يرى برلمانيون وقانونيون مصريون أن هناك سيناريوهين لقانون «الإيجار القديم» في حال عدم تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه، بعد أن أقره مجلس النواب المصري أخيراً، وسط خلافات بشأنه بين ملاك ومستأجري الوحدات السكنية في مصر.
وأقر مجلس النواب (البرلمان) قانون «الإيجار القديم» بداية شهر يوليو (تموز) الحالي، وسط اعتراض نواب المعارضة، مع استمرار الخلاف بين ملاك ومستأجرين بشأن ما نص عليه التشريع بـ«إنهاء العلاقة الإيجارية الأبدية بين المالك والمستأجر».
وينص القانون المعدل على إنهاء عقود «الإيجار القديم»، بعد سبع سنوات للشقق السكنية، وخمس سنوات لغير السكنية، ما لم يتم الاتفاق على الإنهاء المبكر، مع تشكيل لجان حصر في كل محافظة لتقسيم المناطق إلى متميزة ومتوسطة واقتصادية، وفق معايير تشمل الموقع الجغرافي، ونوعية البناء والمرافق والخدمات، وتحديد الزيادة في الإيجار، ليرتفع إلى 20 ضعفاً في المناطق المتميزة، وبحد أدنى ألف جنيه (نحو 20 دولاراً)، و10 أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية، بحد أدنى 400 و250 جنيهاً على التوالي.
ويعد مشروع قانون الإيجار القديم من المشروعات الخلافية، التي ترتبط بمصير نحو 6 ملايين مواطن، يشغلون وحدات سكنية مؤجرة منذ عشرات السنين بمبالغ زهيدة، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ويترقب ملاك ومستأجرون قرار الرئيس المصري بشأن التصديق على مشروع القانون، وفقاً لنصوص الدستور، وذلك على وقع الخلاف القائم بشأن نصوصه وآليات تطبيقه، في وقت أعلنت فيه الحكومة المصرية «إعداد اللائحة التنفيذية للقانون، تمهيداً لتفعيله وتطبيقه».
ويمنح الدستور المصري الحق لرئيس الجمهورية «التصديق أو الاعتراض على مشروع قانون أقره مجلس النواب خلال 30 يوماً من الموافقة عليه».
وحال تصديق الرئيس المصري على القانون المعدل، سيدخل حيز النفاذ، بعد نشره في «الجريدة الرسمية»، وفق عضو مجلس النواب المصري، مصطفى بكري، الذي قال إن المحكمة الدستورية العليا «أشارت في حكمها الخاص بتعديل نصوص القانون إلى بدء تطبيق القانون المعدل، بعد نشره في الجريدة الرسمية».
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون «الإيجار القديم» أخيراً (مجلس النواب المصري)
وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حكماً بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية للأماكن المرخص بإقامتها لأغراض السكن، وعدّته «عدواناً على حق الملكية»، وعلى أثر ذلك قدمت الحكومة المصرية مشروع قانون للبرلمان لتفادي «بطلان دستوري» للقانون، وبهدف إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.
تصفح أيضًا: لافروف: ممارسات الاحتلال فى الأراضى الفلسطينية تمثل تحديا للمجتمع الدولى
ويرى بكري أن هناك سيناريوهين في حالة عدم تصديق الرئيس على القانون، وقال إن السيناريو الأول يتعلق بـ«إحالة الرئيس القانون مرة أخرى لمجلس النواب لتعديل بعض نصوصه»، مشيراً إلى أنه في هذه الحالة «سيعاد النظر في تعديلات رئيس الجمهورية وإقرارها برلمانياً».
أما السيناريو الثاني فيتعلق بـ«عدم توقيع رئيس الجمهورية على القانون، ونشره في الجريدة الرسمية»، وفق بكري، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه في هذه الحالة «سيتم تطبيق القانون أيضاً».
ووفقاً لنص المادة 123 من الدستور، فإنه «حال اعتراض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب، رده إليه خلال ثلاثين يوماً من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يرد مشروع القانون في هذا الميعاد اُعتبر قانونا وأصدر، وإذا رد في الميعاد المتقدم إلى المجلس، وأقره ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه، اُعتبر قانوناً وأصدر».
ويتفق عضو مجلس النواب المصري، طلعت عبد القوي، مع السيناريوهين، لكنه يرى أنه «حال عدم تصديق الرئيس على القانون سيصبح نافذاً بانتهاء مهلة الـ30 يوماً، المنصوص عليها في الدستور»، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحكومة المصرية تتخذ إجراءات حالية تمهيداً لتفعيل القانون»، ومنها «توفير بدائل سكنية لقاطني الوحدات المؤجرة»، مشيراً إلى تأكيد الرئيس المصري في كلمته بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، أن «الدولة لن تترك مستحقاً لسكن يقع في دوامة القلق على غده».
القانون ينص على إنهاء عقود «الإيجار القديم» بعد سبع سنوات للشقق السكنية (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)
وتستعد الحكومة المصرية لبدء تطبيق قانون الإيجار القديم، وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن «الحكومة تعمل على إعداد اللائحة التنفيذية للقانون، تمهيداً لتفعيله بشكل منظم وفعال»، وأشار في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إلى «تشكيل لجنة حكومية برئاسة وزير الإسكان لوضع الحلول، وتوفير بدائل سكنية لقاطني وحدات الإيجار القديم»، إضافة إلى «إطلاق منصة إلكترونية لتلقي طلبات المستأجرين الراغبين في الحصول على وحدات بديلة».
وفي رأي عبد القوي، فإن إلزام قانون «الإيجار القديم» الدولة بتوفير بدائل سكنية لقاطني الوحدات المؤجرة، «حل جيد لإنهاء الخلاف بشأن الوحدات السكنية المؤجرة بالنظام القديم»، عادّاً أن القانون «نظم العلاقة بين المالك والمستأجر، ولم يلغ العلاقة الإيجارية بين الطرفين».
وفي وقت سابق، قال وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، إن «الحكومة رصدت 238 ألفاً و109 وحدات سكنية جاهزة كسكن بديل لوحدات الإيجار القديم»، وقال إن الوحدات البديلة «موزعة جغرافياً لتلبية احتياجات المواطنين في أماكن قريبة من سكنهم الحالي».
من جهته، يرى الممثل القانوني لمستأجري وحدات سكنية بالإيجار القديم، محمود العسال، أن القانون «بات أمراً واقعاً، رغم وجود سيناريوهات قبل تنفيذه»، وقال إن القانون سيدخل حيز النفاذ، «بغض النظر عن تصديق رئيس الجمهورية عليه من عدمه»، مشيراً إلى أن «هناك تنسيقاً بين الحكومة والبرلمان، ومن ثمّ من الصعب التراجع عن التشريع الجديد».
ورغم ذلك، يرى العسال أن هناك فرصة لوقف تنفيذ القانون، بعد دخوله حيز النفاذ، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يمكن للمستأجرين الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا بعد صدور القانون، والمطالبة بوقف أثره، نتيجة لوجود عقبات في تنفيذ نصوصه».