في أوروبا توجد أندية ويوجد ريال مدريد، وعندما يطرق الأخير باب اللاعبين يترك الجميع ما بيده ويوجه كل اهتمامه إلى حيث يُريد الملكي.. شاهدنا قبل أسابيع لاعب يترك نادي طفولته من أجل الميرنجي مثل أرنولد، والآن يبدو أن إبراهيما كوناتي سيفعلها أيضًا.
أرنولد ابن مدينة ليفربول والصاعد من أكاديمية النادي حتى أصبح ضمن قادة الفريق الأول في مثل عمره! ترك عشق جماهير الريدز وشغف الأطفال السكاوز به لأنه منهم ويمثلهم حتى أصبح قدوتهم! وشد الرحال قاصدًا مدريد بعد أول اتصال.
كذلك الوضع حاليًا مع إبراهيما كوناتي الذي يسعى للخروج بسيناريو مشابه لأرنولد إلى نفس النادي؛ ريال مدريد، بعد تأخر محادثات التجديد بين المدافع وليفربول مؤخرًا بسبب مطالب اللاعب الحصول على راتب أعلى بشكل مبالغ فيه.
كوناتي الفرنسي الذي جاء إلى ليفربول قبل 4 مواسم من الآن، يحصل حاليًا على راتب يقدر بـ 70 ألف جنيه استرليني أسبوعيًا ويُريد أن يصبح 200 ألف جنيه استرليني وإلا فلن يُجدد عقده!
والآن يدخل المدافع الفرنسي عامه الأخير من عقده الشهر المقبل؛ أغسطس، ويبدو أن كل الأبواب مغلقة أمام تجديده مع ليفربول تمهيدًا لانتقال مجاني في الصيف القادم 2026 لريال مدريد، إلا إن جد جديد وتوصل مع ليفربول لإتفاق يرضي الطرفين.
لكن، هل إبراهيما كوناتي قادر بالفعل على مساعدة دين هويسين وأرنولد وكاريراس في دفاع ريال مدريد؟ وهل أسلوب لعبه يُفيد الميرينجي فعلًا؟
بعد الموسم الكارثي الذي قدمه ريال مدريد رفقة كارلو أنشيلوتي 2024/2025، والخروج بـ صفر ألقاب تمامًا من موسم استباح الخصوم شباك الميرنجي في كل مناسبة ليستقبل الفريق قرابة 84 هدفًا، ليصبح أسوأ موسم لدفاع ريال مدريد في تاريخه.
ريال مدريد عانى الأمرين مع خط الدفاع على مدار الموسم بعد إصابة قائده داني كارفخال وإيدير ميليتاو وديفيد ألابا بإصابات طويلة أدت إلى غيابهم عن الموسم بالكامل بسببها، لذا كان الهدف الوحيد أمام فلورنتينو بيريز هو ترميم الدفاع بشكل سريع في ميركاتو الصيف.
ثلاث صفقات دفاعية دفعة واحدة جلبها ريال مدريد في الميركاتو الصيفي، بداية مع دين هويسين من بورنموث لدعم مركز قلب الدفاع وترينت ألكسندر أرنولد لدعم مركز الظهير الأيمن، وألفارو كاريراس لدعم الظهير الأيسر.. ولم يتبقى سوى جلب قلب دفاع آخر يساند هويسين لذا وجه أنظاره إلى إبراهيما كوناتي!
بهذا الشكل، يخرج ريال مدريد من الميركاتو الصيفي بالعلامة الكاملة، فقد جلب كل نواقصة ولا يحتاج الآن إلى شيء سوى ترجمة هذه التوليفة الجديدة من اللاعبين إلى الفوز بالألقاب.
فلاش باك.. حين ارتبط كوناتي بالمجيء إلى ليفربول كان اكثرهم حماسه هو بيب ليندرز، مساعد يورجن كلوب! حينها لم يتوقف في كل تصريحاته عن قول كلمة “سقف” وأن كوناتي ليس له سقف، وأنه قادر على تحقيق إنجازات مذهلة في أنفليد.. لكن لم يصل إيبو إلى كامل إمكاناته في فترة كلوب بالأساس بسبب الإصابات حتى أصبح البعض يقول عنه “الرجل الزجاجي”، حتى خرجت كل إمكاناته وتفجرت تحت يد أرني سلوت!
قلب الدفاع الفرنسي قضى مع يورجن كلوب 3 مواسم بالتمام، لعب فيهم 90 مباراة بنسبة 52%، وكان عادة ما يجلس على مقاعد البدلاء لاعتماد المدرب الألماني المخضرم على آخرين في مركزه بجوار فيرجل فان دايك، مثل: جويل ماتيب، جو جوميز، كاباك، وكوانساه وآخرين.
