- اعلان -
الرئيسية الاخبار العاجلة يوم أربعاء حاسم للأوروبيين لمحاولة «لجم» اندفاعة ترمب «المتساهلة» نحو بوتين

يوم أربعاء حاسم للأوروبيين لمحاولة «لجم» اندفاعة ترمب «المتساهلة» نحو بوتين

0

خابت آمال القادة الأوروبيين في نجاح دعواتهم الملحة لضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى القمة الثنائية المرتقبة، الجمعة، في مدينة أنكريدج (ألاسكا) التي ستجمع للمرة الأولى الرئيسين الأميركي والروسي منذ عودة الأول إلى البيت الأبيض بداية العام الحالي. دونالد ترمب أقفل الباب أمام الأوروبيين وغيرهم ممن أملوا منه أن يعدل موقفه، ويحول القمة الثنائية إلى ثلاثية. وجاء ذلك في مؤتمره الصحافي الكبير، مساء الاثنين، في البيت الأبيض، حيث قال إن زيلينسكي «لم تتم دعوته، وقد سبق له أن شارك في كثير من الاجتماعات خلال 3 سنوات ونصف السنة، لكن شيئاً لم يحدث»، مضيفاً أنه يأمل أن «يكون الاجتماع التالي ثلاثياً» إذا دعت الحاجة لحضوره إلى جانب زيلينسكي وفلاديمير بوتين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل اجتماع بهلسنكي في 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

بيد أن الأوروبيين لن يوقفوا ضغوطهم، بل إنهم يضاعفون حراكهم الدبلوماسي على أعلى المستويات. ومن المنتظر أن يشهد بعد ظهر الأربعاء (بتوقيت أوروبا) تتويجاً لجهودهم من خلال 3 قمم، قمتين إحداهما رئيسية والأخرى «عن بعد»: الأولى، لقادة ما يسمى «تحالف الراغبين» الذي يضم نحو 30 بلداً، بدعوة من الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني. والتحالف المذكور أنشئ لتوفير الدعم لأوكرانيا، خصوصاً لتوفير «الضمانات الأمنية» الصلبة التي تطالب بها كييف لقبول أي اتفاق لإنهاء الحرب بينها وبين روسيا عن طريق مرابطة قوات أوروبية وربما غير أوروبية (بانضمام كندا وأستراليا…) على الأراضي الأوكرانية تكون مهمتها «ردع» أي اعتداء روسي مستقبلي على أوكرانيا.

والقمة الثانية سوف تضم القادة الأوروبيين والحلف الأطلسي، وسيكون محورها الضمانات الأمنية لأوكرانيا إضافة إلى مناقشة الجوانب المتعلقة بطموحات موسكو في السيطرة على مناطق أوكرانية تحتلها راهناً، بيد أن القمة الأهم التي تلتئم بمبادرة من المستشار الألماني فريدريتش ميرتس، بمشاركة الرئيس دونالد ترمب ونائبه جي دي فانس، ستضم 6 قادة أوروبيين الأكثر انخراطاً في الحرب الأوكرانية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبولندا وإيطاليا وفنلندا) إضافة لرئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي والأمين العام للحلف الأطلسي وبمشاركة زيلينسكي الذي أكثر في الأيام الأخيرة من تأكيد أن بلاده «لن تقدم أراضيها هدية للمحتل الروسي». ويستبطن هذا الاجتماع طابعاً «استراتيجياً»؛ لأنه يتناول تحديات رئيسية تحدد مستقبل أوكرانيا، ولكن أيضاً مستقبل القارة الأوروبية بأكملها.

تقول مصادر أوروبية واسعة الاطلاع في باريس إن الأوروبيين يسعون للتعرف على توقعات ترمب من لقائه مع بوتين وتقديم «مقترحات» بشكل «خطة بديلة» تم إيصالها إلى نائبه فانس خلال اجتماع في لندن، السبت الماضي. وسبق للقادة الأوروبيين الستة ورئيسة المفوضية الأوروبية أن حددوا «الخطوط الحمراء» التي يرون أن على الرئيس الأميركي الامتناع عن تجاوزها، وهو ما أكده بيان كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي صدر، الاثنين، بعد اجتماع «عن بعد» دعت إليه بمشاركة جميع وزراء خارجية الاتحاد.

وما يريده الأوروبيون حقيقة هو التأكد من أن ترمب لن يتفاوض مع بوتين على اتفاق ثنائي يضرب بعرض الحائط المصالح الأوكرانية والأوروبية بما فيها الاعتراف بالمكاسب التي حققتها القوات الروسية في أوكرانيا ميدانياً. وسبق لترمب أن أشار عدة مرات إلى «تبادل للأراضي» وأبدى استياءه من تردد زيلينسكي في قبول ذلك. ويريد الأوروبيون تحقيق هدفين: الأول، تحذير ترمب مما قد يعرضه بوتين الذي يصفه زيلينسكي بـ«المخادع» أو بالمسؤول الذي «لا يمكن الوثوق به»، وفق كلام كير ستارمر بمناسبة اتصاله برئيس وزراء كندا. ونبه ستارمر بأن السلام «يجب أن يُبنى مع أوكرانيا، لا أن يُفرض عليها»، وأن مستقبل أوكرانيا «يجب أن يكون مستقبل حرية وسيادة وتقرير مصير».

