تعيش العاصمة الليبية حالة من القلق والتوتر، بعد عودة انتشار مدرعات عسكرية في بعض المناطق المجاورة لطرابلس، وفي غضون ذلك، حضّت البعثة الأممية، على لسان نائبتها للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، الأطراف كافة على التمسّك بالهدوء والامتناع عن العنف.
ورصد شهود عيان وحسابات ليبية على مواقع التواصل الاجتماعي تحشيدات لعناصر مسلحة، وسيارات عسكرية تابعة للتشكيلات، في طريق السكة بطرابلس، وسط حديث عن انتشار لقوات كتيبة «رحبة الدروع» في تاجوراء، التابعة لوزارة الدفاع بحكومة «الوحدة» المؤقتة، في طريقي الساحلي والشط، وهو ما عدّه البعض رسالة لـ«جهاز الردع».
انتشار أمني مكثف لقوات الأمن في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
وتصاعدت الخلافات العلنية بين «الوحدة» الليبية و«جهاز الردع»، منذ منتصف مايو (أيار) الماضي، بعد «هدنة هشة»، سبق أن اتفقت عليها السلطات الأمنية والسياسية في طرابلس، لاستعادة الاستقرار. وكان قتال عنيف اندلع بين قوات «الوحدة» وعناصر مسلحة تابعة لجهاز «قوة الردع الخاصة»، وموالين له.
وفي ظل تصاعد الأحداث والتوترات في طرابلس، كشفت البعثة الأممية عن لقاء جمع خوري، قبل يومين، مع مَن سمَّتهم بـ«الفاعلين الأمنيين»، ومن بينهم نائب وزير الدفاع بالحكومة، عبد السلام الزوبي، ورئيس (جهاز الردع)، عبد الرؤوف كارة، وعضو لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية، محمود بن رجب.
وأوضحت البعثة أن المناقشات ركزت على الوضع الأمني الراهن في طرابلس، والمسار السياسي الذي تيسّره البعثة، فيما استعرضت الأطراف المجتمعة مع خوري «التقدم المُحرَز من قبل لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية، وجهود الوساطة الجارية، الهادفة إلى ترسيخ السلام والاستقرار في العاصمة».
ونقلت البعثة الأممية عن خوري أنها دعت إلى «الحوار لمعالجة القضايا العالقة والامتناع عن العنف»، وجددت البعثة «تأكيد التزامها بدعم الجهود الليبية، الرامية إلى إصلاح القطاع الأمني ومنع النزاعات».
ستيفاني خوري (أ.ف.ب)
واستبقت خوري إحاطة رئيسة البعثة، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم (الخميس)، وعقدت ما يمكن تسميته بـ«اللقاء الأخير» مع وفد من «فريق الحوار والمصالحة» في طرابلس، بهدف الاستماع إلى مقترحاتهم، وتبادل وجهات النظر، وذلك في إطار المشاورات التي أجرتها مع مختلف الأطراف الليبية حول سبل المضي قدماً.
ونقلت البعثة الأممية عن الوفد تأكيده على «ضرورة إنهاء الترتيبات الانتقالية كمنطلق أساسي لتجاوز العقبات السياسية»، مقدماً مقترحاً لإجراء استفتاء حول القضايا الدستورية.
قد يهمك أيضًا: حزب المؤتمر: اخترنا مرشحينا فى انتخابات الشيوخ وفقا لمعايير دقيقة
وشددت خوري على أهمية اتباع نهج مزدوج يقوم على دفع العملية الانتخابية وتعزيز الوحدة، بالتوازي مع العمل على بناء توافق حول القضايا الخلافية، بما يسهم في إخراج ليبيا من الحالة الانتقالية التي تعيشها منذ عام 2011.
أمنياً، شهدت مدينة العجيلات، شمال غربي ليبيا، اشتباكات مسلحة، منذ فجر الخميس، في منطقة الزرامقة بين عائلتي المعلول واللويص، استُخدمت فيها أسلحة متوسطة وقذاف «آر بي جي».
ونقل سكان بالمدينة أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل مواطن يُدعى عبد المالك الجراي، بالإضافة إلى عدد من الجرحى.
في شأن مختلف، استضافت رئاسة الأركان بحكومة «الوحدة» الاجتماع الأول التقابلي للجنة الليبية – التركية للتعاون العسكري. وقالت إن الاجتماع التحضيري استعداد للاجتماع الرئيسي، الذي سيضم جميع الأعضاء من الجانبين، وسيكون تجهيزاً لعدد من احتياجات الرئاسات النوعية، سواء أكانت دعماً لوجستياً أو تدريبياً.
الحداد مجتمعاً مع المجلس الأعلى للكليات العسكرية بطرابلس (رئاسة أركان قوات «الوحدة»)
وكانت رئاسة الأركان قد عقدت، الأربعاء، اجتماع المجلس الأعلى للكليات العسكرية، ترأسه الفريق أول محمد الحداد، وحضره معاون رئيس الأركان العامة، وقالت إنه ناقش تطوير المناهج العلمية للكليات، بالإضافة إلى تخصصات ومواد دراسية جديدة، مما يناسب التطور الحديث في المجالات العسكرية المختلفة.
بدورها، استبقت المبعوثة الأممية، هانه تيتيه، تقديم إحاطتها إلى مجلس الأمن، بتوجيه كلمة، عبر منصة «زووم»، لمجموعة من السيدات الليبيات، قالت فيها: «لكي تشارك النساء في الحياة السياسية، عليكن أن تنظمن صفوفكن وتعملن معاً. وبعثة الأمم المتحدة ستدعم دائماً مشاركة النساء في الانتخابات، وستسعى جاهدة لبناء قدرات النساء الراغبات في الانخراط بالعملية. نحن ملتزمون بالمساواة».
المبعوثة الأممية هانه تيتيه (غيتي)
من جهة ثانية، وعلى هامش مشاركة النائب بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، في أعمال «القمة التاسعة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا (TICAD 9)» المنعقدة بمدينة يوكاهاما اليابانية، التقى رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا. وتركز اللقاء على العلاقات الثنائية بين ليبيا واليابان، وسبل تطويرها في مختلف المجالات، بما في ذلك فتح آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري، عبر انخراط الشركات اليابانية في السوق الليبية.
كما دعا الوفد الليبي الحكومة اليابانية إلى رفع الحظر المفروض على سفر المواطنين اليابانيين إلى ليبيا، باعتبار ذلك خطوة أساسية لتعزيز التعاون المباشر بين البلدين. كما جرى خلال اللقاء التأكيد على أهمية توحيد المواقف، والتنسيق المشترك في المحافل الدولية، بما يعكس تطلع البلدين إلى بناء شراكة استراتيجية متوازنة، تخدم الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.