عدد كبير ظل يتبادل الأدوار في قلب دفاع الريدز رفقة فيرجل، عدا إبراهيما كوناتي الذي جاء بالأصل ليشغل هذا المركز بشكل أساسي، إلا أنه كان أقرب من مقاعد البدلاء عن التواجد في أرضية الملعب.
حتى وصل المدرب الهولندي أرني سلوت خلفًا ليورجن كلوب في الموسم الماضي 24/25، وجاء معه المعد البدني “روبن بيتيرز” الذي أنقذ كوناتي من استمرار بقائه في الظل لفترات طويلة.
روبن نظم ساعات تدريب كوناتي ونظم معه نظامه الغذائي وكل شيء، غيّر له أسلوب تدريبه والألعاب التي تستهلكه وبدّل كل شيء بأمور تزيد من كتلته العضلية وحماية جسده من الإصابات المتكررة، فأصبح لدينا كوناتي مختلف تمامًا استطاع أن يقضي الموسم بأكملة داخل الملعب عكس ما كان عليه رفقة كلوب وليندرز.
يُلاحظ أن إيبو فعل في موسم 1 تحت قيادة أرني سلوت وروبن بيتيرز ما لم يفعله في 3 مواسم مع يورجن كلوب، حيث ارتفعت نسبة مشاركته في المباريات من 52% إلى 75%.
خلال الأربع مواسم التي تواجد فيها إبراهيما كوناتي مع ليفربول، لم يسبق له المشاركة في أغلب مباريات الموسم مثلما حدث في الموسم الأخير 2024/2025 مع أرني سلوت،
برغم أن مشاركاته في الموسم الأخير مع سلوت كانت الأعلى إلا أنه قدم مساهمات تهديفية مساوية لمساهماته التهديفية في موسمه الأول منذ مجيئه إلى الريدز (4 مساهمات).
حيث سجل 3 أهداف وصنع هدف في موسمه الأول مع ليفربول 2021/2022، وفي آخر مواسمه 2024/2025 سجل هدفين وصنع مثليهما تمامًا.
تخيل أن يصبح لديك خط دفاع الأحلام، أصغره 20 عامًا وأكبره 26 عامًا فقط، والمفاجأة أن صغيرهم وكبيرهم لديه خبرة كبيرة على مستوى البطولات المختلفة.. خط دفاع سيبقى مترابطًا بحد اقصى لـ 10 سنوات قادمة معًا.
بخلاف الأعمار، فإن خط دفاع ريال مدريد في حال قدوم كوناتي سيكون خط دفاع متكامل بالفعل، الظهيرين وقلبي الدفاع جميعهم لديه ما يكمل الآخر، سيكون من الصعب المرور لمواجهة كورتوا وجهًا لوجه بالفعل.
متوسط الكرات الطويلة التي يقدمها إبراهيما كوناتي ما بين 65 إلى 75 كرة طويلة ناجحة في كل موسم، هذا السلاح سيكون من أقوى أسلحة ريال مدريد في حال التعاقد مع كوناتي.
رغم أن فاعلية الكرات الطويلة الناجحة التي يقدمها كوناتي مع ليفربول لم تُترجم لأهداف لكنها ساهمت في منح الخط الهجومي للريدز هجمات خطيرة على مرمى الخصوم.
وفي ريال مدريد، سيكون في الأمام كيليان مبابي وفينيسيوس جونيور وكذلك جود بيلينجهام، جميعهم يتمتعون بسرعات فائقة كل ما يحتجونه بالفعل هو الكرات الطويلة لترجمتها إلى هجمات خطيرة وربما تتحول إلى أهداف بسهولة.
وما يبرهن أن كوناتي سيفيد ريال مدريد بشكل كبير، هو أن إيبو لديه ميزة الكرات الطويلة الناجحة التي لا تتوفر في ثنائية روديجر وتشواميني.
قد يهمك أيضًا: أمين عدلي يثير الشكوك حول مستقبله ويبعث رسالة خاصة لمدرب ريال مدريد
إلا أن دين هويسين الوافد الجديد إلى ريال مدريد يتمتع بنفس الميزة الموجودة لدى كوناتي، لكن وجود الأخير مع هويسين سيساعده في أن يصبحا ثنائية دفاعية مكتملة وهو ما سنشرحه في السطور القادمة.
يُلاحظ أن الكرات الطولية الناجحة لـ إبراهيما كوناتي مصدر قوته في المواسم الأربعة التي قضاها في ليفربول، وحال تعاقد مع ريال مدريد يمكن الاعتماد عليه بشكل مكثف لمساعدة الهجوم، خاصة وأن هجوم الميرينجي يعشق الهجمات المرتدة واللعب عليها.
