- اعلان -
الرئيسية الاخبار العاجلة ترمب يشيد بقمة ألاسكا ويُمهّد لمسار تفاوضي جديد

ترمب يشيد بقمة ألاسكا ويُمهّد لمسار تفاوضي جديد

0

في منشورٍ على منصة «تروث سوشيال»، أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بقمة ألاسكا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، واصفاً إياها بـ«النجاح الباهر»، وتمهيداً لما عدَّه مساراً سريعاً لإنهاء حرب أوكرانيا.

وكتب ترمب: «يوم عظيم وناجح للغاية في ألاسكا! سار اللقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ما يُرام، وكذلك المكالمة الهاتفية المتأخرة مع الرئيس الأوكراني (فولوديمير) زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين، بمن فيهم الأمين العام لحلف الناتو الذي يحظى باحترام كبير». وأضاف: «لقد اتفق الجميع على أن أفضل سبيل لإنهاء الحرب المروعة بين روسيا وأوكرانيا هو التوجه مباشرةً نحو اتفاقية سلام تُنهي الحرب، وليس مجرد وقف إطلاق نار غالباً ما لا يصمد».

وأعلن ترمب أن الرئيس زيلينسكي سيزور واشنطن الاثنين، للقائه في المكتب البيضاوي، مضيفاً: «إذا سارت الأمور على ما يُرام، سنحدد موعداً لاجتماع مع الرئيس بوتين، وهو ما قد يُنقذ ملايين الأرواح». وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، السبت، نقلاً عن مسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى أن قادة أوروبيين تلقوا كذلك دعوة لحضور اجتماع الاثنين، بين ترمب وزيلينسكي.

وأشار ترمب إلى تركيزه على إبرام اتفاق سلام شامل بدلاً من وقف إطلاق نار هش، مُلمّحاً إلى قمة ثلاثية محتملة. لكنه اعترف بأن القمة لم تُسفر عن اتفاقيات ملموسة أو إعلان لوقف إطلاق نار، مع استمرار الغموض بشأن التنازلات التي قد يطالب بها موسكو وكييف، وطبيعة الضمانات الأمنية التي قد تمنحها واشنطن والأوروبيون لأوكرانيا. وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، قال ترمب إن الطرفين اتفقا على «العديد من النقاط»، لكن «بقيت نقطة أو نقطتان عالقتان» لم يُكشف عنهما.

رغم التفاؤل الذي أبداه ترمب، أشار منشوره إلى مشهد دبلوماسي معقّد وتحدّيات جيوسياسية مرتقبة، حيث ستكون زيارة زيلينسكي للبيت الأبيض في 18 أغسطس (آب) محطة محورية تُؤطّر مسار التفاوض حول إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية، وتكشف عن طبيعة التفاهمات التي توصّل إليها ترمب وبوتين في ألاسكا. وتخشى كل من كييف والعواصم الأوروبية فشل واشنطن في فرض ضغوط حقيقية على موسكو بعد حفاوة الاستقبال الذي حظي به بوتين في أنكوريدج، كما أثارت الزيارة تساؤلات حول ما قد يُقدّمه ترمب لكييف من ضمانات أمنية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع ترمب بألاسكا (د.ب.أ)

وتشير مصادر في البيت الأبيض إلى أن المحادثات مع زيلينسكي ستُركّز على الضمانات الأمنية، بما في ذلك بدائل خارج إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو). ورغم الارتياح النسبي في العواصم الأوروبية لاقتناع ترمب بضرورة إشراك كييف في المفاوضات، أحيت تصريحاته لشبكة «فوكس نيوز» بعد القمّة، حول تبادل محتمل للأراضي، مخاوفهم.

وأشار ترمب في مقابلة مع شون هانيتي، من «فوكس نيوز»، إلى أنه ناقش مع بوتين إمكانية تبادل الأراضي وتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، وقال: «أعتقد أن هذه نقاط تفاوضنا بشأنها، وهذه نقاط توافقنا عليها إلى حد كبير». وأضاف: «أعتقد أننا قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق… يجب أن توافق أوكرانيا على ذلك. ربما سيقولون لا». وعندما سأله هانيتي حول ما سينصح به زيلينسكي، قال ترمب: «يجب التوصل إلى اتفاق». وأضاف الرئيس الأميركي: «انظر، روسيا قوة كبيرة جداً، وهم (أوكرانيا) ليسوا كذلك».

محادثة بين ترمب وبوتين عقب المؤتمر الصحافي المشترك يوم 15 أغسطس (إ.ب.أ)

ويقول محللون عسكريون إن الحرب أسفرت عن مقتل أو إصابة أكثر من مليون شخص من كلا الجانبين، بمن في ذلك آلاف المدنيين ومعظمهم أوكرانيون. وأكد زيلينسكي ضرورة الحصول على ضمانات أمنية لأوكرانيا تردع روسيا عن شن هجوم جديد في المستقبل. وقال إنه وترمب ناقشا «إشارات إيجابية من الجانب الأميركي» بشأن الاضطلاع بدور في هذا الصدد.

