حذّرت دراسة حديثة من جامعة بيتسبرغ الأميركية من مخاطر الإفراط في تناول البروتين، خصوصاً عندما تشكّل نسبة البروتين أكثر من 22 في المائة من مجمل السعرات الحرارية اليومية، مؤكدة أن ذلك قد يُسهم في تطوّر تصلب الشرايين، وهو ما يرتبط بشكل مباشر بمضاعفات خطيرة على صحة القلب.
وتوصل الباحثون، عبر تجارب شملت نماذج حيوانية وأخرى بشرية محدودة، إلى أن الحمض الأميني «ليوسين»، الموجود بكثافة في البروتينات الحيوانية مثل اللحوم والبيض، ينشّط مساراً في خلايا مناعية تُعرف باسم «الماكروفاج»، وهي المسؤولة عن تكوّن اللويحات داخل الشرايين، ما يمهد الطريق لأمراض القلب.
وقال الدكتور باباك رازاني، الباحث الرئيسي في الدراسة المنشورة الأربعاء في دورية «Nature Metabolism»، إن «وصول نسبة البروتين إلى نحو 22 في المائة من السعرات اليومية يمثّل الحدّ الفاصل، حيث يبدأ البروتين وحمض اللوسين تحديداً في التسبب بأثر ضار واضح على الأوعية الدموية.
لكن نتائج الدراسة لم تمر من دون تحفظات من قبل بعض المختصين، حيث أشار الدكتور ستيفن تانغ، اختصاصي أمراض القلب الذي لم يشارك في البحث، إلى أن الدراسة محدودة النطاق ولا يمكن الاعتماد عليها منفردة في استخلاص استنتاجات قاطعة، لكنها تضيف إلى تراكم الأدلة التي تدفعنا إلى النظر بجدية في تبنّي أنظمة غذائية نباتية لصحة القلب.
قد يهمك أيضًا: الدماغ يحدد بدقة العمر البيولوجي للشخص وخطر وفاته
وأضاف تانغ، في تصريحات لموقع «Medical News Today»: «رغم أنني لن أغيّر ممارساتي السريرية بناءً على هذه الدراسة وحدها، فإن الرسالة واضحة: الإفراط في تناول البروتين، خصوصاً من مصادر حيوانية، ليس المسار الأمثل لصحة القلب. تقليدياً، ركزنا على الكوليسترول وضغط الدم، لكن الآن علينا أن نوسّع نظرتنا لتشمل نوعية البروتين أيضاً».
ويُعزز هذا التوجّه ما أظهرته دراسات سابقة، من بينها دراسة أجريت عام 1984، بيّنت أن النساء اللواتي اعتمدن على البروتينات النباتية مثل الخبز، والبقوليات، والخضراوات، والفواكه، كنّ أكثر عرضة بنسبة 46 في المائة للتقدّم في العمر بصحة جيدة، مقارنةً بأخريات اعتمدن بشكل أساسي على البروتين الحيواني، الذي ارتبط بانخفاض احتمالات الشيخوخة الصحية بنسبة 6 في المائة.
ووفقاً للإرشادات الغذائية الأميركية، يُنصح بأن تتراوح نسبة البروتين بين 10 إلى 35 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، بينما يُعدّ استهلاك ما يعادل 0.8 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم كافياً لمعظم البالغين.
وفي السياق ذاته، تؤكد جمعية القلب الأميركية أن نوعية البروتين لا تقل أهمية عن كميته، مشددة على ضرورة إعطاء الأفضلية للبروتين النباتي، مثل الفاصوليا، والعدس، والمكسرات، والبذور، إلى جانب الأسماك الدهنية الغنية بالأوميغا-3، والتقليل من اللحوم الحمراء والمصنّعة والدهون المشبعة.
ومن جانبها، نبهت دراسات من جامعة هارفارد إلى أن الضرر لا يكمن في البروتين بحد ذاته، بل في التركيز الكبير على المصادر الحيوانية، التي ترتبط بزيادة معدلات الكوليسترول وارتفاع خطر الوفاة، مقارنةً بالمصادر النباتية التي تُعد أكثر أماناً للصحة العامة.