والهدف الثاني للأوروبيين تجنب «تهميشهم» من خلال إبعادهم عن المحادثات. ويبدو أن رسالتهم المكررة وصلت إلى البيت الأبيض؛ إذ أعلن ترمب أنه «سيُطلع» الأوروبيين وكذلك زيلينسكي على نتائج قمته مع بوتين فور انتهائها. وأخيراً، يريد الأوروبيون الذين يرحبون بجهود ترمب في كل مداخلاتهم أن يعرفوا موقفه من مطلب «الضمانات الأمنية» على أساس أن دولاً رئيسية في «تحالف الراغبين» مثل بولندا وألمانيا وبريطانيا (إلى حد ما) تربط مشاركتها في القوة التي قد ترابط على الأراضي الأوكرانية بحصولها على «ضمانات أميركية»؛ الأمر الذي رفض ترمب الالتزام به حتى اليوم.

تصفح أيضًا: موجات الحر تلاحق السياح حتى البلدان الاسكندنافية

يرى كثير من المحللين أن حظوظ نجاح قمة الجمعة «محدودة» وأنها «غير مضمونة النتائج». وهذا التخوف ليس بعيداً عن البيت الأبيض؛ فالرئيس الأميركي قال في مؤتمره الصحافي إنه يتوقع «محادثات بناءة» مع بوتين، لكنه، في الوقت عينه، لم يكتم تخوفه من الوصول إلى طريق مسدود إذا لم تقبل أوكرانيا، المدعومة أوروبياً، ما يخطط لها من تنازل عن شبه جزيرة القرم ومنطقة الدونباس وربما أيضاً عن مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا، وهي تشكل 20 في المائة من مساحة البلاد.

صورة مركبة تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

وبدا ترمب كأنه بصدد تهيئة الأذهان لفشل القمة؛ ما قد يسمح له بالتنصل من الصراع. وأشار إلى ذلك بقوله: «الآن، قد أرحل وأقول (حظاً سعيداً)، وهذا كل شيء. يمكنني أن أقول: (لن يتم حل هذه المشكلة)». وثمة عنصر آخر ركزت عليه الصحافة الأوروبية، الثلاثاء، ومنها صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية التي ذكرت أن لقاء الساعات الثلاث الذي ضم الرئيس بوتين وستيف ويتكوف، مبعوث ترمب قد يكون شجع الأخير على قبول القمة مع الرئيس الروسي، لكن يبدو أن هذا التشجيع استند إلى «خطأ»؛ حيث إن ويتكوف فهم من بوتين أنه قد يكتفي بقبول السيطرة على منطقتي لوغانسك ودونيتسك بالكامل (التي لا تسيطر عليها قواته تماماً) مقابل استعادة كييف لمنطقتي خيرسون وزابوريجيا».

ومن هنا جاء حديث ترمب عن «تبادل للأراضي». وتقول «لو فيغارو» إنه «تبيّن لاحقاً أن ويتكوف كان مخطئاً تماماً في هذا الشأن، وأن موسكو لن تتنازل عن سنتيمتر واحد من هذين الإقليمين، بل إنها تطالب بالسيطرة على كامل منطقة دونباس مقابل موافقتها فقط… على وقف إطلاق نار بسيط» وهذا الخطأ يضع ترمب في موقف حرج. وفي أي حال، لا يتوقع ترمب أن تأتي القمة بنتائج حاسمة. من هنا، جاء وصفه إياها بـ«الاستشرافية».

ثمة من يرى أن مصلحة بوتين تكمن في «إعطاء شيء ما» لترمب لإبقائه إلى جانبه، ولتحميل أوكرانيا مسؤولية الفشل إذا أصرت على رفض التنازل عن بعض أراضيها. والتصور الأرجح أن يقبل بوتبن سحب قواته من مساحات محددة في مقاطعتي زابوريجيا وخيرسون مقابل سيطرته التامة على لوغانسك ودونيتسك ما سيوفر لترمب إمكانية الحديث عن «تبادل للأراضي» التي كلها أوكرانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترأس اجتماعاً حول القضايا الاقتصادية في موسكو يوم 12 أغسطس (رويترز)

يبدو من الصعوبة بمكان توقُّع ما سيحدث في ألاسكا وما ستكون عليه ردة فعل ترمب خصوصاً أنه بدَّل مقاربته لملف أوكرانيا العديد من المرات ما يقلق شركاءه الأوروبيين. لذا، فإن هؤلاء يرون في قمم الأربعاء «الفرصة الأخيرة» لجذبه إلى معسكرهم الذي لا يحيد عن مرتكزاته والتي أكدها بيان قادة 26 دولة أوروبية (باستثناء المجر)، الثلاثاء. وأول المرتكزات رفض تغيير الحدود الدولية بالقوة واعتبار أن أي «سلام عادل ودائم» يجب أن يحترم القانون الدولي، بما في ذلك مبادئ الاستقلال والسيادة وسلامة الأراضي. وشدد الأوروبيون على دعمهم حق أوكرانيا التي «لا يمكن تقرير مسار السلام فيها بعيداً عنها»؛ إذ إن «لها الحق وحدها في تقرير مستقبلها». أما المفاوضات فلن تكون ممكنة إلا في إطار وقف إطلاق نار أو خفض الأعمال العدائية. وواضح أن شروط أوروبا لا تتطابق مع الرؤية الأميركية. فهل سيأخذ ترمب ببعض منها أم أنه عازم على السير بخطته حتى النهاية من غير الالتفات لما يطلبه شركاؤه؟ الجواب سيتظهر يوم الجمعة المقبل.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version