- اعلان -
الرئيسية الاخبار العاجلة فون دير لاين تواجه عاصفة انتقادات على خلفية الاتفاق مع ترمب

فون دير لاين تواجه عاصفة انتقادات على خلفية الاتفاق مع ترمب

0

عندما وقّعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأحد الماضي، في اسكوتلندا على الاتفاق التجاري الذي يُفترض أن يُنهي الحرب التجارية بين واشنطن وبروكسل، كانت تعرف جيداً أنه دون الحد الأدنى الذي كانت تطمح إليه غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد، وأنها ستجد صعوبة كبيرة في تسويقه خلال القمة المقبلة بعد العطلة الصيفية. لكنها، كما قال أحد مساعديها، لم تكن تتوقع هذه «الانتفاضة» التي أثارها الاتفاق في كثير من العواصم الأوروبية التي رأت فيه إذعاناً للمشيئة الأميركية، ومدخلاً إلى مزيد من التنازلات التي لن تتوقف الإدارة الأميركية عن المطالبة بها.

ولم يكن مستغرباً أن هذه الانتفاضة الأوروبية، التي تردّدت أصداؤها من باريس إلى روما، ومن برلين إلى مدريد، بلغت ذروتها في تصريحات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الخصم اللدود لرئيسة المفوضية.

وهذا شعور سائد في الاتحاد بين القوى اليمينية المتطرفة، التي وجدت في الاتفاق فرصة جديدة للهجوم على المشروع الأوروبي، وعلى رئيسة المفوضية التي راح بعض خصومها يُلمّحون إلى احتمال المطالبة بإقالتها. لكن ما يثير القلق بشكل خاص في محيط فون دير لاين هو أن الانتقادات التي تتعرض لها هذه المرة ليست قصراً على القوى اليمينية المتطرفة، إذ إن معظم عواصم الاتحاد، ومعها قطاعات سياسة واقتصادية واسعة، لا تُخفي استياءها من أسلوبها في التفرّد بالقرار، بغض النظر عن الاتفاق الذي وقّعته مع الولايات المتحدة في اسكوتلندا.

تنامى الاستياء الأوروبي من فون دير لاين في الأسابيع الأخيرة مع اقتراب الموعد الذي حدّده الرئيس الأميركي للتوصل إلى اتفاق، حيث كانت معظم الدول الأعضاء تضغط باتجاه موقف متشدد إزاء المفاوضين الأميركيين وتهديدات ترمب، إلى أن «طفح الكيل»، كما قال المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون، عندما ظهرت فون دير لاين بعد توقيع الاتفاق مع معاونيها رافعة إشارة النصر إلى جانب الرئيس الأميركي الذي قاطعها عدة مرات وهي تتبنّى مواقفه وتصريحاته.

تواجه فون دير لاين عاصفة انتقادات على خلفية الاتفاق التجاري الذي وقّعته مع الرئيس الأميركي (د.ب.أ)

تلك المشاهد التي رافقت توقيع الاتفاق الذي لم ترحّب به أي من العواصم الأوروبية، تهافت اليمين المتطرف على استغلالها بوصفها دليلاً آخر على «الوهن» الأوروبي، سيّما وأنها جاءت بعد ثلاثة أسابيع من الهجوم اللاذع الذي تعرّضت له فون دير لاين خلال طرح الثقة في حكومتها أمام البرلمان الأوروبي.

زعيمة حزب «البديل من أجل ألمانيا» وصفت الاتفاق بأنه خدعة قاسية، فيما قال رئيس التجمع الوطني الفرنسي جوردان بارديلّا إن فون دير لاين وقّعت على وثيقة استسلام أوروبا التجاري. وصرّح زعيم حزب «فوكس» الإسباني، سانتياغو آباسكال، من جهته بأنه «بعد أشهر من الشتائم، والعبارات الرنّانة حول القدرة التنافسية والصناعة وفرص العمل، انتهت فون دير لاين إلى الاستسلام كي تحافظ على موقعها».

قد يهمك أيضًا: مسلّح يقتل شخصاً ويصيب سيدة في النمسا قبل أن ينتحر

لكن اليمين الأوروبي المتطرف ليس وحده الذي فتح النيران على رئيسة المفوضية، واصفاً قرارها بالاستسلام للاتفاقية الموقعة بين واشنطن وبروكسل، أو بالخضوع، أو «الإذعان » كما قال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو.

