أكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أن الحكومة جادة في معالجة مشكلة رواتب موظفي القطاع العام في إقليم كردستان، رغم أن تقارير محلية زعمت أن مشادة حصلت بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الخارجية فؤاد حسين، خلال اجتماع حكومي على خلفية الأزمة بين أربيل وبغداد، في حين هدد الحزب «الديمقراطي الكردستاني» بمقاطعة الانتخابات في حال استمرار المشكلات العالقة.
وقالت التقارير إن رئيس الحكومة رد بغضب على مداخلة الوزير حسين الذي أشار فيها إلى أن «الأوضاع خطيرة في كردستان، وأن حصول زلزال سياسي احتمال وارد».
ونقلت التقارير أن السوداني رد بالقول: «لقد أرسلت الرواتب عدة مرات على مسؤوليتي الشخصية، لذلك هذه المرة، حتى يلتزم إقليم كردستان بالكامل بقانون الموازنة وقرارات المحكمة الاتحادية، لن أرسل الرواتب، رغم أن الموازنة المالية تنص على ضرورة تسديد الإقليم ما بذمته من موارد تتعلق بتصدير النفط والمنافذ الحدودية».
وأفادت التقارير بأن خالد شواني، وهو وزير العدل وقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، شكّل لجنة وزارية لحصر الخلافات ومعالجتها، برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط محمد تميم؛ لمعالجة الأمر.
ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من مصدر حكومي أو جهة مستقلة تؤكد أو تنفي صحة التقارير، إلا أن معلومات أفادت بأن الخلاف وقع قبل زيارة مستشار الأمن القومي العراقي إلى أربيل، الأربعاء.
وتبادلت العاصمة الاتحادية وعاصمة إقليم كردستان الشمالي، ورقتين لحل مشكلات مزمنة تتعلق بموارد وأموال النفط ورواتب موظفي الإقليم، التي غالباً ما يتأخر دفعها إلى مستحقيها منذ نحو 15 عاماً نتيجة صراع سياسي حول النفوذ والصلاحيات، وفقاً لمصادر رسمية.
رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني في أربيل (أرشيفية – إعلام حكومي)
وحددت المحكمة الاتحادية العليا في العراق الأسبوع المقبل موعداً لحسم مسألة رواتب موظفي الإقليم. وطبقاً لمصدر مطلع، فإن المحكمة ستنظر في الدعوى المقامة على رئيس الوزراء الاتحادي ووزير المالية في الحكومة الاتحادية، لطلب الحكم بإبعاد رواتب الموظفين في إقليم كردستان عن الصراعات السياسية وعن الاتفاق الفعلي».
كما ستنظر المحكمة في دعوى ثانية رُفعت ضد وزير المالية في الحكومة الاتحادية بشأن ضمان استمرار وزارة المالية الاتحادية في صرف الرواتب في إقليم كردستان شهرياً وفي مواعيدها المحددة، ودون اعتبار للخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم بسبب تفسير قانون الموازنة العامة الاتحادية أو أية أسباب أخرى».
نوصي بقراءة: الصفدي: الوضع الكارثي في غزة يستدعي تحركاً دولياً فورياً لفرض إدخال المساعدات
من جهته، أكد قاسم الأعرجي، مستشار الأمن القومي، وفي أعقاب لقاءات مع قادة الإقليم، أنه بحث في «الإجراءات الإيجابية التي اتخذها العراق تجاه أوضاع المنطقة الأمنية والسياسية».
وبشأن الخلافات بين بغداد وأربيل، شدد الأعرجي على «ضرورة إيجاد حلول للمشاكل وفق الدستور والقوانين النافذة»، مشيراً إلى أن «حكومة إقليم كردستان تولي اهتماماً كبيراً للعلاقات الداخلية مع الحكومة الاتحادية، كما أن الحكومة الاتحادية جادة في إنهاء الخلافات والقضايا العالقة والتي يتصدرها موضوع الرواتب الشهرية والمستحقات المالية لموظفي إقليم كردستان، وقد تم تشكيل لجنة وزارية عليا لمعالجة هذا الأمر في أسرع وقت ممكن».
رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مستقبلاً رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في بغداد فبراير 2025 (إعلام حكومي)
وخلال اليومين الماضيين، عُقدت اجتماعات ذات طبيعة فنية بين وفدين من حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاق يوشك أن يرى النور خلال أيام، من شأنه أن يُنهي الجدل الخاص بالعلاقة بين بغداد وأربيل.
ولوح قيادي في الحزب «الديمقراطي الكردستاني» أنه في حال لم يتم حل هذه المشكلة فإن كل الخيارات مطروحة.
وقال القيادي، الذي رفض الكشف عن هويته، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «من مصلحة الحكومة الاتحادية إيجاد حلول للقضايا العالقة مع أربيل بسبب صعوبة الأوضاع التي تمر بها البلاد».
وأضاف القيادي الكردي: «كل الخيارات مطروحة، بما في ذلك مقاطعة الانتخابات، في حال لم تُحل القضايا الأساسية، خاصة الرواتب، مما يعني فقدان الانتخابات لمشروعيتها».
ومن المرجح أن يُطرح الخلاف بين بغداد وأربيل على طاولة اجتماع لقوى «الإطار التنسيقي». وطبقاً لمصدر مطلع، فإن «الاجتماع سيناقش إعادة استئناف تصدير النفط عبر خط جيهان مع تركيا، مقابل زيادة الإطلاقات المائية، وفقاً للطلب التركي».
وأضاف المصدر أن «الاجتماع سيشهد مناقشة نتائج المباحثات بين الوفود المعنية بحلحلة الخلافات بين الإقليم وبغداد، بما فيها تسليم الإقليم إنتاجه من النفط، والذي يتجاوز 300 ألف برميل يومياً، إلى شركة تسويق النفط، فضلاً عن تسليم إيراداته غير النفطية، وتسديد ديون الشركات، كما سيتم مناقشة جداول الموازنة الاتحادية».