- اعلان -
الرئيسية الوطن العربي السعودية كهوف السعودية… متاحف الطبيعة الصامتة

كهوف السعودية… متاحف الطبيعة الصامتة

0

في عمق تضاريس المملكة العربية السعودية، تتوزع الكهوف الجيرية كأنها صفحات من كتاب جيولوجي مفتوح، تسرد حكاية الأرض منذ ملايين السنين.

هذه التكوينات الطبيعية، التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ليست مجرد فراغات في باطن الصخور، بل أرشيف طبيعي يوثق تحولات المناخ، وحياة الكائنات، والتغيرات البيئية التي رسمت ملامح الجزيرة العربية.

وتنتشر هذه الكهوف، التي يزيد عددها على 150 كهفاً مكتشفاً، بين منطقتي الرياض والأحساء، وتحديداً في هضبة «الصمان»، حيث تتميز بمناخها المعتدل على مدار العام، وبتكويناتها الفريدة التي تعود إلى أكثر من 60 مليون سنة، حين كانت المنطقة مغمورة بمياه البحار القديمة.

تحولت الكهوف الجيرية الى معالم سياحية في المملكة (الشرق الاوسط)

وتسعى الجهات المعنية في السعودية إلى تحويل عدد من هذه الكهوف إلى وجهات سياحية مدروسة، ضمن مشروع متكامل يستند إلى ضوابط بيئية صارمة تضمن استدامتها وحمايتها من العبث، لا سيما أن هذه التكوينات غير متجددة. ويشمل ذلك كهوفاً جيرية مثل جبل القارة في الأحساء، وأخرى بازلتية تشكّلت من تدفقات الحمم البركانية، وتخفي في أعماقها أنفاقاً تمتد لعدة كيلومترات تحت سطح الأرض.

وكشفت أبحاث جيولوجية حديثة، استندت إلى تحاليل النظائر المشعة، عن مرور الجزيرة العربية بخمس مراحل مناخية خلال الثمانية ملايين سنة الماضية، بدأت بفترات مطيرة جعلت الأرض خضراء، وانتهت بجفاف طويل أفرز الصحراء الحالية. وقد حفظت الكهوف هذه التحولات بين جدرانها، لتكون بمثابة «أرشيف طبيعي» يساعد العلماء على فهم ماضي الأرض واستشراف مستقبلها المناخي.

قد يهمك أيضًا: نتائج الأرباح تضغط على سوقي السعودية وأبوظبي… و«دبي» تواصل الصعود

كما عُثر داخل بعض الكهوف على أدوات حجرية وعظام بشرية تعود إلى أكثر من سبعة آلاف عام، ما يعزز فرضية «الجزيرة العربية الخضراء»، حين كانت المنطقة تعج بالأنهار والبحيرات والغابات، وتضم كائنات مثل الفيلة وأفراس النهر والتماسيح، قبل أن تتحول إلى صحراء بفعل التغيرات المناخية.

تنتشر الكهوف بين منطقتي الرياض والأحساء (الشرق الاوسط)

ويؤكد محمود الشنطي، الخبير في دراسات الكهوف والسياحة الجيولوجية بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، أن الكهوف تُعد سجلات طبيعية تحفظ تاريخ الأرض، ويشعر الزائر بقيمتها لحظة دخوله. ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن اعتماد الكهف بوصفه موقعاً سياحياً يخضع لنتائج البحث العلمي، ومدى توفر المعلومات والموجودات داخله، إضافة إلى تقييم الموقع من حيث سهولة الوصول والسلامة.

ويشير الشنطي إلى أن الكهوف الجيرية في شمال شرقي الرياض، على بُعد نحو 250 كيلومتراً، تقع إدارياً بين منطقتي الرياض والشرقية، وتُعد جزءاً من الصخور الرسوبية التي تشكلت تحت البحار القديمة قبل أكثر من 60 مليون سنة، ثم ارتفعت لتكوّن تضاريس المنطقة الحالية.

ويتابع: «عند ارتفاع هذه الصخور، تعرضت لعوامل التعرية والمناخ القديم، ما أدى إلى تشكّل عدد كبير من الفجوات والتكهفات والدحول بأشكالها المختلفة، وتمتد هذه الطبقات الصخرية حتى شمال السعودية ومنطقة الجوف، بل وتحت رمال الربع الخالي».

ويؤكد الشنطي أن الهيئة تواصل عمليات البحث والاستكشاف، التي تسبقها دراسات ومسوح شاملة، تشمل التصوير والتوثيق، بمشاركة علماء آثار وأحياء، بهدف فهم تاريخ الكهف وتحديد مدى صلاحيته للاستخدام السياحي أو العلمي.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version