في المقابل، لم يُشر بوتين إلى أي تغيير في المواقف التي تنتهجها روسيا منذ فترة طويلة إزاء الحرب، لكنه قال إنه يتفق مع ترمب على ضرورة «ضمان» أمن أوكرانيا. وقال بوتين في المؤتمر الصحافي المشترك: «آمل أن يُمكّننا التفاهم الذي توصلنا إليه من الاقتراب من هذا الهدف وفتح الطريق أمام السلام في أوكرانيا». وأضاف: «نتوقع من كييف والعواصم الأوروبية أن تنظر إلى كل هذا بنظرة بنَّاءة، وألا تضع عقبات، وألا تحاول عرقلة التقدم المُحرز من خلال الاستفزاز أو المؤامرات الخفية».

ترمب يرحب ببوتين خلال لقائهما للتفاوض في قاعدة «إلمندورف ريتشاردسون» المشتركة في ألاسكا (إ.ب.أ)

اقرأ ايضا: ألبانيزي تتعهد مواصلة عملها بشأن الأراضي الفلسطينية رغم العقوبات الأميركية

ويأمل الجمهوريون أن يُسفر لقاء ترمب-زيلينسكي، الاثنين، عن تحديد أوضح للخطوط الحمراء الأوكرانية، تمهيداً لقمة محتملة مع بوتين إذا «نجحت الأمور». وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي قدّم مقترحات لعقوبات جديدة على روسيا: «أنا متفائل بحذر أن هذه الحرب يمكن أن تنتهي قبل عيد الميلاد. إذا عُقد اجتماع ثلاثي بين ترمب وبوتين وزيلينسكي فقد نرى النهاية قريبة، أما إذا لم يحدث، فأعتقد أن الرئيس ترمب سيفرض عواقب وخيمة على بوتين وعلى من يشترون نفطه وغازه».

انقسم الخبراء الأميركيون حول نتائج قمة ألاسكا؛ فالبعض عدَّها محاولة لإعادة ضبطٍ براغماتية للعلاقات الأميركية – الروسية، بينما رأى آخرون أنها تنازُل محفوف بالمخاطر أمام عدوان بوتين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد هبوط الطائرة الرئاسية بقاعدة أندروز الجوية بولاية ماريلاند آتيةً من أنكوريدج في ألاسكا (أ.ف.ب)

في المؤتمر الصحافي الذي خلا من الأسئلة، أشاد الزعيمان بمحادثاتهما؛ فوصفها ترمب بأنها «مثمرة للغاية»، مشيراً إلى اتفاق على «كثير من النقاط» مع بقاء بعض العقبات، فيما ركّز بوتين على «الجو البنّاء» وألمح إلى تفاهمات أولية بشأن أوكرانيا. لكن ترمب أقرّ بأنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق جوهري، ولم يُعلن عن اختراق في قضايا أساسية مثل انسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية، أو دور الناتو، أو العقوبات، مما دفع البعض إلى وصفها بـ«قمة بلا اتفاق».

يرى خبراء أن القمة منحت بوتين انتصاراً رمزياً كبيراً؛ إذ كسرت عزلة روسيا وعززت مكانتها على الساحة الدولية دون أن يحصل ترمب على أي تنازلات مقابلة.

بوتين لدى مغادرته ألاسكا عقب المؤتمر المشترك يوم 15 أغسطس (إ.ب.أ)

ويشير مايكل كوفمان، الزميل البارز في مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، إلى أن الاستقبال الحار الذي حظي به بوتين -من السجادة الحمراء إلى مرافقة المقاتلات وصولاً إلى ركوبه سيارة ترمب الرئاسية- عزّز صورة موسكو عالمياً دون مقابل ملموس. وقال كوفمان: «سيطر بوتين على المشهد، مُحيّداً محادثات وقف إطلاق النار عبر التلويح باتفاق أوسع يمنح قواته وقتاً». وأبدى مخاوف من أن القمة شرعنت الغزو الروسي لأوكرانيا.

بدوره، وصَف ماكس بيرغمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، اجتماعات ترمب-بوتين بأنها «كانت مسرحية أكثر من كونها مفاوضات»، مُحذراً من أن «التقدم» المبهم قد يخفي تآكل النفوذ الأميركي على الساحة الدولية.

وأثار غياب أي إشارة إلى وقف للقتال، ولو مؤقتاً، غضباً واسعاً. وقالت أنجيلا ستنت، مديرة مركز «الدراسات الأوراسية والروسية» بجامعة «جورج تاون»: «لقد أضاع ترمب فرصة كبيرة لإنقاذ الأرواح فوراً. ومن خلال سعيه وراء صفقة كبيرة، يُخاطر بإطالة المأساة».

جانب من المؤتمر الصحافي المشترك بين ترمب وبوتين يوم 15 أغسطس (رويترز)

على الجانب الإيجابي، رأت فيونا هيل، المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي في عهد ترمب والباحثة في معهد «بروكينغز»، أن التقارب الشخصي بين ترمب وبوتين قد يُسهم في تسهيل المحادثات المستقبلية. وقالت إن «تركيز ترمب على اتفاق سلام شامل يتماشى مع مخاوف بوتين الأمنية، وقد يُساعد على سدّ الفجوات إذا وافق زيلينسكي».

ويتفق أغلب الخبراء الأميركيين على أن قمة ألاسكا كانت مغامرة عالية المخاطر، حقّقت مكاسب رمزية لروسيا، لكنها لم تُفضِ إلى نتائج فورية ملموسة. وستُظهر الأيام المقبلة، مع زيارة زيلينسكي للبيت الأبيض، ما إذا كانت وعود ترمب ستتحول إلى دبلوماسية فعلية أم تنتهي إلى طريق مسدود.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version