- اعلان -
الرئيسية الاخبار العاجلة «مشتاقة أسمع يا ماما»… أطفال غزة المصابون وأسرهم ينتظرون أملاً بعيداً

«مشتاقة أسمع يا ماما»… أطفال غزة المصابون وأسرهم ينتظرون أملاً بعيداً

0

في ليلة لن تُمحى من ذاكرته، فقد أحمد أبو سحلول (4 أعوام) والديه في قصف إسرائيلي أشعل النيران في خيمتهم بمنطقة مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة، وأصيب جسده الغض بحروق وجروح متفرقة.

نجا الطفل وأشقاؤه السبعة بأعجوبة من براثن موت محقق، لكنه يعاني آثار حروق من الدرجة الثالثة في وجهه وأجزاء أخرى من جسده، وهو يتلقى العلاج حالياً في مجمع ناصر الطبي.

لا يستطيع أحمد تحريك أطرافه العلوية والسفلية، وهو في حاجة ماسة إلى السفر لتلقي العلاج في الخارج، كما تقول عمته ملاك؛ لأن مستشفيات القطاع تفتقر لتقديم الخدمات الطبية اللازمة في ظل الظروف الحالية.

وتبدو آمال المصابين الفلسطينيين في تلقي العلاج المناسب بعيدة، إذ يشهد أفق مفاوضات وقف إطلاق النار انسداداً مستمراً، رغم إعلان المجاعة في القطاع جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ قرابة عامين.

وعن قسوة المشهد وهول الحريق الذي راح فيه شقيقها وزوجته في تلك الليلة قالت العمَّة لـ«الشرق الأوسط»: «كانت النار قوية، وطلع بعض الأطفال سريعاً من الخيمة، وكانوا مصابين بشظايا، بينما بقي أحمد بالخيمة وانتشله السكان وهو يعاني حروقاً».

وأضافت ملاك البالغة من العمر 45 عاماً: «منظر أحمد والصورة واضحة لحالها تحكي عن حاله، واللسان عاجز عن الكلام. أحمد يصحو كل يوم يبحث على أهله، لا يعرف أنهم استُشهدوا… ما ذنب هذا الطفل وذنب إخوته؟».

خيمة أحمد وأسرته تعرضت لقصف بطائرة انتحارية، وهو أسلوب تعتمده إسرائيل كثيراً في غاراتها؛ ما يتسبب في حرائق كبيرة، تتفحم فيها أملاك وأبدان. وباتت خيمة العمة مأوى لأبناء شقيقها الراحل الذين فقدوا الأب والأم ولم يعودوا يملكون من فتات الأرض شيئاً.

تزداد معاناة جرحى قطاع غزة، وخاصةً الأطفال منهم، مع تدني الخدمات الطبية من جانب، وحرمانهم من السفر لتلقي العلاج في الخارج من جانب آخر؛ الأمر الذي يفاقم من تدهور حالتهم الصحية، ويجعلهم يواجهون الموت مرات عدة في اليوم الواحد وهم يحاولون تضميد جروحهم.

ومن بين أكثر من 158 ألف إصابة في قطاع غزة، هناك ما لا يقل عن 90 ألف طفل مصاب نتيجة العمليات الإسرائيلية، كما تؤكد إحصائيات وزارة الصحة بغزة.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية بعد الهجوم الذي شنته «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغلق إسرائيل المعابر التجارية والخاصة بالأفراد، وسمحت لفترات بسيطة – قبل سيطرتها على معبر رفح البري في مايو (أيار) 2024 – بخروج عدد محدود من الجرحى لتلقي العلاج تحت قيود كبيرة، ونُقل بعضهم إلى دول مختلفة بالعالم.

وبعد استئناف الحرب في مارس (آذار) الماضي، بعد توقفها لشهرين ضمن وقف إطلاق نار مؤقت، أغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أي مساعدات إنسانية أو خروج أي من المرضى والجرحى، قبل أن تُستأنف في يونيو (حزيران)، من خلال دفعات محدودة جداً وبأوقات متفاوتة ومتباعدة دونما انتظام.

