- اعلان -
الرئيسية الوطن العربي السعودية محمد صلاح… من قلب الدلتا إلى أسطورة «الملك المصري»

محمد صلاح… من قلب الدلتا إلى أسطورة «الملك المصري»

0

في قلب دلتا النيل، وتحديداً في قرية صغيرة تُدعى نجريج بمحافظة الغربية، بدأت الحكاية التي تحوّلت إلى أسطورة عالمية. محمد صلاح، الفتى النحيل الذي كان يركض بين الحقول ويلعب بالكرة في أزقة ضيقة، صار اليوم رمزاً وطنياً، وأحد أعظم نجوم كرة القدم في العالم.

وحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، كان صلاح طفلاً صغيراً مقارنةً بأقرانه، لكن موهبته لفتت الأنظار مبكراً. مدربه الأول غمري السعدني يتذكره قائلاً: «كان يصنع أشياء لا يقدر عليها حتى الأكبر منه سناً. تسديداته كانت قوية بشكل لافت، وكان واضحاً أن لديه إرادة لا تلين».

توك توك في قرية نجريج يضع صورة صلاح (بي بي سي)

في شوارع نجريج، كان صلاح يتقمص شخصيات نجوم الكرة الكبار: رونالدو البرازيلي، وزين الدين زيدان، وفرانشيسكو توتي. لم يكن أحد يتخيل أن هذا الطفل سيصبح لاحقاً أيقونة عالمية تحمل لقب «الملك المصري».

في سن الرابعة عشرة، انضم صلاح إلى نادي المقاولون العرب. لكن الانضمام لم يكن سهلاً، فالمسافة من نجريج إلى القاهرة كانت طويلة ومرهقة. يومياً كان يسافر عبر مواصلات عدة: من قريته إلى بسيون، ومنها إلى طنطا، ثم للقاهرة. رحلة قد تمتد لساعات ذهاباً وإياباً، لكنها صقلت شخصيته وأمدّته بالصلابة.

هاني رمزي، مدرب منتخب مصر الأولمبي آنذاك، يصف الأمر: «هذه الحياة تبني لاعباً قوياً. وحده من يملك هدفاً واضحاً يستطيع تحمّل تلك المعاناة».

من المقاولون انطلقت رحلة الاحتراف إلى بازل السويسري، ومنها إلى تشيلسي، ثم فيورنتينا وروما، وصولاً إلى محطة المجد الأكبر: ليفربول.

صلاح صنع أسطورته مع جماهير ليفربول (بي بي سي)

منذ 2017 وحتى اليوم، خاض صلاح أكثر من 400 مباراة بقميص الريدز، مسجلاً 246 هدفاً وصانعاً عشرات الأهداف. رفع دوري أبطال أوروبا، والدوري الإنجليزي الممتاز، وكأس العالم للأندية، وصار رمزاً في «الأنفيلد» ومعشوقاً لجماهير ليفربول.

تصفح أيضًا: إطلاق شراكة سعودية – موريتانية لإنتاج 14 مليون طن حديد سنوياً

في المقاهي الشعبية بالقاهرة، مثل «كافيه دنتيست»، تجتمع العائلات لتشجيع ليفربول فقط من أجل صلاح. يقول أحد المشجعين: «هو لم يأتِ من طبقة مرفهة، بل من خلفية تشبهنا جميعاً؛ لذلك نرى أنفسنا فيه».

وفي نجريج، كل طفل اليوم يحلم بأن يصبح «محمد صلاح الجديد». صوره تزيّن الجدران، واللاعبون الصغار يرتدون قميص ليفربول باسمه. حتى الحلاق الذي كان يصفف شعره، أحمد المصري، يفتخر قائلاً: «أنا صاحب قصة شعره الشهيرة».

تصفيات مونديال 2018 كانت اللحظة الأهم، حين سجّل صلاح ركلة جزاء تاريخية أمام الكونغو في الدقيقة 95، ليقود مصر إلى كأس العالم بعد غياب 28 عاماً. لحظة صنعت منه بطلاً قومياً.

لكن كأس العالم لم تكن كما تمنى، إذ عانى من إصابة قوية في نهائي «دوري الأبطال» أمام ريال مدريد 2018. ومع ذلك، عاد أقوى وأكمل مسيرة المجد مع ليفربول.

بعيداً عن الملعب، قدّم صلاح نموذجاً استثنائياً في العطاء. موّل بناء مدرسة ومعهد ديني في نجريج، وأسّس مؤسسة خيرية لدعم الأرامل والفقراء، وتبرّع بملايين الجنيهات إلى مستشفيات ومعاهد طبية.

المدرب ولاعب الدوري الإنجليزي السابق أحمد حسام «ميدو» يعلّق: «صلاح جعل الأندية الأوروبية تنظر باحترام إلى اللاعب المصري والعربي. هو أكبر سفير لمصر وأفريقيا».

محمد صلاح قاد ليفربول للقبَيْن في الدوري الإنجليزي الممتاز (بي بي سي)

اليوم، صلاح في عمر الثالثة والثلاثين، وبعد أن فاز بكل الألقاب الممكنة مع ليفربول، يبقى حلمه الأكبر هو رفع كأس مع منتخب مصر. بطولة أمم أفريقيا المقبلة في ديسمبر (كانون الأول) 2025، ثم كأس العالم 2026، ستكونان المحطة الفاصلة.

لكن بالنسبة إلى جماهير مصر، الإرث قد صُنع بالفعل. كما قال ميدو: «صلاح لا يحتاج إلى إثبات شيء. إنه أعظم لاعب في تاريخ مصر، وأسطورة لن تتكرر».

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version