تبدأ مصر تطبيق منظومة «تتبع الأدوية» مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في خطة سيجري تطبيقها بشكل متدرج وعبر مراحل عدة لمدة 5 سنوات، وسط تساؤلات عن إمكانية نجاح المنظومة الجديدة في الحد من أزمة «نواقص الأدوية» التي تكررت مرات عدة خلال السنوات الماضية.
وقال رئيس «هيئة الدواء» المصرية، علي الغمراوي، مساء الخميس، إن المنظومة الجديدة سيتم تفعيل مرحلتها الأولى خلال نوفمبر المقبل بصفتها خطوة أولى؛ بهدف «ضبط سوق الدواء» ومكافحة التهريب والغش وتحقيق الشفافية في سلاسل الإمداد الدوائي، مشيراً إلى أن «عملية تطبيق المنظومة بالكامل سوف تستغرق ما بين 3 و5 سنوات».
وأضاف أن «نشر القرار الخاص بتطبيق المنظومة خلال الأيام المقبلة في الجريدة الرسمية يمثّل الخطوة الأولى لانطلاقها؛ لتكون مطبّقة بشكل كامل على جميع عبوات الدواء في السوق المصرية، بما يسمح بتتبع كل علبة دواء من لحظة الإنتاج وحتى وصولها إلى يد المريض»؛ الأمر الذي عدّه «معززاً من قدرة الدولة على مواجهة أي مخالفات، ويضمن توفير الأدوية بشكل منظم وآمن».
وعانت مصر خلال العامَيْن الماضيَيْن من «نواقص في الأدوية» على خلفية «أزمة انخفاض سعر الصرف ونقص العملة، ونقص المادة الفعّالة التي تستخدمها الشركات في التصنيع الدوائي، بالإضافة إلى طلب الكثير من الشركات رفع أسعار الأدوية لتعويض الخسائر التي تعرّضت لها»، حسب مراقبين.
«هيئة الدواء» المصرية تسعى لحل مشكلة نواقص الأدوية (وزارة الصحة)
ويُشار إلى أن الدواء في مصر يُعدّ السلعة الوحيدة المسعّرة جبرياً ولا يُسمح بزيادة سعرها، إلا بموافقة رسمية من الجهات الحكومية. وسمحت الحكومة للكثير من الشركات بتعديل أسعار الأدوية، سواء التي تنتجها أو التي تستوردها من الخارج، مع بدء تنفيذ سياسة لتشجيع التصنيع المحلي للدواء ضمن خطة توطين صناعة الدواء، وهي الخطة التي شهدت منذ منتصف العام الماضي وحتى نهاية الشهر الماضي «توطين 47 مادة فعّالة تدخل في تصنيع 133 مستحضراً دوائياً بمختلف الأشكال والتركيزات»، وفق بيانات «هيئة الدواء».
قد يهمك أيضًا: طائرات أردنية وإماراتية تلقي أطناناً من المساعدات على غزة
وقال مساعد رئيس «هيئة الدواء» في مصر، ياسين رجائي، لـ«الشرق الأوسط»، إن جزءاً من منظومة «تتبع الأدوية» بدأ تطبيقه بالفعل داخل عدد من المصانع، وبالتالي لن تكون هناك مشكلة في بدء التطبيق التدريجي، من أجل حل عديد من المشكلات المرتبطة بتوافر الدواء بشكل أساسي، مشيراً إلى أن «المنظومة ستساعد عند اكتمالها في توفير قاعدة بيانات واضحة لدى (الهيئة)، وهو ما يجعل هناك معرفة مسبقة بالأصناف التي يمكن أن تكون ناقصة والمدى الزمني لهذا الأمر، مما يسهل الإتاحة المسبقة وتجنّب الدخول في أي أزمات».
وحسب رجائي، فإن «منظومة التتبع» تعتمد على المصانع والموزعين والصيدليات، الأمر الذي سيُسهم في حوكمة منظومة الدواء وتتبعها بشكل كامل، وسيمنح المواطن إمكانية التأكد من سلامة الدواء الذي يقوم بشرائه لتوافر جميع البيانات الخاصة به من خلال «الباركود» الذي سيُوضع على جميع علب الأدوية.
تعمل «هيئة الدواء» في مصر على تطبيق «منظومة التتبع» بهدف حل مشكلات سوق الدواء بالبلاد (هيئة الدواء)
رئيس «شعبة الأدوية» بالغرفة التجارية في مصر، علي عوف، أشار إلى وجود منظومة التتبع في الكثير من الدول، لافتاً إلى أن المنظومة ستجعل هناك معرفة مستمرة لدى الهيئة بالأدوية والنواقص قبل نفادها بفترة من الأسواق.
وأضاف عوف لـ«الشرق الأوسط»، أن «منظومة التتبع» مكلفة من الناحية المادية على جميع الأطراف، لكن في الوقت نفسه «تحتاج إلى بنية تكنولوجية قوية على مستوى ربوع البلاد من دون استثناء، لأن طريقة تعامل الصيدلية في العاصمة خلال عملية البيع ستضاهي أصغر الصيدليات في القرى والنجوع بالبلاد»، الأمر الذي عدّه صعباً في ظل عدم توافر الأجهزة التكنولوجية اللازمة في الصيدليات والعبء المالي الكبير الذي سوف يتكلفه الصيادلة من دون توفير دعم لهم.
وهنا تحدّث مساعد رئيس «هيئة الدواء» في مصر عن تنسيقات مسبقة مع مختلف الجهات والهيئات المعنية وتحضيرات ودراسة استمرت لسنوات، «من أجل الوصول لرؤية يمكن تطبيقها على أرض الواقع»، مؤكداً أن «جميع العقبات المتوقعة أو التي ستظهر خلال التطبيق في المراحل التدريجية للمنظومة سيتم التعامل معها».