قد يهمك أيضًا: دعما للأهل في غزة .. “مهرجان الأردن للطعام” يطلق قافلة شاحنات إغاثة جديدة للقطاع.. بالصور

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، منذ أيام إن أكثر من 15 ألفاً و600 شخص في غزة، بينهم 3 آلاف و800 طفل، في حاجة إلى إجلاء طبي لتلقي رعاية خاصة، داعياً إلى زيادة عمليات الإجلاء من القطاع، وتسهيل وصول المساعدات من أجل إنقاذ الأرواح وتقديم الرعاية المنقذة للحياة.

لم تكن حالة الطفل أحمد أبو سحلول أفضل حالاً من حالة مصعب أبو محسن، (عامان و7 أشهر)، الذي فقد النطق عقب إصابته في قصف إسرائيلي استهدف خيمتهم في منطقة المواصي غرب خان يونس الواقعة بجنوب القطاع، والتي كثيراً ما تزعم إسرائيل أنها منطقة إنسانية آمنة، رغم أنها تستهدف خيام النازحين فيها.

ويتلقى مصعب العلاج في مجمع ناصر الطبي بغرفة مجاورة لغرفة أحمد، حيث تحول المجمع إلى المستشفى الوحيد القادر على خدمة المصابين رغم محدودية الإمكانات، ورغم تعرضه للقصف هو أيضاً صباح الاثنين الماضي، في هجوم أودى بحياة خمسة صحافيين، من بينهم مريم أبو دقة مصورة «الإندبندنت عربية»، وآخرون متعاونون مع وكالتي «رويترز» و«أسوشييتد برس»، وقناة «الجزيرة».

وعن قصف خيمة عائلة مصعب تقول والدته صباح النمس (27 عاماً)، إن الخيمة تعرضت لقصف في يوليو (تموز) الماضي؛ ما تسبب بتناثر الشظايا وإصابتها هي وزوجها وأطفالها.

وتضيف أن قدمها كانت بحالة بالغة السوء كادت أن تستدعي بترها، كما تعاني جروحاً أخرى في أماكن مختلفة من جسدها. وبالنسبة لزوجها، اضطر الأطباء إلى وضع «بلاتين» لقدميه، وأصبح لا يستطيع التحرك أو أداء أي عمل دون مساعدة، خاصةً مع عدم توافر عكازات.

أما ابنها، فأصيب بشظايا في رأسه وأنحاء متفرقة من جسده، كما يعاني كسراً في الجمجمة؛ ما تسبب في تلف بأنسجة الدماغ أفقده النطق، إلى جانب عدم قدرته على تحريك أطرافه.

ولا تزال الشظية مستقرة في جمجمته، تُشكل خطراً على حياته، ولا يستطيع الأطباء استخراجها في ظل قلة الإمكانات المتاحة، وهو في حاجة إلى العلاج بالخارج.

وتقول الأم بكلمات غلب عليها الوجع والألم: «فقدت ممتلكاتي وكل شيء، ومالناش مأوى ولا ملابس وما فيه إمكانات نشتري حتى لو توفرت، لكن كل هذا مش مهم، أهم إشي يرجع ابني يحكيلي يا ماما، مشتاقة أسمع منه هذه الكلمة».

وأضافت بصوت اهتز تأثراً: «قبل القصف كنت لما أكون متضايقة ومخنوقة كان يحضني ويحكيلي يا ماما، ويحكي معي لحد ما أروق».

وفي ليلة الغارة الإسرائيلية، ظنت صباح في البداية أن طفلها قد قتل، وعندما نقل للمستشفى لم تكن أجهزته الحيوية تعمل، وبعد قليل رجع له نبضه ووُضع بالعناية المركزة.

وناشدت «كل الضمائر الحية» ومنظمة الصحة العالمية بالعمل على سفر طفلها للعلاج بالخارج، مضيفةً: «نفسي أسمع منه كلمة ماما، ويرجع إله النطق».

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version