جددت مصر تأكيد حقها في «اتخاذ كل التدابير لحماية أمنها المائي»، وذلك خلال استعراض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي قضية «سد النهضة» خلال لقاءاته مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن.
وأجرى عبد العاطي لقاءات مع أعضاء بمجلس الشيوخ، بينهم السيناتور ديفيد ماكورميك، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية المعنية بالشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب، والسيناتور برايان شاتز زعيم الأقلية الديمقراطية باللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية، والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام رئيس اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية، والسيناتور روجر ويكر، رئيس لجنة الخدمات العسكرية.
عبد العاطي خلال لقاء السيناتور الأميركي روجر ويكر في واشنطن (الخارجية المصرية)
وحسب الخارجية المصرية، الأربعاء، بحث الوزير مع السيناتور ويكر «قضية الأمن المائي المصري، وشواغل مصر فيما يتعلق بالسد الإثيوبي، واطّلع السيناتور على موقف مصر المستند إلى ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة».
وأكد عبد العاطي خلال اللقاء، أن«مصر ستتخذ التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي لحماية أمنها المائي»، مشدداً، وفق الخارجية المصرية، على «رفض الإجراءات الأحادية المخالفة للقانون الدولي»، في إشارة إلى الموقف الإثيوبي.
كما أكد الوزير المصري، «ضرورة التعاون علي أساس التوافق والمنفعة المشتركة لتحقيق مصالح دول حوض النيل».
وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيسي لأهداف قالت إنها «تنموية»، إلا أن «السد» يواجَه باعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان)؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات الملء والتشغيل، بما لا يضر بحصتيهما المائية.
وأعلنت مصر في ديسمبر (كانون الأول) 2023 «فشل» آخر جولة للمفاوضات بشأن «السد»، وإغلاق المسار التفاوضي بعد جولات مختلفة لمدة 13 عاماً.
قد يهمك أيضًا: انقطاع للكهرباء عن الحديدة باليمن بسبب الغارات الإسرائيلية
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مع السيناتور ديفيد ماكورميك في واشنطن (الخارجية المصرية)
وترى مديرة البرنامج الأفريقي في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتورة أماني الطويل، أن «التحركات المصرية على المستوى الدولي بشأن أزمة سد النهضة تشهد نقلة نوعية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن إعلان إثيوبيا موعد الافتتاح الرسمي للسد، دفع مصر إلى مزيد من التحركات الدولية لتأكيد موقفها الرافض لأي إجراءات أحادية، والإضاءة على حجم الضرر والمخاطر التي يتعرض لها أمنها المائي، وتكثيف ضغوطها على أديس أبابا».
وفي رأي الطويل فإنه «يمكن أن تنجح التحركات المصرية في دفع الإدارة الأميركية والرئيس دونالد ترمب إلى ممارسة ضغوط على إثيوبيا للتوقيع على اتفاق ملزم بشأن السد يضمن الحقوق المائية لكل من مصر والسودان، بخاصة ما يتعلق بقواعد الملء والتشغيل، وكذلك يضمن عدم إقدام أديس أبابا على إنشاء سدود أخرى بشكل أحادي».
كانت مصر قد أعلنت رفضها دعوة إثيوبيا إلى حضور التدشين الرسمي لـ«سد النهضة» في سبتمبر (أيلول) المقبل، ووصف وزير الخارجية المصري الدعوة الإثيوبية بـ«العبث»، وقال في تصريحات صحافية، الأحد الماضي، إن «مصر تريد اتفاقاً قانونياً ملزماً، فلا يمكن رهن مصالح 110 ملايين مصري، و10 ملايين من اللاجئين، بأهواء أو تصريحات أو وعود شخصية»، مؤكداً أن «أي إجراءات أو إعلانات أخرى ستتم مواجهتها بكل حسم وقوة».
جانب من لقاءات وزير الخارجية المصري مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي (الخارجية المصرية)
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أكد الأسبوع الماضي، الأهمية القصوى لقضية مياه النيل، ووفق الرئاسة المصرية، بحث السيسي مع قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، ملف المياه.
تأتي التحركات المصرية عقب حديث الرئيس ترمب عن «سد النهضة» 3 مرات متتالية خلال نحو شهر واحد، وانتقاده ما قال إنه «تمويل الولايات المتحدة للسد الإثيوبي».
وفي رأي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، فإن التحركات المصرية «تهدف إلى تنبيه الرأي العام العالمي، وبخاصة الولايات المتحدة إلى ضرورة استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الأميركية يمكنها الضغط على إثيوبيا للقبول بتوقيع اتفاق ملزم، إذا توافرت لدى ترمب الإرادة السياسية».
وحسب شراقي، فإن «توقيع اتفاق قانوني ملزم بشأن السد أمر حتمي ووجودي بالنسبة إلى مصر والسودان، حيث سيجنبهما المخاطر الناتجة عن التشغيل دون اتفاق، الذي يهدد أمنهما المائي، وكذلك مواجهة مخاطر قيام أديس أبابا بإنشاء سدود أخرى دون تشاور».