من المعروف أن كوناتي كان هو المدافع الأيمن في قلب دفاع ليفربول، ولعب طوال فترته في أنفيلد إلى جوار ترينت أرنولد بالأصل.
الظهير الإنجليزي كان يعشق التقدم إلى الأمام من أجل المشاركة في الهجوم وتسجيل الأهداف من خارج المنطقة، خاصة وأنه يتمتع بتسديدات صاروخية، تقدم أرنولد إلى الأمام كان يؤثر بشكل كبير على الدفاع، خاصة وأن هجوم الخصم يجد المساحات الكافية من أجل الانقضاض على مرمى ليفربول. وهنا يأتي دور كوناتي.
إيبو اعتاد خلال فترة لعبه بجانب أرنولد على تغطية تلك المساحات حتى لا يتسلل منها أحد مهاجمي الخصوم نحو مرمى ليفربول في الهجمات المرتدة.
ويبدو أن أحدهم في ريال مدريد أحب تلك الفكرة كثيرًا، ومن هنا جاءت فكرة التعاقد مع كوناتي في صيف 2025 بدلًا من الانتظار لمدة عام آخر، من أجل مساعدة أرنولد في التقدم إلى الأمام ومساعدة الفريق الأبيض هجوميًا.
الأرقام توضح تفوق إيبو على ثنائية روديجر وتشواميني في قلب دفاع ريال مدريد، وتمت المقارنة مع تلك الثنائية تحديدًا نظرًا لاعتماد كارلو أنشيلوتي عليهما طوال الموسم الماضي 24/25 بسبب الإصابات التي ضربت ميليتاو وألابا.
قدرة كوناتي الاستثنائية في المواجهات الفردية، تأخذنا إلى الحديث عن ثنائيات الدفاع الأكثر اكتمالًا، وهي الثنائيات التي تعتمد على مدافع يكون بمثابة “المخ” العقل المدبر لكل صغيرة وكبيرة في الدفاع، وهذا ما سيفعله “دين هويسين” والمدافع الثاني يكون بمثابة “العضلات”، وهو القادر على الالتحام والمواجهة، وهو ما سيفعله بشكل كبير “كوناتي”. ما يعزز من صلابة ريال مدريد الدفاعية ضد الخصوم التي تعتمد على وضع مهاجم قوي بدنيًا لمواجهة المدافعين.
ثنائية المخ والعضلات تلك نجحت بشكل كبير في مناسبات عديدة، مثل: ثنائية بيكيه وبويول في برشلونة، وأليساندرو نيستا وباولو مالديني في ميلان، وكذلك ثنائية فيرجل فان دايك وكوناتي في ليفربول المعرضة للانتهاء.
وربما سيشكل كوناتي مع هويسين أول ثنائية لـ ريال مدريد متكاملة، رغم أن هناك ثنائية راموس وبيبي إلا أن تلك الثنائية لم تكن متكاملة بسبب تهور الثنائي فلم يكن بينهم من يمثل نظرية المخ والآخر يجسد العضلات.
دين هويسين في دفاع ريال مدريد سيكون مثل فيرجل فان دايك في دفاع ليفربول، لن يتعامل بدنيًا مع الخصوم أو المدافعين لكنه قادر على إخراج الفريق من مأزق وتغيير اللعب إلى الهجوم، لذا سيقوم كوناتي بهذه المهمة بفضل قوته البدنية وقدرته على قراءة اللعب الممتازة
في 5 مشاركات لـ هويسين مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية، حقق تدخلات ناجحة 6 مرات، واستعاد الكرة 19 مرة، وفاز بثنائيات ناجحة 14 مرة.
لذا فإن ثنائية هويسين وكوناتي في قلب الدفاع ستكون ثنائية ناجحة، خاصة وأنهما ثنائي متكامل، هويسين أقوى في استخلاص الكرة والتعامل بالكرة عن كوناتي، لكن الفرنسي لديه قوة بدنية أقوى من الإسباني للاعتراضات والمراوغات والتدخلات مع هجوم الخصوم.
ربما فكرة اللعب بـ 3 مدافعين في الموسم الجديد مع ألونسو ستكون ناجحة لكن قد تكلف الميرينجي الكثير، فمثلًا اعتماد ألونسو على ثلاثية مثل: أسينسيو كمدافع أيسر وهويسين في الوسط وكوناتي مدافع أيمن، ستكبد الريال خسائر لأن أسينسيو لا يمكن الاعتماد عليه بشكل كبير في الناحية اليسرى بسبب فقدانه الكرة بشكل كبير.
