نفت قبائل «الطوارق» بجنوب ليبيا، «مزاعم» تتحدّث عن دعمها لقوات متحالفة مع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في العاصمة طرابلس التي تعيش أجواء «هدنة هشّة»، بعد اقتتال عنيف الشهر الماضي.
وكانت مؤسسة «ميد أور» الإيطالية، قد نشرت مقالاً للباحث دانييلي روفينيتي، تحدّث فيه عن «نقل نحو 3 آلاف (مرتزق) من الطوارق بجنوب البلاد إلى العاصمة»، لكن «المجلس الاجتماعي» لقبائل الطوارق نفى الأمر.
الدبيبة مستقبلاً في لقاء سابق وفداً من شيوخ وأعيان «الطوارق» (مكتب الدبيبة)
وقال المجلس في بيان صحافي (الاثنين)، إن هذه الاتهامات «ليست مجرد زلة لسان أو اجتهاد خاطئ، لكنها تعكس عقلية استعمارية ودعوة للفتنة»، مشيراً إلى أن «(الطوارق) يسهمون في بناء الدولة الليبية، والدفاع عنها من خلال العمل ضمن المؤسسات الأمنية والعسكرية».
الموقف نفسه تبنّاه «المجلس الاجتماعي الأعلى لطوارق ليبيا» وعدّه «تحريضاً على الكراهية ضد مكون أصيل من مكونات المجتمع الليبي، يعمل أبناؤه إلى جانب إخوانهم من المكونات الأخرى في كل المؤسسات الأمنية والعسكرية بالدولة الليبية».
وطالب الكيانان الممثلان لمكون «الطوارق» «بتحقيق قضائي عاجل وشامل»، و«موقف رسمي من الدولة الليبية بمطالبة السلطات الإيطالية بإجبار المؤسسة على سحب المقال فوراً وتقديم اعتذار»، كما طالبا بعثة الأمم المتحدة في ليبيا «باتخاذ موقف تجاه مثل هذا الخطاب الإعلامي الذي يُحرض على الكراهية».
كما سارع «مجلس حكماء وأعيان قبائل الطوارق»، إلى عقد اجتماع مدينة أوباري (جنوب ليبيا) الاثنين، نفى خلاله «تلك المزاعم».
قد يهمك أيضًا: تركيا: الاتحاد الأوروبي يطور نهجاً للنأي عن سياسات إسرائيل
وتاريخياً، ينظر لـ«الطوارق» الذين يستقر آلاف منهم في ليبيا، على أنهم من كبرى جماعات البدو الرُّحّل في الصحراء الكبرى، وينتشرون في شمال وغرب أفريقيا.
ودافع عضو «ملتقى الحوار السياسي» حسين الأنصاري، عن «الطوارق»، وقال «إنهم مواطنون ليبيون أصيلون يعيشون في الجنوب منذ قرون، ولهم دور معروف في التاريخ الوطني، سواء في مقاومة الاستعمار أو في بناء الدولة الحديثة».
وأضاف الأنصاري، وفق إدراج عبر «فيسبوك» إن «استخدام مصطلح مرتزقة في وصف جماعة سكانية كاملة، يُعدّ إساءة مباشرة، وتوصيفاً لا يستند إلى أي أساس قانوني أو واقعي، ويُهدد وحدة المجتمع الليبي، ويُغذي خطاب الكراهية والتمييز».
ومن زاوية أخرى لهذه «الاتهامات»، يلحظ الناشط المهتم بقضايا «الطوارق»، حسين كويوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها جاءت بعد أسبوعين من لقاء رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، مع وفد من مشايخ وأعيان قبائل «الطوارق»، وحديثه عن سعيه «لإنهاء مشكلة حرمان أبناء هذا المكون العرقي من الجنسية الليبية».
أما الناشط الليبي الطيب هامة، فيقول إن «(الطوارق) ليسوا أدوات في يد الميليشيات؛ بل ضحايا لسياسات الإقصاء والتهميش التي مارستها الحكومات المتعاقبة، ومن بينها (الوحدة الوطنية)»، وفق منشور بحسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
ويطالب «الطوارق» منذ عهد نظام القذافي بالحصول على حقوق المواطنة، واستخراج أرقام وطنية تُمكنهم من المشاركة في الاستحقاقات الدستورية، وتتيح لهم حقوقاً خدمية أخرى، مثل «الالتحاق بالمدارس، ومنحة الأبناء والآباء، والحج والعمرة، والعلاج بالخارج».
ولا توجد تقديرات رسمية لأعداد مكون «الطوارق» في ليبيا، إلا أن مولاي قديدي رئيس مجلسهم الأعلى، قدّر أعدادهم بنحو 14 ألف أسرة، يتمركزون في عدد من مدن الجنوب الليبي، منها غات وأوباري.