عندما تأتي مباراة ريال مدريد ضد يوفنتوس، يتبادر إلى الذهن العديد من اللاعبين الذين مثلوا الناديين، وآخرهم كان الأسطورة كريستيانو رونالدو.
ولكن الصفقة التي هزت أرجاء كرة القدم في وقتها، كانت انتقال زيدان إلى ريال مدريد؛ عقد واحد فقط وقّعه الفرنسي مع النادي الملكي، 4 سنوات قضاها في البرنابيو، صنع خلالها التاريخ.
في يوفنتوس، كان زيزو مع جيل مثالي، فشل في تحقيق دوري الأبطال، لكنه وصل إلى النهائي مرتين، وقدم كل شيء مع البيانكونيري، ثم رحل.
رحيل زيدان في 2001 عن يوفنتوس وراءه قصة كبيرة، ربما كان سببًا في ثورة للبيانكونيري أخمدتها فضيحة الكالتشيوبولي، ولكن هل سمعت من قبل عن نادٍ حرم آخر من لاعب مرتين؟
هذا ما حدث بالفعل من ريال مدريد تجاه يوفنتوس فيما يتعلق بـ زيدان.
في صيف 1996، تعاقد يوفنتوس مع زين الدين زيدان، اللاعب الذي تألق في كأس الاتحاد الأوروبي ضد ميلان بقميص بوردو، يستمتع بالكرة ويجبر المشاهدين على الاستمتاع أيضًا.
رغم الانتقادات التي تعرض لها زيدان في ذلك الوقت بسبب مشاركته المخيبة في يورو 1996 مع فرنسا، تمكن من نفض الغبار، والتوقيع ليوفنتوس مقابل 3.5 مليون يورو.
في بدايته، عانى زيدان مع يوفنتوس، بسبب أنه كان يلعب في وسط الملعب مع مارتشيلو ليبي، مما جعل الصحف الإيطالية تتحدث عن فشل الصفقة في الموسم الأول، رغم أن الفرنسي لم يكن يلعب في مركزه المحبب، كصانع ألعاب.
في إحدى مباريات المنتخب الإيطالي، أُصيب أنطونيو كونتي، ليقرر المدرب مارتشيلو ليبي تغيير طريقة اللعب إلى 4-4-2، ويصبح زيدان صانع ألعاب، وخلفه ديدييه ديشامب.
فاز زيدان مع يوفنتوس ببطولة كأس الإنتركونتيننتال ثم السوبر الأوروبي، وتطور بدنيًا تحت قيادة جيان بيرو فينتروني.
تألق زيزو في دوري أبطال أوروبا، لكنه خسر النهائي ضد بوروسيا دورتموند، بعدما ساهم في 8 أهداف على مدار البطولة.
في الموسم التالي، لم يستسلم يوفنتوس، وواصل العمل على الوصول للنهائي الثالث على التوالي والثاني مع زيزو، ولكن كل ما فعله زيدان لم يكن كافيًا.
10 مساهمات على مدار البطولة، ليأتي النهائي وتخسر السيدة العجوز أمام ريال مدريد، في مباراة أعقبتها الكثير من الخيبات للبيانكونيري، رغم حصول زيزو على الكرة الذهبية بعد تألقه في المونديال مع فرنسا.
دخل يوفنتوس في مرحلة شك، وبدأ الحديث عن تعاطي اللاعبين للمنشطات في القضية التي فجرها المدرب زيمان.
تم استجواب زيدان وعدد من اللاعبين، في وقت أصبح فيه سلوك زيزو داخل الملعب عدوانيًا، خاصة بعد طرده في مواجهة ديبورتيفو لاكورونيا إثر تدخله العنيف على إيمرسون.
غاب زيدان عن مباراة ديبورتيفو في إسبانيا، ولكن مع عودته ضد هامبورج، خرجت الأمور عن السيطرة، وظهر زيزو عدوانيًا بعد اعتدائه على يوكين كينتز، ليخرج مطرودًا في الدقيقة 29.
تلك المباراة كانت الأخيرة لزيدان مع يوفنتوس، قبل أن يودّع البيانكونيري البطولة من الدور الأول، ومن ثم يرحل في الصيف.
لوتشيانو مودجي، المدير الرياضي الأشهر في تاريخ يوفنتوس، تحدث في كتابه، أن فلورنتينو بيريز اتصل به وطلب منه الإذن بأن يكون زيدان اسمًا يستخدمه في حملته الانتخابية في ريال مدريد.
وفي ظل رغبة زوجة زيدان في الرحيل عن إيطاليا لأنها لم تكن تحب مدينة تورينو، وافق زيزو على عرض ريال مدريد من أجل “فيرونيكا”، ولم يتردد يوفنتوس في قبول 77 مليون يورو.
نوصي بقراءة: إدارة الرجاء تُقرر التصعيد في ملف انتقال الحسين رحيمي إلى العين الإماراتي
رحل زيدان، وتعاقد يوفنتوس مع بوفون وتورام ونيدفيد من بين آخرين، وتمكن من بناء فريق قوي سيطر على الكرة الإيطالية، قبل فضيحة الكالتشيوبولي في 2006.