لكن إذا تم الاعتماد على ثلاثية هويسين مدافع أيسر وكوناتي في الوسط وأسينسيو مدافع أيمن، ستكون نوعًا ما ثلاثية جيدة، لأن هويسين لديه القدرة على اللعب بالقدم اليسرى عكس أسينسيو، لكن وجود الأخير كمدافع أيمن ونظرًا لكونه لاعب يرتكب أخطاء كثيرة ويحصل على بطاقات صفراء وحمراء بكثرة، قد تكلف الريال كثيرًا خاصة مع المساحات التي يتركها أرنولد خلفه للمهاجمين إذا تقدم بالكرة إلى الأمام.
لكن يمكن حل تلك المعادلة بوجود روديجر كمدافع أيسر، خاصة وأن الألماني كان قدشغل هذا المركز من قبل مع توماس توخيل في تشيلسي، وهويسين في الوسط لقدرته على اللعب بالكرة ومنح المهاجمين الكرات لتغيير اللعب، أما كوناتي سيكون المدافع الأيمن لتغطية المساحات خلف أرنولد بشكل طبيعي وهو المركز الذي اعتاد على اللعب فيه مع ليفربول.
وفي حالة عدم انضمام إبراهيما كوناتي إلى ريال مدريد هذا الصيف والانتظار حتى صيف 2026 للحصول عليه مجانًا، يمكن لألونسو أن يلعب بثلاثية روديجر مدافع أيسر وهويسين في الوسط وميليتاو كمدافع أيمن، سيمنع ميليتاو نفس ما يمكن لـ كوناتي أن يقدمه كمدافع أيمن بطبيعة الحال نظرًا لقدرته على التعامل مع مهاجمي الخصوم أيضًا.
لذا، سيكون ريال مدريد أكبر الفائزين إذا تمت صفقة إبراهيما كوناتي في صيف 2025، لأنه سيحصل على خط دفاع ذهبي يستمر معه لـ 10 سنوات قادمة بحد أدنى.
كذلك، سيحصل الملكي على مدافع يجمع بين القوة البدنية والسرعة وقادر على التعامل مع المهاجمين الخصوم بهدوء.
سيحل كوناتي أزمة المساحات الموجودة خلف أرنولد الذي يتقدم إلى الأمام بشكل مكثف طوال المباريات، إلى جانب قدرة الفرنسي على بناء اللعب من الخلف بالاعتماد على الكرات الطولية الدقيقة، وسيكون مثالي للغاية في الضغط العالي والتحولات السريعة من الدفاع للهجوم.
ويمكن الاعتماد عليه في ثنائية مع ميليتاو أو هويسين وكذلك رودريجر ما يضمن لـ ريال مدريد مرونة كبيرة في المباريات المحلية في الليجا والمسابقات الأخرى، وكذلك أوروبيًا في دوري أبطال أوروبا.
قبل النهائية بقليل يجب أن نُذكر.. أن في ليفربول، الجميع يقف خلف عبارة واحدة؛ لن تسير وحدك أبدًا، جملة ربما سيخونها إبراهيما كوناتي ويُجسد نفس القصة التي عرفها جمهور أنفيلد مع أرنولد قبل شهر.
هناك في أنفيلد، العاطفة دائمًا تسبق أي ردة فعل أخرى للجماهير، هناك لا أحد يعرف كيف يتم الهجوم على لاعب داخل الملعب، الجميع يساندك حين تكون في أسوأ فتراتك، يدعمونك مرة واثنين وعشرة حتى تقف على قدميك من جديد، حتى إن تأخر وقوفك هذا ورحلت قبل أن يُشاهدونك في قمة مجدك.. سترحل وهم سيظلون يغنون لك أنشودتك.
بعض اللاعبين تأتِ إلى أنفيلد بسبب جماهيره، والآخر لا يعرف عنهم شيء سوى صخبهم، لكن مجرد أن تقف أمامهم وترتدي نفس اللون الذي يشجعونه تقع في غرامهم، لكن ماذا لو استقبلتك تلك الجماهير بحفاوة وأخذت أنت كل هذا الحب وألقيت به جانبًا ثم غيرت ألوان قميصك دون النظر إلى مساندتهم ودعمهم لك؟!
إبراهيما كوناتي في نظر جماهير ليفربول سيكون هكذا، قضى ثلاث سنوات تحت قيادة يورجن كلوب كان في معظم الأوقات أقرب لمقاعد البدلاء عن المشاركة في المباريات، حتى أتى أرني سلوت بمنظومته الجديدة وأنقذه من كل هذا، وصنع منه قلب دفاع صلب لا يتأثر بالإصابات.
الآن.. وبعد موسم واحد ظهر فيه كوناتي في أغلب فتراته عكس مواسمه الثلاث الماضية، قرر أن يكون مجرد لاعب آخر “خائن للثقة” في توقيت حساس جدًا بالنسبة لجماهير ليفربول والمدينة بالكامل.. فهل يفعلها أم يتأثر بكل هذا الحب؟!
