جدّد «حزب الله» موقفه الرافض لبحث سحب سلاحه قبل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها في جنوب لبنان.
ويأتي موقف الحزب في وقت تتجه الأنظار إلى ما سيكون عليه مشهد جلسة الحكومة التي يفترض أن تبحث في «بسط سلطة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها بأدواتها الذاتية»، على أن تعلن موقفاً واضحاً في هذا الإطار؛ خصوصاً أن المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية وقوى داخلية تطالب بوضع زمني لسحب سلاح الحزب، لا يزال الأخير يرفض هذا الموضوع.
إلا أن الحزب لن يغيب عن الجلسة، إذ أعلن وزير الصحة ركان ناصر الدين أنه وزميله وزير العمل محمد حيدر سيشاركان في جلسة الثلاثاء.
وقال ناصر الدين، خلال مشاركته في مسيرة في ذكرى انفجار المرفأ نظمها أهالي الشهداء (محسوبون على الحزب ويطلقون مواقف ضد المحقق العدلي طارق البيطار): «سنكون مشاركين في جلسة الغد للنقاش الإيجابي البنّاء من المرفأ للجنوب للبقاع للجبل… هذا وطننا ووحدتنا أساسية».
موقف الحزب جاء بعد زيارة قام بها وفد منه ضم النواب علي فياض ورائد برو ومحمد الخنساء إلى الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، «وتمّ خلال اللقاء التشاور في الأوضاع الراهنة وعرض وجهات النظر حيال المستجدات لا سيما تطبيق مندرجات اتفاق وقف إطلاق النار؛ حيث تم التأكيد على أهمية التماسك الوطني والتوصل إلى حلول تحقق الاستقرار الأمني والمصلحة الوطنية»، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».
وبعد اللقاء، أكد فياض أن الزيارة شديدة الأهمية، تحديداً في هذه المرحلة، للتشاور حول طبيعة الموقف تجاه استمرار العدوان «الإسرائيلي» على لبنان.
وقال: «كانت فرصة لمعالجة الموضوع من مختلف زواياه»، مضيفاً: «موقفنا كان واضحاً، وأعدنا التأكيد عليه، وهو أنه لا يمكن الانتقال إلى البحث بأي شيء يخص السلاح، ما لم يلتزم العدو بالانسحاب وإيقاف الأعمال العدائية».
ورأى أن «البحث بجدول زمني أو القفز مباشرة إلى المطالبة بتسليم السلاح، قبل أن يقوم (الإسرائيلي) بما يجب أن يلتزم به أساساً، يشكل نوعاً من الخلل الكبير الذي يحتاج إلى معالجة».
ودعا فياض الحكومة اللبنانية إلى الالتزام بما ورد في البيان الوزاري، وبما ورد في خطاب القسم، والأوراق اللبنانية الأولى التي قُدمت للوسيط الأميركي (توماس برّاك)، التي تؤكد أن المدخل للمعالجة هو الانسحاب «الإسرائيلي»، وإيقاف الأعمال العدائية، وإطلاق سراح جميع الأسرى، ووضع الإعمار على سكة المعالجة. وقال: «بعد ذلك نؤكد استعدادنا الكامل للمعالجة بكل إيجابية من قلب القواعد التي نص عليها القرار 1701، والتي نصت عليها ورقة الإجراءات التنفيذية، التي تحدثت عن وقف إطلاق النار بين لبنان والعدو الصهيوني».
اقرأ ايضا: خبير: السيادة الوطنية تواجه تحديات جديدة فى عصر التدخلات الدولية
وفي السياق نفسه، انتقد عضو كتلة «التنمية والتحرير» (التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) النائب هاني قبيسي: «الغرب الساعي إلى تقويض قوة لبنان عبر نزع سلاح المقاومة، الذي هو درع الدفاع عن سيادتنا وحدودنا».
وقال قبيسي، في حفل تأبيني، إن «سلاح المقاومة ليس موجهاً إلى الداخل، بل هو مكرس للدفاع عن لبنان في مواجهة العدو الإسرائيلي».
مطلب داخلي
في المقابل، تواصلت المواقف المطالبة بتسليم السلاح.
وفي الإطار نفسه، وصف رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل جلسة مجلس الوزراء، الثلاثاء، بـ«التاريخية»، آملاً أن «تكون لدينا الشجاعة بأن نحمي كل اللبنانيين لأي طائفة انتموا، ولبنان من جنوبه لبقاعه ونحصّنه ونحمي البنية التحتية ونحرّر أنفسنا من كل القيود ونفرض سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية». وأضاف: «هذا القرار مطلوب اتخاذه في جلسة الثلاثاء لأنه سيسمح لنا ببناء الدولة وهو لمصلحة لبنان وليس لإرضاء أحد أو للخضوع لأحد».
من جانبه، قال وزير العدل عادل نصار، المحسوب على «الكتائب»، إن «تسليم السلاح مطلب داخلي قبل أن يكون خارجياً، ولا سبب للمحافظة على السلاح وعرقلة بناء الدولة والتوازنات واضحة نظرياً وفعلياً فهذا السلاح يجر الويلات ولا يحمي».
وأكد نصار، في حديث إذاعي، أن رئيس الجمهورية جوزف عون يقوم بعمل كبير بموضوع سلاح الحزب، معتبراً أن «لا بناء لدولة من دون تسليم السلاح. وهذا الموضوع محسوم بالمنطق وبرغبة الجميع في بناء دولة وفي خطاب القسم وفي البيان الوزاري».
سيدة الجبل
بدوره، طالب «لقاء سيدة الجبل» الحكومة بـ«تحويل بند بسط سيادة الدولة على كامل التراب اللبناني بقواها الذاتية إلى قرار سياسي يرتقي إلى المستوى الوطني، يقترن ببرنامج زمني للتنفيذ دون إبطاء». وأشار اللقاء، في اجتماعه الأسبوعي، إلى أن «مستقبل لبنان واستقراره مرهونان بسلوك السلطة السياسية في ظل ظروفٍ مواتية وطنياً وعربياً ودولياً».
ولفت إلى أن «(حزب الله) عزل ذاته عن سائر اللبنانيين بإرادته وبكامل وعيه، إذ أصبح وحيداً بعد أن تركه أقرب المقربين وبعد أن تكونت قناعة وطنية عابرة للطوائف بأن بقاء سلاحه يمنع ليس فقط قيام الدولة في لبنان إنما يمنع الحياة والازدهار عن كل اللبنانيين من دون تفرقة».