رحلة زيدان مع ريال مدريد كانت مختلفة في بدايتها عن يوفنتوس، فقد حقق دوري أبطال أوروبا لأول مرة في مسيرته – والوحيدة – عندما سجل هدفه الخرافي أمام باير ليفركوزن في نهائي 2002، وجلب اللقب الذي استعصى عليه مرتين مع البيانكونيري.
ورغم أن الفترة لم تكن الأفضل في تاريخ ريال مدريد، لكنها كانت شاهدة على إبداعات زيدان، قبل أن يرفض التجديد في 2006، ويعلن اعتزاله كرة القدم بعد كأس العالم.
آخر دوري أبطال حققه ريال مدريد في 2002 قبل لقب 2014، 12 عامًا كانت مقاعد البدلاء تحتاج لأن يكون زيدان جالسًا عليها، وهو ما حدث في موسم العاشرة.
مساعد كارلو أنشيلوتي في ذلك الوقت، والفوز باللقب العاشر، ثم يرحل كارلو في 2015، ويأتي خلفًا له رافائيل بينيتيز. يفشل الإسباني، ويأتي مدرب الطوارئ زين الدين زيدان.
في يناير 2016، تم تعيين زيدان، يصل إلى النهائي ويفوز باللقب على حساب أتلتيكو مدريد، ثم في 2017، يأتي الدور على يوفنتوس ويحقق البطولة في نهائي كارديف.
وأخيرًا في 2018، يتوج بدوري الأبطال في كييف على حساب ليفربول، ثم يعلن رحيله عن النادي الملكي لأسباب متعددة، ولكن الخبر الأهم في ذلك الوقت كان مغادرة كريستيانو رونالدو.
انضم رونالدو إلى يوفنتوس، وفي موسمه الأول، كان يحارب كريستيانو من أجل الأبطال الغائبة عن البيانكونيري منذ 23 عامًا، لكن يخرج البرتغالي ورفاقه من دور الثمانية ضد أياكس الهولندي.
يتأهل أياكس لمواجهة ريال مدريد، ليُقصي النادي الملكي الذي كان يقوده سانتياجو سولاري، الذي كان قد جاء خلفًا لجولين لوبيتيجي.
في ذلك الوقت، كان جوسيبي ماروتا وفابيو باراتيتشي، المدير الرياضي والتقني على الترتيب في يوفنتوس، يتحدثان مع زيدان، وأغلب التقارير الإيطالية تشير إلى أن زيزو سيكون خليفة أليجري.
كان وقت ماكس قد انتهى مع البيانكونيري، بعد خسارة نهائي كارديف، ثم الخروج مرتين من ربع النهائي، وفريق يمتلك كريستيانو رونالدو، يحتاج لمدرب مثل زيدان.
كان زيدان على وشك التوقيع ليوفنتوس، والاتفاق كان أن يكون هو المدرب بداية من موسم 2019-2020، مع رحيل ماسيميليانو أليجري.
في 11 مارس 2019، انتشرت أنباء في صباح ذلك اليوم أن فلورنتينو بيريز سيُعيد زين الدين زيدان، رغم كل ما كان يربط الفرنسي بالانتقال إلى يوفنتوس.
في نفس اليوم مساءً، أعلن ريال مدريد بشكل رسمي عودة زيدان، لتتبخر أحلام يوفنتوس وتتبعثر جميع أوراق إدارة النادي، الذي قرر في النهاية التعاقد مع ماوريسيو ساري مدرب تشيلسي، بعد أن فاز بالدوري الأوروبي في ذلك العام، ليتفوق في معركة جديدة.
موافقة زيدان على عرض ريال مدريد كانت بعدما أقنعه فلورنتينو بيريز بأنه سيحصل على كل الصلاحيات، وسيتم تدعيم الفريق بعدد من اللاعبين في مختلف المراكز.
بعد عامين، رحل زيدان، ولكن جاء أنشيلوتي وحقق كل شيء مع ريال مدريد، من بينها بطولتا دوري أبطال أوروبا 2022 و2024.
بينما في يوفنتوس، لا يزال الجميع ينتظر أن يوافق زيدان، رغم تراجع أسهم النادي، والنفق المظلم الذي سقطت فيه السيدة العجوز، وصعوبة إقناع زيزو مثلما كان الأمر في 2019.
وهكذا، ظل زيدان الرجل الذي حقق حلم الأبطال في مدريد، وكان قدومه أولى سنوات الحظ العاثر للبيانكونيري، الذي أصبح أكثر من خسر نهائي الأبطال.
أما ريال مدريد، فقد حرم يوفنتوس من زيزو عندما ظن النادي الإيطالي أنه قد اقترب، ولأن زيزو قلبه أبيض وينبض بنشيد ريال مدريد، لم يتردد في الموافقة على العودة.
ليبقى زيدان بالنسبة ليوفنتوس حُلمًا مؤجلًا، وربما إلى الأبد.
