الإثنين, يوليو 21, 2025
spot_img
الرئيسيةالثقافة والتاريخليث موريس ميشيل: الموسيقى وحدها لا تصنع السلام

ليث موريس ميشيل: الموسيقى وحدها لا تصنع السلام

يعدّ المايسترو ليث موريس ميشيل من أبرز الموسيقيين الذين يعيدون صياغة الموسيقى العربية والعالمية بأسلوب مبتكر. يقوم بتوزيع ألحان مختلفة عبر آلة البيانو. وأخيراً أحيا حفلاً في دولة الإمارات جمع فيه نغمات وأغنيات لكاظم الساهر، وحسين الجسمي، وفيروز، وآخرين، قدّمها بتوليفة موسيقية مبتكرة تتميز بلمسة أوركسترالية.

يحمل المايسترو العراقي الأصل اسم والده في مسيرته الفنية. فهو رغب في الارتباط به مباشرة في كل مرة يتم التعريف به. ويعدّ والده موريس ميشيل موسيقياً معروفاً في أوركسترا السمفونية الوطنية العراقية. برزت موهبة ليث الفنية منذ كان في الرابعة من عمره تحت إشراف والده، ومن ثم صقلها بالعلم والدراسات. تحول من هاوٍ إلى عازف بيانو متمكّن، وأسّس مركز «بروكلين ميلوديز» للموسيقى في دبي عام 2007.

يتطلّع الى مستقبل موسيقي غني بالنغمات الشرقية والغربية (ليث موريس ميشيل)

اليوم ينطلق وراء حلمه، وهو تعزيز موقع الموسيقى الشرقية عالمياً. وقد قاده فضوله المهني لاستكشاف مجموعة متنوعة من الأساليب الموسيقية كالجاز واللاتينو.

وعن كيفية رؤيته لمستقبل الموسيقى العربية يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أرى أن للموسيقى العربية مستقبلاً واعداً. والشرط الوحيد لتحقيق ذلك يتعلّق بالحفاظ على هويتها الثقافية. وهذا الأمر يمكن أن يطبّق على الأرض حتى وإن اندمجت مع التطورات الموسيقية العالمية».

وبأسلوبه الموسيقي المبتكر يسهم ليث موريس ميشيل في رسم الطريق المستقبلي لها. ويوضح في سياق حديثه: «أشارك في هذا المستقبل من خلال تقديم توزيعات تمزج بين الألحان الشرقية والآلات الأوركسترالية، وخاصة تلك الأساسية المرتكزة على آلة البيانو التي تنتمي إلى المدرسة الغربية».

يرى بأن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحلّ مكان الأداء البشري (ليث موريس ميشيل)

اقرأ ايضا: في الحبّ… وفلسفته

يعترف المايسترو العراقي بأن الموسيقى هي بمثابة لغة عالمية تمتد جسورها ما بين الشرق والغرب، وبأنها رسالة سلام في عالم يزدحم بالأزمات والحروب. ولكنه من ناحية ثانية يؤكّد أنها وحدها لا تكفي لإرسائه. ويتابع: «الموسيقى بالفعل لغة عالمية تصل إلى قلوب الناس في كل مكان، ولكن لا أعتقد أنها كفيلة وحدها بصنع السلام بين الدول والحضارات، ولا سيما في ظلّ الفوضى التي نشهدها. هناك الكثير من الكراهية والأذيّة. قد تستطيع أن توحّد الشعوب من ناحية بناء جسور إنسانية، لكن مفعولها أقل على الناحية السياسية. فالمصالح المرتبطة بهذه الناحية لم ولن تنظر إلى الفن والموسيقى عند اتخاذ قراراتها. والتاريخ أكبر شاهد على ذلك».

