخل. تقول السيدة لـ«الشرق الأوسط»: «أصبت بخوف شديد، ولم أنم طوال الليل»، مشيرة إلى أن هذه الواقعة «اختبرها سكان آخرون لاحقاً، وأخبرونا بأن المسيّرات لا تتوقف عن تتبّع أثر العائدين، وتصويرهم».

وتتوسع القصص التي يرويها السكان عن تجاربهم مع المسيّرات. ففي مدينة الخيام (قضاء مرجعيون)، يوصي الناس بعضهم بعضاً بإغلاق النوافد بإحكام، بعد الاشتباه بمسيّرة دخلت إلى أحد المنازل، وأجرت جولة تفتيشية في الداخل. وتذهب الرواية إلى أن أحد السكان، وجد محتويات في منزله مبعثرة، ورجح أن تكون مسيّرة صغيرة دخلت إلى المنزل من النافذة لتصويره، ويبدو أنها اصطدمت ببعض المحتويات ما أدى إلى بعثرتها، بما يشبه الفيديوهات التي تأتي من غزة، وتظهر تصويراً داخل المنازل.

عناصر من الجيش اللبناني قرب موقع تعرّض لهجوم بمسيّرة إسرائيلية في بلدة النميرية بجنوب لبنان 9 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

نوصي بقراءة: نتنياهو: لا مكان لحماس بغزة بعد اليوم وسنطلق المحتجزين

تُضاف تلك الروايات إلى ما جرى توثيقه رسمياً خلال الأيام والأسابيع الماضية، لا سيما المسيّرة التي خاطب قائدها الإسرائيلي، عجوزين في منزلهما في بلدة حولا بجنوب لبنان، وتحدثت عن أنهما يحتسيان الـ«نسكافيه».. كما عن روايات أخرى عن مسيرات تحلق فوق العاملين في الترميم لساعات، أو صور بثها الجيش الإسرائيلي لأشخاص، بعد مراقبتهم بالتفاصيل في المنطقة.

ويجمع السكان في تصريحاتهم لـ«الشرق الأوسط» على أن ما يجري «يفضي إلى اعتقاد بأن المنطقة محتلة بالكامل، من دون وجود جنود على الأرض، أو حواجز ودبابات كما كان الأمر قبل تحرير جنوب لبنان في عام 2000». ويقول أحدهم: «أيام الاحتلال، كانت هناك معابر إلى منطقة الشريط الحدودي، وحواجز طيارة وحواجز تفتيش ودوريات بالدبابات وتفتيشات داخل المنازل يجريها جنود إسرائيليون أو عناصر من ميليشيا لحد (جيش لبنان الجنوبي الموالي لإسرائيل)». ويضيف: «أما الآن، فلا حاجة إلى كل ذلك. ثمة شريط حدودي، واحتلال بالمسيرات. يحددون مَن المسموح له بالدخول إلى المنطقة، ومَن الممنوع عليه الإقامة بقريته. مَن يرفضون وجوده، يستهدفونه بالمسيّرات ويغتالونه، بمعزل عما إذا كان من (حزب الله) أم مدني ومزارع وعامل صيانة وفلاح يريد الإقامة بمنزله».

دبابة إسرائيلية على الحدود مع لبنان في أكتوبر 2024 (رويترز)

لا تخفي السلطات اللبنانية أن هذه الوقائع تشير إلى أن إسرائيل شكلت حزاماً أمنياً، عبر الاستهدافات والمراقبة الدائمة بالمسيّرات. ويقول مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن المنطقة الحدودية «باتت منطقة عازلة بالنار، ولا تتوانى عن تنفيذ الاستهدافات للسكان والمنازل».

وتتعزز تلك الفرضية بالتوغلات البرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي بشكل دوري إلى العمق اللبناني، انطلاقاً من مواقع حدودية، أو مواقع مستحدثة داخل الأراضي اللبنانية تحتلها إسرائيل منذ نوفمبر الماضي، حيث وثقت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، 5 توغلات على الأقل خلال شهر واحد، وجرى خلالها نسف منازل وجرافات، كما أفادت، الأربعاء، باستجواب عمال لبنانيين وسوريين في منطقة الماري داخل الأراضي اللبنانية، واحتجاز عاملين اثنين قبل الإفراج عنهما بعد نحو ساعتين. وتعد هذه الحادثة النادرة دليلاً إضافياً على أن إسرائيل تتصرف في الجنوب، كما لو أنه محتل بالفعل.

ولم يستطع الجيش اللبناني استكمال انتشاره في سائر مناطق الجنوب، خصوصاً في المنطقة الحدودية، بسبب احتلال إسرائيل لخمس نقاط حدودية، وهو ما تكرره الحكومة والرئيس اللبناني جوزيف عون الذي يطالب بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة، ويدعو الدول المؤثرة للضغط على إسرائيل لتنفيذ انسحابها.

ويقول الجيش اللبناني إنه أنجز تفكيك أغلبية البنية التحتية لـ«حزب الله» في منطقة جنوب الليطاني، ويتعامل مع أي معلومات عن مواقع محتملة ويتخذ الإجراءات اللازمة حيالها لناحية تفكيكها، وأفضت تلك الإجراءات إلى إنهاء التركيبة العسكرية للحزب في جنوب الليطاني.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version