وقالت رئيسة الكتلة الليبرالية في البرلمان الأوروبي، فاليري هاير، إن «العبرة التي يمكن استخلاصها بوضوح من هذا الاتفاق، هي أننا عملاق اقتصادي، لكن لا قيمة لنا على الصعيد السياسي». أما زعيم كتلة «الخضر»، فقد عدّ أن الاتحاد الأوروبي خضع لابتزازات ترمب، وأن المفوضية لم تلعب الورقة القوية التي تملكها في السوق العالمية، ولم تواجه الرئيس الأميركي بالحزم اللازم، فيما طالبت زعيمة الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي إيراتشي غارسيا بمعرفة جميع تفاصيل الاتفاق، «لأن رسوماً جمركية بنسبة 15 في المائة لا يمكن أن تكون نقطة الختام في اتفاق تجاري بين أوروبا والولايات المتحدة». حتى المستشار الألماني فريدريك ميرتس، وهو الزعيم الأوروبي الوحيد الذي عدّ أن الاتفاق كان «أضعف ضرر ممكن في الظروف الراهنة»، قال إنه سيتسبّب بأضرار فادحة على الاقتصاد الألماني، وعلى اقتصاد الاتحاد الأوروبي وغيره.

المفوضية الأوروبية من جانبها تكتفي منذ نهاية الأسبوع الماضي بالدفاع عن نفسها، وترفض الاتهامات الموجّهة إلى فون دير لاين، علماً أن ثمة انتقادات متكررة، داخل فريقها وخارجه، منذ فترة، حول تفرّدها بالقرارات وحرصها على أن تكون لها الكلمة الفصل في جميع الملفات. وقد سبق خلال ولايتها الأولى أن حصلت مواجهة بينها وعدد من المفوضين بسبب من ذلك.

أحد المفوضين السابقين البارزين، مثل الفرنسي ميشال بارنييه الذي كان مسؤولاً عن مفاوضات اتفاق «بريكست» مع المملكة المتحدة، قال إن «اتفاقاً يفرض رسوماً جمركية بنسبة 15 في المائة على طرف واحد فحسب، هو اعتراف صريح بالضعف في المفاوضات، وهو ثمرة قرارات خاطئة لا تضمن السيادة، ولا رفاهية الاتحاد ودوله الأعضاء. كان مفترضاً أن تتخذ المفوضية موقفاً أكثر حزماً وتشدداً من البداية».

​مصافحة بين ترمب وفون دير لاين بعد الاتفاق التجاري في تينبيري جنوب غربي اسكوتلندا يوم 27 يوليو (رويترز)

وردّ الناطق بلسان المفوضية بأن المفاوضات تمّت باسم الدول الأعضاء، وأن وتيرة المشاورات مع العواصم تزامنت بشكل غير مسبوق مع جميع مراحل المفاوضات، مؤكداً أن الجهد الأوروبي كان جماعياً، وأن فون دير لاين اعتمدت على عدد كبير من الخبراء في شتى الميادين من أجل التوصل إلى اتفاق مثمر «مهما قال المعترضون».

شركاء الاتحاد الأوروبي في الخارج أعربوا، هم أيضاً، عن «خيبتهم» من شروط الاتفاق الذي رأوا فيها نصراً مبيناً لترمب وهزيمة للاتحاد الأوروبي من شأنها أن تؤثّر سلباً على نفوذه الجيوستراتيجي. وعدّ معلقون أن هذا الاتفاق يضفي شرعية على أسلوب يستند إلى التهديد والإكراه، والمناورات التي تقوّض الثقة والتعاون بين الدول.

بعض الأصوات بدأت تنادي بإقامة تحالف بين الدول التي تشكّل 87 في المائة من حركة التجارة الدولية، مقابل 13 في المائة للولايات المتحدة، يعيد التوازن إلى السوق الدولية في الأمد الطويل، ويحول دون مزيد من المفاجآت التي يمكن أن تخرج في أية لحظة من قُبّعة الرئيس الأميركي.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version