موسيقيون عدة من لبنان والعالم العربي دخلوا مجال إعادة التوزيع الموسيقي لأغنيات العمالقة. البعض اعتبرها خطوة جريئة، في حين رأى آخرون أنها خطيرة. فإعادة تشريح نغمات موسيقية سكنت ذاكرة مستمعها تتطلّب الحرص على هويتها. فما هو تعليقه على ذلك، ولا سيما أنه أعاد توزيع أغانٍ لفيروز وكاظم الساهر وغيرهما؟ يردّ لـ«الشرق الأوسط»: «أحب إعادة توزيع أغاني فنانين أعتبرهم قدوة أو مصدر إلهام. لا أراها خطوة خطيرة؛ لأنني أؤديها بذوقي الشخصي وثقة في تجربتي، وخصوصاً أنني لمست إعجاب الجمهور بأعمالي، وهذا بحد ذاته مشجع جداً».

يتمنى العودة إلى بغداد وتقديم حفلات للجمهور العراقي (ليث موريس ميشيل)

ليث ابن العراق يحمل منه خزان معرفة ودراسة معمّقة في الموسيقى. فكيف تأثّر مشواره بوطنه الأم؟ يقول: «العراق هو موطن نشأتي، وجذوري الموسيقية الكلاسيكية. بدأت مشواري من أحضان بغداد، من خلال دراستي في (مدرسة الموسيقى والباليه) لمدة 12 عاماً، وذلك بإشراف موسيقيين من الاتحاد السوفياتي آنذاك. بعد هجرتي إلى أميركا، تعرّفت إلى أنماط موسيقية أخرى كالجاز والموسيقى اللاتينية. تراودني مشاهد دائمة وذكريات من وطني الحبيب تترك أثرها الإيجابي على أعمالي. وأتمنى العودة إليه قريباً وتقديم حفلات خاصة للجمهور العراقي؛ لأنني أفتقد وطني كثيراً».

لا ينفكّ المايسترو العراقي عن البحث عمّا يجدّد مشواره الفني. فكيف يتطلع إلى إنتاجاته الموسيقية في المستقبل؟ يقول: «دائماً أستمع إلى فنانين معروفين والعكس صحيح، وأختار اللحن الذي يلفتني بغض النظر عن شهرة صاحبه. هناك العديد من الفنانين المبدعين، ومنهم من أعزف أعمالهم مثل هبة طوجي وأسامة الرحباني وجوليا بطرس وغيرهم. أطمح دائماً إلى تطوير صوت موسيقي عربي يمزج بين الكلاسيكية والعصرية، كما أطمح إلى تلحين أو توزيع موسيقي لكثير من الفنانين، وخاصة من فناني الصفوف الأولى. وحالياً أعمل على مشروع موسيقي مميز أتمنى أن يلاقي صداه عند الجمهور».

إضافة إلى إعجابه بموسيقى فنانين عرب، تأثّر ليث موريس ميشيل بكبار الموسيقيين العالميين، ومن بينهم شوبان وبيتهوفن وموزارت ورخمانينوف، وأيضاً بموسيقى عصرية تعود إلى العالميين راول ديبلازيو وديفيد فوستر. ويضيف: «من العالم العربي تأثرت بصوت فيروز وموسيقى الرحابنة، وكذلك بإبداعات عمر خيرت وزياد وجوليا بطرس. أما من الموسيقيين الحديثين فأنا معجب جداً بألحان وتوزيعات أسامة الرحباني، وصوت وأداء هبة طوجي».

وعما إذا الموسيقى في زمن الذكاء الاصطناعي ستزداد تألقاً أم العكس، يختم لـ«الشرق الأوسط»: «من دون شك يقدّم تسهيلات كثيرة على صعيد الإنتاج الموسيقي، ولكنه برأيي لا يمكن أن يشكّل بديلاً عن الأداء البشري والإحساس الحقيقي. لهذا السبب، ما زلت أومن بأهمية الحفلات الحية؛ لأنها تُظهر الموهبة الحقيقية بعيداً عن التعديلات الاصطناعية».

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات