- اعلان -
الرئيسية الصحة واللياقة البدنية ميكروروبوت ذكي لتوصيل الدواء داخل الجسم

ميكروروبوت ذكي لتوصيل الدواء داخل الجسم

0

في ظل تطور متسارع في تقنيات الطب الذكي، برزت الميكروروبوتات بوصفها أحد أبرز الابتكارات الواعدة في مجال توصيل الأدوية داخل الجسم. وتتميّز هذه الروبوتات الدقيقة بقدرتها على التنقّل داخل البيئات الحيوية المعقّدة، مثل الأمعاء ومجرى الدم، والوصول إلى مناطق يصعب على الجراحة التقليدية أو الأدوية الوريدية بلوغها.

والميكروروبوت هو جهاز متناهي الصغر، يمكن توجيهه عن بُعد، ويُستخدم في الطب لتوصيل الأدوية مباشرة إلى موضع الإصابة أو الالتهاب، ما يُقلّل من الحاجة إلى جرعات عالية أو تدخّلات جراحية، ويحدّ من الآثار الجانبية المرتبطة بالعلاج التقليدي.

وعلى الرغم من التقدم الكبير في هذا المجال، لا تزال هناك تحديات تعوق التوسع في استخدام هذه التقنية، من أبرزها محدودية قدرة الروبوتات على حمل كميات كافية من الأدوية أو الخلايا العلاجية دون التأثير على مرونتها وكفاءتها الحركية، فغالباً ما يؤدي دمج المواد الحاملة للدواء إلى زيادة حجم الروبوت أو تقليل مرونته، ما يُصعّب تحرّكه داخل الجسم.

كما أن بعض المواد المستخدمة سابقاً تفقد فاعليتها أو تتعرّض للتلف في البيئات الحيوية، خاصة المواد المغناطيسية المرنة التي قد تفقد مغناطيسيتها أو تتفكك، مما يؤثر على أداء الروبوت بشكل عام.

وللتغلب على هذه العقبات، طوّر باحثون من جامعتَي ميشيغان الأميركية وأكسفورد البريطانية ميكروروبوتات متناهية الصغر تتمتع بقدرة عالية على إيصال الأدوية بدقة إلى المواقع المستهدفة داخل الجسم، ما يُمثّل نقلة نوعية مقارنة بأنظمة التوصيل الوريدي التقليدية التي لا تصل منها سوى نسبة ضئيلة جداً (0.7 في المائة) إلى الأنسجة المستهدفة.

وقد صُممت هذه الميكروروبوتات على شكل جسيمات ثنائية الجانب؛ أحد الجانبَيْن مصنوع من مادة هيدروجيل قادرة على حمل الأدوية أو الخلايا، والجانب الآخر يحتوي على جزيئات مغناطيسية تتيح التحكم الدقيق في حركتها باستخدام مجال مغناطيسي خارجي. وتمتاز هذه الروبوتات بقدرات متعددة على الحركة؛ مثل: الزحف، والمشي، والتأرجح، مما يمكّنها من التنقل بكفاءة داخل الجسم، ونُشرت النتائج، في عدد 4 أغسطس (آب) 2025 من دورية «Science Advances».

نوصي بقراءة: خمسة أطعمة مصنّعة قد تُقلل من خطر الإصابة بالسكري

وقد تم اختبار هذه الروبوتات في نماذج تحاكي الاستخدامات السريرية، مثل توصيل صبغة علاجية إلى مفصل ركبة مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد، بالإضافة إلى تجربة داخل نموذج أمعاء خنزير، حيث أظهرت الروبوتات دقة عالية في التوجيه، وسرعة في الوصول إلى الهدف، مع إمكانية استرجاعها بعد إتمام مهمتها بنجاح.

وتقول الباحثة المشاركة في الدراسة من معهد الهندسة الطبية الحيوية بجامعة أكسفورد، الدكتورة مولي ستيفنز: «تُشكّل دراستنا قفزة نوعية في مجال توصيل الأدوية إلى مواقع محددة داخل الجسم، من خلال تطوير روبوتات دقيقة قادرة على التنقّل بدقة داخل البيئات البيولوجية المعقّدة، مثل الأمعاء، وإيصال الأدوية إلى مواضعها المستهدفة بكفاءة عالية وآثار جانبية أقل».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «ما يميّز هذه الروبوتات هو تصميمها ثنائي الجوانب؛ فهي تحتوي على مادة هلامية مخصصة لحمل الأدوية من جهة، ومكون مغناطيسي يُمكّنها من التحكم في حركتها عن بُعد من الجهة الأخرى. وبعد إيصال الدواء إلى الموقع المطلوب، يمكن استرجاع هذه الروبوتات بأمان، مما يجعلها منصة علاجية قابلة لإعادة الاستخدام وآمنة في الوقت ذاته».

وعن الاستخدامات المستقبلية، أشارت ستيفنز إلى أن هذه التقنية قد تُحدث تحولاً في مجال الطب الشخصي، من خلال تحسين نتائج علاج أمراض مزمنة مثل التهاب الأمعاء، والسرطان، والالتهابات الموضعية، عبر إيصال أدوية متعددة بدقة إلى مواضع مختلفة داخل الجسم. كما يمكن أن تُسهم في خفض معدلات التعرض العام للأدوية، مما يُقلّل من الآثار الجانبية، ويُتيح استخدام جرعات أقل، ويُقلّل الحاجة إلى التدخلات الجراحية أو الإقامة الطويلة في المستشفيات، وهو ما ينعكس على خفض التكاليف الصحية.

وأوضحت أن نتائج الدراسة تمهّد الطريق لتطبيقات طبية تتجاوز توصيل الأدوية؛ إذ أظهرت التجارب قدرة الروبوتات الدقيقة على التنقل بدقة، والتفكيك وإعادة التجميع حسب الحاجة، مما يتيح تصميم أنظمة روبوتية مرنة تتكيّف مع بيئات الجسم المعقدة.

ويمكن استخدام هذه الروبوتات في المستقبل للتشخيص، من خلال جمع عينات من مواقع محددة داخل الجسم، أو حمل مستشعرات للكشف عن مؤشرات حيوية، كما تشير ستيفنز، ويمكن أيضاً توظيفها في ترميم الأنسجة عبر توصيل خلايا جذعية أو عوامل نمو إلى المناطق المتضررة.

ويمكن أيضاً إطلاق هذه الروبوتات من نقاط يسهل الوصول إليها، ثم توجيهها بدقة إلى مناطق يصعب الوصول إليها لتنفيذ مهام علاجية، قبل استرجاعها مرة أخرى، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة أمام تطبيقات الجراحة الدقيقة.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version